يعود الفنان السوري أيمن زيدان إلى المسرح بقصة لطاهر وطار تختبر ردود فعل البشر عند عودة الشهداء إلى الحياة، فقد شهدت خشبة مسرح الحمراء بدمشق يوم الخميس الفائت العرض الأول لمسرحية ''راجعين'' التي اقتبسها وأخرجها أيمن زيدان عن قصة الكاتب الجزائري طاهر وطار ''الشهداء يعودون هذا الأسبوع''. القصة كتبها الأديب الراحل طاهر وطار لتحكي حال الجزائر بعيد الثورة، حيث يطرح سؤالا افتراضيا فحواه كيف سيتصرف الناس لو عاد الشهداء إلى الحياة؟ وكيف سيستقبلونهم؟ ليفضح عبر هذا الافتراض كيف يتكسب الناس من دم هؤلاء، وليصل إلى القول ''لا أحد يرحب بعودتهم، لا المخلص ولا الانتهازي، لا المناضل ولا الخائن''. بطل المسرحية العجوز (يؤديه الفنان محمد حداقي) تصله رسالة من ولده الشهيد يخبره فيها أنه سيعود ومعه كل الشهداء هذا الأسبوع.. يحمل الأب الخبر، ويحوله إلى سؤال بوجه الناس والمسؤولين، كيف ستتصرف دائرة النفوس التي وضعت هؤلاء الشهداء في سجل الأموات فيما هم أحياء عند ربهم، وكيف سيفكر ابن الخائن الذي يعتقد أن ذلك الشهيد هو من اغتال والده.. وهكذا وصولا إلى المسؤول الحزبي المهموم بجمع الاشتراكات المالية، الذي كان جوابه أن الإجراء الذي يجب أن يتخذ هو ضم غير الحزبيين من الشهداء إلى صفوف الحزب، ثم يوضح الآلية التي يجب اتباعها من أجل ترقيتهم إلى أعضاء عاملين في الحزب. لكن الإجابة الموجعة تأتي حين ينصح الشهداء أن يبقوا في أماكنهم في السماء، إذ إن عودتهم ستربك الناس، وتجردهم من الامتيازات التي حصلوا عليها برحيل الشهداء، وينصح الأب العجوز بأن يكتفي بالشرف الذي يمنحه له أن يكون ابنه شهيدا. وتنتهي المسرحية بشكل مؤلم حين يعتقل والد الشهيد صاحب الرسالة، باعتباره يخفي وراءه حركة ما. وقال الفنان أيمن زيدان ''القصة تحمل سؤالا افتراضيا مجنونا، ووجدت أن المقاربة تخص كل شهداء المنطقة العربية، ولكنني اخترت أن تجري أحداث الحكاية بعد حرب أكتوبر 1973 لأنها آخر الحروب العربية''. وأضاف زيدان ''إنها دعوة لاحترام دماء الشهداء، ولكي يبقى الجيل الجديد يمتلك الرغبة بالتضحية مستقبلا''. وإذا كانت المسرحية قدمت بقالب كوميدي وغنائي، فإن زيدان فسر ذلك بالقول ''لم أرد أن أقدم مادة ميلودرامية فجائعية، بل عرضا فرجويا شعبيا''، وأضاف ''ثم هذه هي طريقتي بالتعبير، كما أنك لا تستطيع أن تقول لرسام كاريكاتير أن يرسم بأسلوب آخر''. ومن بين حضور العرض الأول المخرج مأمون الخطيب الذي قال ''العمل محاولة لإعادة الجمهور إلى المسرح عبر نص وإخراج وأداء يقترب من المسرح الشعبي''. واعتبر الخطيب أن ''التبسيط مقبول هنا لجذب فئات جديدة إلى المسرح، ولنشر ثقافة ارتياد المسرح، مع الإيمان بضرورة وجود كافة أنواع النصوص والمخرجين وحتى المتفرجين''. لكن الكوميديا ليست كل شيء، فقد عمد المخرج زيدان في مسرحيته إلى أسلوب المسرح الغنائي.