تحذير أممي من مخاطر الذخائر المتفجرة في غزة والضفة الغربية    الرئاسة الفلسطينية: الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه رغم التدمير والإبادة    الأمم المتحدة: أكثر من 423 ألف نازح عادوا إلى شمال قطاع غزة    مجموعة "أ3+" بمجلس الأمن تدعو إلى وقف التصعيد بالكونغو    نشيد بمسار الحوار الوطني مع الطبقة السياسية وانفتاحه    عرقاب يبحث مع نائب وزير الطاقة الروسي حالة علاقات التعاون بين شركات البلدين وآفاق تعزيزها    الجزائر/إيطاليا: آفاق شراكة اقتصادية بين الجماعات المحلية للبلدين مستندة على الروابط التاريخية المتميزة    إبراز جهود الجزائر في تعزيز المشاركة السياسية والاقتصادية للمرأة    بوغالي يمثّل رئيس الجمهورية في الطبعة الثالثة بأكرا    توقيف 9 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    رسالة امتنان من خطيب الأقصى للرئيس تبون والشعب الجزائري    غرة شعبان يوم الجمعة وليلة ترقب هلال شهر رمضان يوم 29 شعبان المقبل    اتفاقية تعاون بين وكالة تسيير القرض المصغّر و"جيبلي"    لجنة لدراسة اختلالات القوانين الأساسية لمستخدمي الصحة    رياض محرز ينال جائزتين في السعودية    مدرب منتخب السودان يتحدى "الخضر" في "الكان"    السلطات العمومية تطالب بتقرير مفصل    4 مطاعم مدرسية جديدة و4 أخرى في طور الإنجاز    سكان البنايات الهشة يطالبون بالترحيل    توجّه قطاع التأمينات لإنشاء بنوك خاصة دعم صريح للاستثمار    الرقمنة رفعت مداخيل الضرائب ب51 ٪    "الداي" تطلق ألبومها الثاني بعد رمضان    شهادات تتقاطر حزنا على فقدان بوداود عميّر    العنف ضدّ المرأة في لوحات هدى وابري    السيدة مولوجي تشرف على لقاء عمل مع المدراء الولائيين للولايات الجنوبية العشر المستحدثة    عنابة: تأكيد على ضرورة مواكبة قطاع التأمين للديناميكية التنموية بالبلاد    قال إنه يهدف لتجاوز الدور الأول من "كان 2025"..بيتكوفيتش يبعد الضغط عن "الخضر"    رياض محرز يحصد جائزة أفضل هدف في دوري روشن    رد حاسم..هل ينتقل حاج موسى لمنافس فينورد القادم؟    هل تكون إفريقيا هي مستقبل العالم؟    المركز الإستشفائي الجامعي بباتنة : فتح الوحدة الجهوية لقسطرة القلب وإجراء 4 عمليات ناجحة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    وهران.. افتتاح الصالون الدولي للشوكولاتة والقهوة بمشاركة 70 عارضا    توقيع اتفاقية تعاون بين الوكالة الوطنية لتسيير القرض المصغر ومجمع الحليب "جيبلي"    عطاف يستقبل الأمين العام المساعد المفوض للشؤون السياسية والسياسة الأمنية لحلف شمال الأطلسي    كرة القدم: اختتام ملتقى "الفيفا" حول تقنية حكم الفيديو المساعد بتيبازة    المجلس الإسلامي الأعلى ينظم ندوة علمية    حشيشي يلتقي مدير دي أن أو    رابطة مجالس الشيوخ والشورى "آسيكا" تدين تدخل البرلمان الأوروبي في الشؤون الداخلية للجزائر    صحف تندّد بسوء معاملة الجزائريين في مطارات فرنسا    العاب القوى لأقل من 18 و20 سنة    تنافس شرس حول عرض أجْوَد التوابل    السلطات عبر الولايات استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك    تفكيك شبكة إجرامية دولية ينطلق نشاطها من دول أجنبية    الآلية تبرز مدى التكامل بين الدولة وبين جميع مؤسساتها    الجزائر تدعو الى تحقيق مستقل في ادعاءات الكيان الصهيوني بحق الوكالة    وزير الثقافة والفنون ووالي ولاية لجزائر يشرفان على جلسة عمل حول المخطط الأبيض ضمن النظرة الاستراتيجية لتطوير وعصرنة العاصمة    وزارة الصحة: إنشاء لجنة لدراسة اختلالات القوانين الأساسية على مستوى الوزارة    60 عملية جراحية لاستئصال سرطان الكلى بوهران    الذكرى ال 68 لإضراب الثمانية أيام: معارض ومحاضرات ومعاينة مشاريع تنموية بغرب البلاد    صحة: أيام تكوينية حول رقم التعريف الوطني الصحي    غريب يدشن وحدة جديدة لإنتاج الأدوية المضادة لداء السرطان    قِطاف من بساتين الشعر العربي    عبادات مستحبة في شهر شعبان    اختتام مسابقة جائزة الجزائر للقرآن الكريم    تدشين وحدة لإنتاج أدوية السرطان بالجزائر    أحكام خاصة بالمسنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة ملحمة هجوم 20 أغسطس 1955
المتحف الجهوي للمجاهد علي كافي بسكيكدة
نشر في المواطن يوم 16 - 08 - 2019

يعد المتحف الجهوي المجاهد العقيد علي كافي بسكيكدة الذاكرة الحافظة لصانعي ملحمة هجوم 20 اغسطس 1955 بالشمال القسنطيني.
فالأرشيف الذي يتوفر عليه هذا المتحف و الشهادات الحية المسجلة لمن عايشوا تلك الأحداث تمثل رصيدا تاريخيا ثمينا يعود بزائره إلى سنوات الثورة التحريرية المجيدة التي تبقى المرجع الذي تستلهم منه الأجيال الصاعدة. و يخصص هذا المتحف جناحا خاصا بهجمات الشمال القسنطيني التي جاءت لفك الحصار على منطقة الأوراس, التي كان يخنقها الاستعمار الفرنسي بعد اندلاع الثورة التحريرية في الفاتح من نوفمبر 1954. و قام المتحف الجهوي للمجاهد منذ سنة 2014 بتوثيق شهادات حية لمجاهدين عايشوا التحضيرات لهجمات 20 اغسطس 1955 رفقة الشهيد زيغود يوسف, مخطط تلك الأحداث التي أصبحت اليوم تدرس في المدارس العسكرية بالنظر إلى دقة تنفيذها, حسب ما أفاد به مدير المؤسسة, فاتح حموش.
و يحوز اليوم هذا المتحف الجهوي على حوالي 17 ساعة و 19 دقيقة من تسجيلات لشهادات 46 مجاهدا و مجاهدة و كذا شهادات من أفواه أرامل شهداء و شهود عيان أغلبهم لا يزال على قيد الحياة و الذين أدلوا بشهاداتهم الحية منذ سنة 2014 الخاصة بالتحضيرات التي سبقت هجمات 20 اغسطس 1955 بداية من مؤتمر "الزمان" بمنطقة بوشطاطة (سكيكدة) و كذا الهجمات التي شاركوا فيها بكل من سكيكدة و عزابة و الحروش و منطقة "العاليا" بفلفلة بالإضافة إلى المجازر المرتكبة في حق المواطنين العزل و عمليات التهجير و و الإبادة الجماعية كرد فعل من طرف قوات الاحتلال الفرنسي مثلما ذكره المسؤول.
لقاء مع مصمم هجمات الشمال القسنطيني
و من بين هذه التسجيلات التي تتضمن معلومات قيمة حول الهجمات, شهادة المجاهد عبد الله بوراوي (83 سنة) و التي يعود تاريخ تسجيلها ل 20 أغسطس 2017 ببلدية بوشطاطة و دامت حوالي 15 دقيقة. و يروي فيها أنه في أواخر ربيع 1955 صادف أثناء نشاطه الرعوي بمشتة "الزمان" ثلاثة رجال غرباء كانوا يدعون أنهم يعملون في جمع الفلين و قد نال منهم الجوع و التعب حيث أسرع عبد الله بوراوي إلى منزل أخيه الأكبر لتقدم له زوجة أخيه اللبن مع رغيف ليقدمها لهم قبل أن ينصرفوا.
و يحكي المجاهد بوراوي كيف أن هؤلاء الرجال الثلاثة عادوا خلال نفس الأسبوع ليدور بينهم و بين شقيقه الأكبر ساعد بوراوي حديث مطول ليقوم شقيقه بتحذيره بعد مغادرتهم تحذيرا شديدا عن عدم التفوه بأية كلمة عن أولئك الرجال و تحركاتهم في المنطقة ليعلم بعدها أنهم كل من القادة زيغود يوسف و محمد الصالح ميهوبي المدعو بلميهوب و الثالث أحمد راوي المدعو الرواية هذا الأخير الذي لم يأت في المرة الثانية و جاء بدلا منه المجاهد عمار بن رويبح. و قال عبد الله بوراوي في هذا التسجيل أن في المرة الثالثة جاء الشهيد زيغود يوسف رفقة بلميهوب لمقابلة ساعد بوراوي شقيقه الأكبر حيث طلبا منه أن يساعدهما في إقامة مركز يحتضن اجتماعات قادة المنطقة الثانية مقترحين عليه منزله و أحد منازل إخوته فرفض ساعد, حسب شقيقه عبد الله بوراوي, بحجة أن منزله مكشوف و يقابل مباشرة القرية المأهولة بالمعمرين و قوات العدو الفرنسي قبل أن يدلهم على موقع غير مكشوف في مكان يسمى "السملالة" و بالضبط في كدية داود و هي قمة جبلية بمنطقة سكيكدة.
و تم عقد اجتماع أول برئاسة السي أحمد و حضره حوالي 100 مجاهد تحت قيادة مساعديه في الناحية و هما محمد بوبندير و إسماعيل زيغات بالإضافة إلى بشير بوقادوم و إبراهيم شيبوط و مسعود بوجريو و علي كافي و محمد الصالح ميهوبي و غيرهم ليعقد بعدها اجتماع ثاني موسع ضم قائد الناحية الأولى لخضر بن طوبال و مسعود بوجريو و مسعود بن الصم و العربي بن رجم و غيرهم و ذلك بمنطقة "الزمان" ببوشطاطة جنوب و الذي عرف بعدها بمؤتمر "الزمان", وفق عبد الله بوراوي .
و أضاف المجاهد : "كان ذلك الاجتماع فرصة بالنسبة لي لكي احتك مباشرة بقادة المنطقة الثانية و على رأسهم زيغود يوسف طيلة تواجده بمشتة (الزمان) ما سهل علي طلب التجنيد في صفوف جيش التحرير الوطني من القائد سي أحمد شخصيا". و قدم له هذا الأخير بندقية صيد و كلفه منذ ذلك التاريخ (ما بين مايو و يوليو 1955) بمهامه كجندي في صفوف جيش التحرير الوطني و أسندت له فيما بعد مهمة الهجوم على محكمة الحروش في 20 أغسطس 1955.
و ذكر أيضا: "لقد تزامنت فترة التحاقي بصفوف جيش التحرير الوطني مع مرحلة التخطيط و التحضير لهجمات 20 اغسطس فأدرجت ضمن منفذي الخطط المبرمجة للهجمات تحت إمرة القائد العايب الدراجي رفقة كل من المجاهد احميدة قديد و آخر يدعى السي المكي حيث كلفنا بمهمة الهجوم على محكمة الحروش لإتلاف ملفات المساجين و المحكوم عليهم من الجزائريين".
و أردف عبد الله بوراوي في شهادته أنه بالنظر لخطورة و صعوبة المهمة تعذر على سي المكي الوصول إلى الهدف إلا أنه استطاع رفقة احميدة قديد التسلل إلى المحكمة في منتصف النهار و بقيا في الداخل حيث لم يستطيعا الخروج منها بحكم ما كانت تشهده الشوارع من حالة طوارئ قصوى بسبب ما شهدته سكيكدة و المناطق المجاورة لها من هجمات و أعمال فدائية إلى غاية الرابعة مساء. و اعتبر مدير المتحف الجهوي للمجاهد, فاتح حموش, هذه الشهادات "قيمة جدا" لأنها تعد بمثابة مرجع تاريخي و بحثي للمؤرخين و الطلبة و كذا الباحثين و المهتمين بالتاريخ, مشيرا إلى مساع لتوثيقها كتابيا. و أضاف أن هذه العملية الأكاديمية التي انطلقت في 2014 بالنسبة للمتحف الجهوي للمجاهد تدخل ضمن العملية الوطنية لكتابة تاريخ الثورة التحريرية و التي تبنتها وزارة المجاهدين.
أدوات شاهدة على أحداث 20 اغسطس 1955
و يملك المتحف الجهوي للمجاهد بالإضافة إلى تسجيلات الشهادات الحية, عددا من المقتنيات والأدوات الشاهدة على ذلك اليوم المشهود الذي يعتبره عددا من مجاهدي المنطقة بمثابة الانطلاقة الفعلية للثورة التحريرية و الانتفاضة للبحث عن الحرية على اعتبار أنه شهد مشاركة شعب كامل و ليس المجاهدين فحسب. و من بين مقتنيات المتحف سجل يحتوي على 69 عددا من جريدة "لا ديباش دو كونستونتين" لسنة 1955 و التي أرخت لهجمات 20 اغسطس 1955 في كافة الشمال القسنطيني بالإضافة إلى وثيقة خاصة من جريدة صادرة باللغة الفرنسية خاصة بتلك الأحداث بمنطقة "العاليا" و علم وطني يعود لتلك السنة بالإضافة إلى 3 زجاجات مولوتوف استعملت في الهجمات. كما يوجد بالمتحف في الجناح الخاص بهجمات 20 اغسطس منظار عسكري خاص بالشهيد زيغود يوسف و حاملة منظار خاصة به كذلك فضلا عن سلاح أبيض عبارة عن خنجر كبير استعمل في الهجمات و مسدس اغسطسوماتيكي نصف آلي و صور تاريخية تبين تلك الهجمات و الأماكن المستهدفة فيما تبرز أخرى بشاعة المجازر التي ارتكبت في حق الجزائريين بعد أحداث 20 اغسطس 1955 . و ويتوفر المتحف كذلك على إصدارات وزارة المجاهدين بمكتبة هذه المؤسسة من كتب و مذكرات حول هجمات الشمال القسنطيني منها مذكرات الرئيس و المجاهد الراحل علي كافي و "ملحمة الجزائر الجديدة" في ثلاثة أجزاء لمؤلفها المجاهد عمار قليل و "موقف الرأي العام الفرنسي من الثورة الجزائرية 1954- 1962" للأستاذ أحمد منغور و "رحلة في فضاء العمر" للدكتور يحيى بوعزيز و "ثورات القرن العشرين" و "المشروع الفرنسي الصليبي الاحتلالي الجزائري" بالإضافة إلى أخرى .
و أستنادا للسيد حموش فإن إدارة هذا المتحف الذي يقع بحي حسين لوزاط (المقصلة سابقا) مقابل محطة المسافرين البرية بمدينة سكيكدة تعمل على استرجاع أكبر كم من الوثائق و الأرشيف للفترة الاستعمارية حيث تم في هذا السياق جمع منذ سنة 2016 إلى اليوم 188 وثيقة بين أصلية و مستنسخة من الأرشيف المحلي بالإضافة إلى حوالي 320 وثيقة مستنسخة من الأرشيف الفرنسي تضم عددا من الجرائد باللغة الفرنسية و تقارير لجيش الاحتلال الفرنسي و أخرى للشرطة القضائية الفرنسية إبان الفترة الاستعمارية و محاضر توقيف و أوامر بالبحث عن مناضلين جزائريين و كذا شهادات إقامة بالسجون و المعتقلات التي أقامها الاحتلال الفرنسي للجزائر و كذا تقارير حول مقاومة سي زغدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.