تحول سجن الحراش (10 كيلومترات شرقي العاصمة الجزائرية) إلى أشهر مؤسسة عقابية في البلاد، بعدما صار يستقطب كبار المسؤولين ورجال الأعمال في الجزائر. ويعدّ سجن الحراش الأكبر من نوعه في الجزائر، وافتتح عام 1915 إبان فترة الاحتلال الفرنسي، وشهد اعتقال كبار الرموز من الحركة الوطنية، من مصالي الحاج، وصولًا إلى عبان رمضان، وجميلة بوحيرد، ورابح بيطاط وحرمه زهرة ظريف، مرورًا بالشاعر الكبير مفدي زكرياء، والشهيد العربي بن مهيدي وغيرهم. وشهد سجن الحراش في الفاتح مايو 1966، فرار المعارض الراحل، حسين آيت أحمد، بعدما أمضى ثلاث سنوات خلف القضبان، عقابًا له على تمرده بمنطقة القبائل عامًا بعد استقلال الجزائر في الخامس من يوليو 1962. وبعدما ظلّ سجن الحراش وجهة لموقوفي الحق العام، وكبار تجار المخدرات والمهرّبين على مدار أربعة عقود، عرف هذا السجن الزجّ بالصحفيين محمد بن شيكو ومحمد تامالت عقابًا على كتاباتهما اللاذعة ضدّ النظام، وقضى تامالت في ديسمبر 2016 بعد إضراب مزمن عن الطعام وفي ظروف لا تزال غامضة. وغداة حراك 22 فبراير الماضي، واتساع مدى المطالبات الشعبية بمحاسبة "سرّاق المال العام"، استقبل سجن الحراش تباعًا رجال الأعمال علي حداد، يسعد ربراب، محي الدين طحكوت، الإخوة كونيناف وحميد ملزي المدير السابق لإقامة الدولة. وأخذ المكان "زخمًا" مضاعفًا، إثر حبس أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، والتحاق وزير التجارة السابق عمارة بن يونس. ومنذ تحويل أويحيى إلى سجن الحراش مساء الأربعاء، تقام عدة "طقوس" احتفالية أمام بوابة السجن الرئيسية، وعلى وقع الزغاريد والهتافات جرى إحضار أكياس وعلب الياغورت في مواقف ساخرة من المتنفذين المحبوسين. ووعد آخرون بإيصال أكياس التموين إلى زنزانتي أويحيى وسلال، ومنحهما سجائر "نسيم" المحلية الصنع، مجانًا للرجلين اللذين كانا يتباهيان بتدخين سجائر "المالبورو" الفاخرة.وبكثير من التهكّم، صار يطلق على الحراش مسمى "سجن 5 نجوم"، و"نادي المسؤولين المنبوذين"، وأمام احتمال تحويل مئات من الفاسدين، يتساءل الشارع المحلي عن مدى قدرة السجن الواسع على استيعاب جميع من جرّتهم التحقيقات في قضايا الفساد. وتبلغ طاقة استيعاب سجن الحراش حوالي ألفي سجين، إلاّ أنّه قد يتجاوز ذلك، بيد أنّ فاروق، وحسام وأيمن الذين تحدثوا ل"إرم نيوز" تمنّوا إطلاق سراح "المظلومين"، وإبقاء المؤسسة العقابية الأشهر حكرًا على من أجرموا في حق وطنهم.