القى الدكتور احمد قوراية محاضرة ''ثقافة السلم والمواطنة بين الواقع والآفاق'' اول امس بولاية بومرداس وذلك في اطار المنتدى الوطني لتنمية ثقافة المواطنة، تناول فيها مواضيع مختلفة منها نشر ثقافة السلم والمواطنة، التي تتطلب حسبه الجدية في النقاش كما تتطلب النضال، المثابرة، العمل واليقظة، كما يرى المحاضر ان تحديات العولمة والرهانات الجديدة انعكست في بعض الأحيان سلبا على ثقافة المواطن . وحاول المحاضر احمد قوراية تحديد مفهوم ثقافة السلم والمواطنة وقال انها ''تعني ذلك الكل المعقد الذي يحمل كل معرفة وكل عقيدة وفن وأخلاق وقانون وعرف، وكل تعبيرات وقدرات وأنشطة أخرى يكتسبها ويمارسها المواطن باعتباره عضوا في المجتمع. فالمواطن بحقوقه، فإن كان يملك كل حقوقه كان كامل المواطنة ويعيش في كنف السلم والإستقرار، وإن انتقص له حق من حقوقه كان في ذلك انتقاص من مواطنته وإزدادت همومه وظهرت نفسيته بالقلق في سلوكه الحياتي. وكلما تعددت الحقوق التي تسلب من المواطن، يكون الانتقاص من مواطنته وتهديدا لحياته السعيدة بنسبة ذلك المقدار:''. واكد المحاضر أن ثقافة السلم والمواطنة تشمل كل ما يمكن أن تحققه جماعات المواطنين بما يتضمنه ذلك من لغة ودين وصناعة وفن وعلم وقانون وأخلاق والعيش الهنيئ، فضلا عن الآلات المادية والمصنوعات التي تنسجم فيها عناصر ثقافية للمواطن دون غيرها. واعتبر احمد قوراية ان مفهوم ثقافة السلم يختلف بمعناه الاجتماعي العلمي كثيراً عن مفهوم بالمعنى العام، واضاف قائلا '' يتضمن كل ما يمكن أن يكتسب عن طريق العلاقات السعيدة بين المواطنين المتداخلة، كما يتضمن اللغة والعادات والتقاليد والنظم الاجتماعية في إطار السلم والإستقرار. وقد ظهر هذا المفهوم للثقافة والسلم في ضوء النظرية المتكاملة والشاملة للعملية التربوية للفرد.'' واشار ايضا الى ان ثقافة السلم والمواطنة مكتسبة وقابلة للتعلم، لا يولد بها الإنسان فهي عملية نفسية اجتماعية يشترك فيها أعضاء الجماعات من المواطنين، وتعمل ثقافة السلم والمواطنة على إشباع الحاجات والرغبات والميول للمواطنين . يرى احمد قوراية ان الواجب على الباحثين والمفكرين ان يكونوا ناقدين لهموم المجتمع وكنخبة مثقفة، أن يثيروا النقاش والبحث حول إشكالية ثقافة السلم والمواطنة الفعالة والعمل على إيجاد حلول ناجحة لجعل ثقافة المواطنة السعيدة (كالأم المقدسة) وقال ''ينبغي الاهتمام بها والحفاظ عليها في كل الظروف اليسيرة والعسيرة منها والتفكير في مساهمة لتطوير الوطن وإمكانية صناعة المواطن الفخور الذي يعتز بوطنيته وجزائريته في إطار المصالحة مع الذات والمصالحة مع الوطن ومع المواطنين، و العمل عبر التحسيس وتثقيف المواطن لمحاربة بعض الظواهر الاجتماعية السلبية مثل الهجرة السرية'' الحراقة'' وظاهرة تعاطي المخدرات، أضف إلى ذلك حالة اليأس التي تؤدي إلى أمراض نفسية وعقلية وقد تتطور الأخيرة إلى تفاقم ظاهرة الإنتحار التي تسيء إلى المواطنة أخيرا.'' ويعتقد الدكتور أن تحديات النظام الدولي الجديد جاء بمضمون يغتصب ثقافة السلم والمواطنة، ويغرس ثقافته التي يريدها من خلال استعمار حديث متطور في قالب جديد وأبرز أسلحته التي نشرها على الساحة الإعلامية بالدرجة الأولى في الهوائيات وهي حرب إعلامية بالمنظور جديد يفرض علينا من خلالها نمطا ونموذجا دخيلا وغريبا عن أصالتنا .. واكد المحاضر الى إن العولمة جعلت العالم عبارة عن قرية صغيرة تحمل ثقافة معولمة ومبرمجة مسبقا من طرف مخابر وصناع العولمة، واضاف قائلا ''وهذا ما يجعلنا نفكر في انتفاضة ثقافية يفجرها المواطن ثقافيا وإجتماعيا وعلميا. قصد الحفاظ على أصالتنا ووطنيتنا وهويتنا وديننا وثقافتنا والمصالحة فيما بيننا، وأن نبقى على يقظة وأن لا ننسلخ ونذوب هكذا دون أن نفعل شيئا، ولن يكون هذا إلا بالعمل عبر التحسيس الهادف والتوعية البناءة، لأننا شعب محترم وأصيل يحمل تاريخا ثقيلا ومقدسا له جذور تفتقدها بعض الدول العظمى، فهل يمكن للتاريخ أن يخفي طلب أمريكا الاعتراف بوجودها لدى الدولة الجزائرية !!! . وعدد احمد قوراية المشاكل التي يعيشها المواطن الجزائري وهي : شبح البطالة، تعاطي المخدرات، اللجوء الى الهجرة السرية ( الحراقة). والظاهرة الجديدة في مجتمنا وهي اليأس الذي عمم ظاهرة الإنتحار التي أضحت تمس الشاب والشيخ على السواء. ودعا النخبة المثقفة الى ضرورة خدمة المواطن وغرس روح ثقافة السلم والمواطنة. واستعرض نماذج عن ثقافة المواطنة في الجزائر عبر التاريخ ووصفها بالممتازة وقال '' اننا ندعم المشروع الحضاري ''السلم والمصالحة الوطنية '' كون هذا المشروع يعمل على نشر ثقافة التسامح والصلح ، ولهذه الأسباب وإيمانا منا كمواطنين وكمثقفين يجب أن نساهم في بناء ثقافة السلم والمواطنة، وأن نقوم بواجبنا في الدعم والتحسيس وتجنيد كل المواطنين كواجب وطني وكحق.