للعام الثاني على التوالي، تحول محصول التمر الوفير في الجنوب إلى قضية تؤرق المزارعين، الذين تعالت تحذيراتهم من ضياع "الغلة"، بعد عجزهم عن تسويقها منذ بداية موسم جني التمور الذي بدأ في أوت وينقضي بنهاية نوفمبر الحالي. ويتوقع ناشطون في مجال الفلاحة، أن يتجاوز محصول الموسم الحالي ما تم إنتاجه في العام الماضي والبالغ 900 ألف طن، وكذلك عام 2015 الذي سجل 800 ألف، ما يجعل السنة الحالية من بين أكثر السنوات إنتاجا. وقال كمال غبريني، رئيس اتحاد منتجي التمور في الجزائر، إن "الاتحاد يتوقع جني 1.1 مليون طن من التمور هذا العام من الولايات ال 17 المعنية بإنتاج التمور". وأضاف غبريني أن المحصول موزع على 360 نوعا بإضافة 60 نوعا عن العام الماضي، منها ثلاثة أنواع واسعة الاستهلاك".وتحصي الجزائر قرابة 18.6 مليون نخلة مغروسة على مساحة 167 ألف هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع)، حسب الأرقام الصادرة عن وزارة الفلاحة نهاية 2016، ما جعلها من أكثر الدول إنتاجا للتمور بحوالي 14% من الإنتاج العالمي.وتعتبر بسكرة الأولى على مستوى الدولة من حيث الإنتاج، حيث توفر وحدها قرابة 42% من إجمالي الإنتاج، تليها الوادي بحدود 25% من الإنتاج. إلا أن هذه الوفرة في محصول التمور، وإن كان المزارعون والمنتجون معتادين عليها في كل عام، أضحت تشكل لهم كابوسا متكررا، في ظل تراجع الطلب المحلي.وكما حدث العام الماضي، طالب الفلاحون الحكومة بسرعة التدخل لإنقاذ محاصيلهم من التلف، فيما سارع العديد منهم إلى تخزين تمورهم في غرف التبريد، إلى حين إيجاد زبائن محليين أو أجانب.وتجد الجزائر صعوبة كبيرة في تسويق تمورها ذات الجودة العالية، إذا لا يغادر التراب الجزائري إلا ما يعادل 15% فقط، وفق البيانات الرسمية. وقال عبد المجيد خبزي، مدير غرفة التجارة والصناعة بولاية بسكرة، إن "الجزائر صدرت السنة الماضية ما يعادل 36 مليون دولار فقط من التمور، وهو رقم لا يعكس حجم الإنتاج المحلي الكبير".وأرجع خبزي تدني الصادرات إلى عدة عوامل منها "غياب شبكات نقل محترفة ومتخصصة في نقل التمور، بالإضافة إلى مشكلة التغليف، إذ رفضت العديد من الدول دخول التمور الجزائرية إلى أسواقها ليس بسبب الجودة والنوعية، وإنما بسبب مخالفة العلب لمعايير التخزين في الأسواق الأوروبية".وأضاف أن "غياب مصانع التحويل الغذائي جعل الجزائر تفقد الملايين من الدولارات سنويا، فالتمر الجزائري يباع بما يتراوح بين 2 و3 يورو للكيلوغرام الواحد إلى فرنسا، التي تعيد مصانعها بيعه كمربى وسكر تمر بنحو 9 يورو للعلبة الواحدة".وتعتبر فرنسا السوق الأجنبية الأولى للتمور الجزائرية، إذ تصدر الجزائر ما يقارب 10 آلاف طن سنويا لها، ونحو ثلاثة آلاف طن لروسيا الفيدرالية و1600 طن للإمارات و1100 طن للهند، وحوالي ألف طن للولايات المتحدة، بمعدل سعر يبلغ 500 دولار للطن الواحد في المتوسط من نوع "تمر النور" الذي تشتهر به الجزائر.