كشفت نائب مدير الأمراض غير المعدية بوزارة الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات جميلة نذير، عن إحصاء 44 ألف و 800 حالة إصابة بالسرطان عام 2016 وتوقعت ذات المسؤولة ارتفاعا يصل إلى 62 ألف حالة في 2025. وأرجعت ذات المسؤولة بحسب تصريحاتها عبر الإذاعة الوطنية أسباب ارتفاع عدد المصابين بداء السرطان إلى نقص الوقاية و اتباع نمط غذائي خاطيء ناهيك عن إغفال جانب الكشف المبكر.واستنادا لدراسة قامت بها وزارة الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات في 2017 بالتعاون مع المنظمة العالمية للصحة حول تقييم عوامل الخطر عند المواطن الجزائري فقد تبين أن نسبة الخمول تمثل 25 بالمئة وأن المجتمع الجزائري عموما لا يتناول الخضروات و الفواكه بالشكل الكافي بسبب سلوكات غذائية خاطئة ، فالمنظمة العالمية للصحة تنصح بتناول 3 ثمرات من الخضار و ثمرتين من الفاكهة يوميا وهو ما يفعله سوى 14.9 بالمئة من المواطنين الجزائريين .فئة قليلة فقط تحترم القواعد الصحية الصحيحة ما يفسر حسب المديرة الفرعية ارتفاع عدد المصابين بالسرطان سنويا في بلادنا داعية إلى ضرورة الالتزام بالوقاية الذاتية و تفادي التدخين الذي يجنب من 60الى 70 بالمئة من سرطانات الجهاز التنفسي . و عادت ممثلة وزارة الصحة و السكان و إصلاح المستشفيات إلى التذكير بدور اللجنة المتعددة القطاعات للوقاية ومحاربة الأمراض غير المتنقلة التي استحدثت في 2016 بإشراك 15 قطاعا ،حيث تم في هذا الإطار مراجعة 12 نصا تشريعيا بالتعاون مع وزارتي التجارة و الصناعة خلال السنتين الفارطتين بخصوص المواد الغذائية التي تشكل ضررا على الصحة و المتعلقة بتركيز الملح و السكر و المواد الدسمة . تحقيق نسبة 70 بالمائة من أهداف المخطط الوطني لمكافحة السرطان أكد الأستاذ مسعود زيتوني المكلف بمتابعة وتقييم المخطط الوطني لمكافحة السرطان 2015/ 2019 الذي اقره رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أنه تم تحقيق على أرض الواقع نسبة 70 بالمائة من هذا المخطط الذي يعرف تطبيقه عدة عراقيل خاصة فيما يتعلق بالوقاية القاعدية و بمرافقة المرضى و خاصة الاطفال منهم.وأوضح الأستاذ زيتوني في حديث لواج عشية إحياء اليوم العالمي لمكافحة السرطان الذي يصادف 4 فبراير خلال تقييمه الأولي للمخطط انه "تم تحقيق نسبة 70 بالمائة منه وأنه لا يمكن القيام بالتقييم الحقيقي لهذا البرنامج إلا بعد استكمال جميع المراحل وانتهاء المدة المتبقية منه أي الى غاية نهاية 2019 أو بداية 2020 ".وأكد بالمناسبة أن هذا المخطط المتضمن 8 محاور رئيسية قد سلط الضوء على 4 انواع من السرطان والتي تمثل لوحدها نسبة 50 بالمائة من مجموع الأنواع المنتشرة بالجزائر والمقدرة استنادا إلى السجل الوطني للسرطان ب 50 ألف حالة جديدة سنويا, النسبة الكبيرة منها تخص سرطان الثدي والقولون والمستقيم والرئة والبروستات.وللتخفيض من معدل الإصابات بهذه الأنواع الأربعة أشار ذات الخبير إلى حملات الكشف المبكر لسرطان الثدي التي أطلقتها وزارة الصحة في إطار هذا المخطط ب7 ولايات نموذجية و هي بسكرة والأغواط وتيبازة وقسنطينة وجيجل وبومرداس وتلمسان وأخرى فيما يتعلق بسرطان القولون والمستقيم بثلاث ولايات نموذجية بكل من عنابة وباتنة وبجاية.واعتبر هذين النوعين من السرطان من بين الأنواع التي يمكن التخفيض منها عن طريق الوقاية القاعدية والكشف المبكر والتغذية السليمة مشيرا بالمناسبة على سبيل المثال إلى تسجيل بين 13 إلى 14 ألف حالة جديدة لسرطان الثدي الذي يتصدر القائمة ويصيب نساء في مقتبل العمر في سن ال40 فما فوق منهن 80 إلى 90 بالمائة تتقدمن إلى العلاج في المراحل الأخيرة للمرض عكس الدول المتقدمة التي يظهر فيها المرض من سن 55 فما فوق.وأوضح الأستاذ زيتوني في هذا الإطار أن الأبحاث العلمية لم تهتم فيما سبق بالأسباب الحقيقية لهذه الإصابة كاشفا عن تنصيب لجنة عليا بوهران اسندت اليها هذه المهمة إلى جانب بعض الأطروحات الجامعية التي انكبت حول هذا الموضوع والتي ستكشف خلال السنوات القادمة عن الأسباب الحقيقية لانتشار الداء لدى الفئات الشابة, داعيا إلى "اتخاذ اجراءات تنظيمية جديدة لإعطاء انطلاقة جديدة للمنظومة الصحية بصفة عامة والسرطان بصفة خاصة للقيام بحملات التشخيص المبكر على اسس علمية تعطي ثمارها".وفيما يتعلق بتحسين العلاج ومتابعة المريض ثمن الأستاذ زيتوني التحسن المسجل في العلاج الكيمائي الذي بلغت المصالح التي تتكفل به حوالي 100 مصلحة عبر القطر, متأسفا في ذات الوقت عن التبذير المسجل في هذا المجال والذي تراوح حسب معطيات وزارة الصحة بين 20 إلى 30 بالمائة وداعيا إلى "ضرورة تجنيد مهنئي الصحة لضمان المتابعة الجيدة والتنسيق فيما بينهم لمراقبة هذا النوع من العلاج المكلف بدءا من استيراده من المخابر الأجنبية إلى غاية ادراجه للمريض". أما بخصوص العلاج بالأشعة الذي لازال يسجل "نقصا كبيرا" في ضمان مواعيد في وقتها أكد ذات الخبير بأن هذه المسألة "ستحل نهائيا مع تسليم وتجهيز كل مراكز مكافحة السرطان مثمنا من جهة أخرى دور والخدمات والدعم الذي تقدمه المراكز ال9 التابعة للقطاع الخاص 2 من بينها بولاية الجزائر العاصمة و مركز واحد بكل من وهران وتيزي وزو والبليدة وقسنطينة والتي تم تجهيزها ودعمها "بأحسن التقنيات العالمية والكفاءات الوطنية". إعادة النظر في تسعيرة القطاع الخاص لتكون في متناول المريض وفي هذا الجانب شدد ذات الخبير على ضرورة "إعادة النظر في التسعيرة التي يحددها القطاع الخاص والتي هي في غير متناول المريض" وذلك عن طريق تطبيق نظام التعاقد واعادة تحيين مدونة الأعمال الطبية التي تجاوزها الزمن, داعيا إلى ضرورة التنسيق بين القطاعين العمومي والخاص حتى "لا تحدث اختلالات بعد توسيع عدد المراكز الجديدة خلال السنوات القادمة".وتأسف المتحدث لوجود "عراقيل بيروقراطية" تقف في وجه المخطط ناجمة عن غياب التشريع والتنظيم وغياب في التكفل النفسي والإنساني لمرافقة المريض, الى جانب غياب مصالح ومستشفيات تتكفل بسرطان الأطفال والذي بالرغم من تسجيل نسبة ضئيلة لا تتجاوز 5 بالمائة من مجموع انواع السرطان المنتشرة بالجزائر إلا أن التكفل بهذه الفئة -حسبه-"لازال لم يبلغ بعد المستوى المطلوب".وفيما يتعلق بالوقاية القاعدية التي تشارك فيها حوالي 11 وزارة ومكافحة عوامل الخطورة وفي مقدمتها أفة التدخين التي تتسبب في عدد كبير من الإصابات عبر الأستاذ زيتوني عن استيائه من بعض السلوكات الفردية والجماعية التي حالت دون تحقيق الهدف المنشود بالرغم من الترسانة القانونية التي وضعتها وزارة الصحة ومصادقة الجزائر على الإتفاقية الإطار للمنظمة العالمية للصحة لمكافحة التدخين بالإضافة إلى وضع مخطط وطني لمكافحته وبعث حملات نموذجية ببعض المناطق والزيادة السنوية في التسعيرة.وأشاد بالتعليمة الأخيرة لوزارة الداخلية القاضية بمنع بيع التبغ ببعض المؤسسات على غرار الفنادق والمطاعم ومنع بيعه لفئة الشباب الذين تقل اعمارهم عن 18 سنة, مشددا على ضرورة التطبيق الفعلي للمواد التي جاء بها قانون الصحة لسنة 2018 . وبخصوص أموال الصندوق الوطني للسرطان المقدرة ب 30 مليار دج كشف ذات الخبير عن "استغلال جزء ضئيل منها لم يتجاوز نسبة 3 بالمائة فقط", مرجعا ذلك إلى عدم تناول قانون المالية التشريع الخاص بتسيير هذه الأموال من جهة ونقص الكفاءات التي انيطت بها هذه المهمة من جهة أخرى. وأكد في هذا الإطار أنه "إذا لم يتم استغلال الجزء الباقي من أموال الصندوق خلال ال 11 شهر المتبقية للمخطط ستعود هذه الأموال الى الخزينة العمومية في الوقت الذي لازال القطاع بحاجة إلى دعم كبير لمواجهة السرطان". وثمن الأستاذ زيتوني الإستراتيجية التي سطرها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة لمكافحة السرطان خلال العشرية القادمة وهي استراتيجية "تتماشى والتطورات التي يشهدها المجتمع والعالم", مما يستدعي تظافر الجهود والتنسيق بين جميع الفاعلين في الميدان و وضع الوسائل اللازمة مع تجنيد المجتمع المدني للتخفيض خلال السنوات القليلة المقبلة من نسبة الوفيات الناجمة عن هذه الإصابة ب 20 بالمائة.