أعاد الفنان السوري أيمن زيدان بعث الحياة في المجموعة القصصية ''الشهداء يعودون هذا الأسبوع'' للروائي الجزائري الراحل الطاهر وطار من خلال اقتباسها للمسرح وفق أسلوب غنائي حملت عنوان ''راجعين'' قدّمت مؤخّرا على خشبة ''مسرح الحمراء'' بالعاصمة السورية دمشق، وجاءت من بطولة ممثلين قديرين هم محمد حداقي، أدهم مرشد وزهير عبد الكريم. "الشهداء يعودون هذا الأسبوع'' كتبها وطار عام ,1973 وأخرجها للمسرح زياني شريف عياد وحازت على ''التانيت الذهبي'' لأيام قرطاج المسرحية عام ,1987 وعكست هذه المسرحية سلبيات النظام واستند فيها على الواقع، حيث كتبها وطار لتحكي حال الجزائر بعيد الحرب، حيث يطرح سؤالا افتراضيا فحواه كيف سيتصرّف الناس لو عاد الشهداء إلى الحياة؟، وكيف سيستقبلونهم؟ ليفضح عبر هذا الافتراض كيف يتكسّب الناس من دم هؤلاء، وليصل إلى القول ''لا أحد يرحّب بعودتهم، لا المخلص ولا الانتهازي، لا المناضل ولا الخائن". وأوضح الفنان أيمن زيدان الذي يعود للفن الرابع بعد غياب ثلاث سنوات بالعمل المقتبس عن نص وطار أنّ ''القصة تحمل سؤالا افتراضيا مجنونا، ووجدت أنّ المقاربة تخصّ كلّ شهداء المنطقة العربية، ولكنّني اخترت أن تجري أحداث الحكاية بعد حرب أكتوبر 1973 لأنّها آخر الحروب العربية''، وأضاف ''إنّها دعوة لاحترام دماء الشهداء، ولكي يبقى الجيل الجديد يمتلك الرغبة بالتضحية مستقبلا". وأكّد صاحب مسرحية ''سوبر ماركت'' أنّ ما يقدم على خشبة المسرح هو إسقاط على الشارع العربي بكل مشاكله وهمومه، واعتبر أنّ المسرح هو الأكثر صدقاً في التعبير عن الحياة في الدول العربية، والموضوع الذي تطرحه المسرحية يُعد من أهم القضايا، فالمسرحية التي تندرج في إطار جذاب، تشكّل دعوة لتكريم الشهداء، كما أنّها تطرح أسئلة عدة من قبيل ''إذا عاد الشهداء اليوم كيف يمكن أن يعاصروا الواقع؟ وكيف يتعاطون مع ما ضحوا من أجله؟". بطل المسرحية العجوز (محمد حداقي) تصله رسالة من ولده الشهيد يخبره فيها أنه سيعود ومعه كلّ الشهداء هذا الأسبوع.. يحمل الأب الخبر، ويحوّله إلى سؤال بوجه الناس والمسؤولين، كيف ستتصرّف دائرة النفوس التي وضعت هؤلاء الشهداء في سجّل الأموات فيما هم أحياء عند ربّهم، وكيف سيفكّر ابن الخائن الذي يعتقد أنّ ذلك الشهيد هو من اغتال والده.. وهكذا وصولا إلى المسؤول الحزبي المهموم بجمع الاشتراكات المالية، الذي كان جوابه أنّ الإجراء الذي يجب أن يتّخذ هو ضمّ غير الحزبيين من الشهداء إلى صفوف الحزب، ثم يوضح الآلية التي يجب إتّباعها من أجل ترقيتهم إلى أعضاء عاملين في الحزب..لكن الإجابة الموجعة تأتي حين ينصح الشهداء أن يبقوا في أماكنهم في السماء، إذ إنّ عودتهم ستربك الناس، وتجرّدهم من الامتيازات التي حصلوا عليها برحيل الشهداء، وينصح الأب العجوز بأن يكتفي بالشرف الذي يمنحه له أن يكون ابنه شهيدا..لتنتهي المسرحية بشكل مؤلم حين يعتقل والد الشهيد صاحب الرسالة، باعتباره يخفي وراءه حركة ما. وإذا كانت المسرحية قدمت بقالب كوميدي وغنائي، فإنّ زيدان فسّر ذلك بالقول ''لم أرد أن أقدّم مادة ميلودرامية فجائعية، بل عرضا فرجويا شعبيا''، وأضاف ''ثم هذه هي طريقتي للتعبير، كما أنّك لا تستطيع أن تقول لرسام كاريكاتير أن يرسم بأسلوب آخر".