أوصى النواب الأوروبيون على اثر الأزمة الغازية بين روسيا و أوكرانيا بضرورة أن تتخذ أوروبا مخططات عمل استعجالية ضرورية في حالة حدوث أزمة تموين بالغاز و إلى مزيد من عمليات الربط بين الشبكات التي توصل الدول الأعضاء و إلى خارطة طريق خاصة بالاستثمارات في الطاقة النووية و إلى أهداف مناخية جديدة يتم تجسيدها في أفق 2050 بما في ذلك التقليص من انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري بحوالي 80 بالمائة. فقد صادق البرلمان الأوروبي بأغلبية كبيرة على تقرير يخص "الدراسة الاستراتيجية الثانية للسياسة الطاقوية" الذي سيكون في جدول أعمال اجتماع رؤساء الدول الأوروبية في شهر مارس المقبل. كما دعا النواب الأوروبيون المفوضية و الرئاسة التشيكية إلى تقديم "مخطط تنويع جديد يتميز بالطموح و يندرج على المدى الطويل في المجلس الأوروبي المقبل". فعلى اثر النزاع الغازي الأخير بين روسيا و أوكرانيا الذي حرم عديد الأوروبيين من غاز التدفئة دعا أمس الثلاثاء النواب الأوربيين المجتمعين هذا الأسبوع بستراسبورغ في جلسة عادية المفوضية الأوروبية أن تقوم قبل نهاية السنة باقتراح مراجعة تعليمة سنة 2004 المتعلقة بأمن التموين بالغاز. و أوضح البرلمانيون أن هذه المراجعة ينبغي أن تتضمن أيضا "مخططات عمل استعجالية فعالة و ضرورية على المستوى الوطني و الجماعي" مع إقرار موقف مشترك في حالة وضعية استعجالية و منح موارد وإمكانيات هيكلية للبلدان المتضررة و توزيع متناسق و تنشيط إجراءات استعجالية في البلدان غير المتضررة أو الأقل تضررا من اجل زيادة كميات الغاز لفائدة الأسواق التي تمر بأزمة. كما أكد النواب على ضرورة أن يتزود الاتحاد الأوروبي بمنشات تخزين للغاز تسمح بتموين سريع و وضع شبكة أوروبية موحدة لتوزيع الغاز تربط جميع الدول الأعضاء. و يرى النواب انه ينبغي أن تكون احتياطات الغاز تكفي لمدة 90 يوما. و يشير التقرير إلى انه يجب أيضا تطوير شبكات الربط سواء بالنسبة للغاز أو للكهرباء عبر وسط و جنوب شرق أوروبا على محور شمال جنوب سيما إدماج منطقة بحر البلطيق في شبكة غرب أوروبا. كما أشاروا إلى انه مهما تم تطبيق مخططات طموحة لاقتصاد الطاقة فان أوروبا تظل حسب كل الاحتمالات مرتبطة على المدى المتوسط ببلدان أخرى في مجال تموينها بالطاقة. فالاتحاد الأوروبي يستورد حاليا 50 بالمائة من الطاقة التي يستهلكها و هي النسبة التي يمكن أن ترتفع إلى 70 بالمائة في أفق 2030. و يدعو البرلمان إلى إبرام اتفاق ثلاثي بين الاتحاد الأوروبي و روسيا و أوكرانيا بخصوص عبور الغاز من روسيا نحو الاتحاد الأوروبي بغية ضمان أمن التموين بالغاز خلال السنوات المقبلة. في ذات الصدد أبدى البرلمان موافقته على إجراء مفاوضات بغية التوصل إلى اتفاقات جديدة هامة تحل مكان اتفاق الشراكة و التعاون المبرم سنة 1997 مع روسيا. و بشكل اكثر وضوحا فان التقرير يدعم المشاريع الرامية إلى تنويع مجالات التموين على غرار مشروع نابوكو و "تي جي آي" (تركيا-اليونان و إيطاليا) و ساوت ستريم.دعم البرلمان أيضا الربط الكلي لمشروع "ميدغاز" الذي يربط الجزائر بفرنسا و أوروبا عبر إسبانيا و الذي تعتبره المفوضية "مشروعا في غاية الأهمية بالنسبة لأوربا " قصد تنويع منافذ دخول الغاز إلى أوروبا. و أشار النواب إلى أن طاقة كافية من الغاز الطبيعي المميع متوفرة بما يبرز أهمية أن تتوفر على مستوى كل الدول الأعضاء منشئات التمييع الموجودة في البلدان المنتجة ونهائيات الغاز الطبيعي و أنظمة إعادة التغوير على متن السفن. كما دعا البرلمان رؤساء الدول الأوروبية إلى تسطير أهداف جديدة في مجال مكافحة التغيرات المناخية من خلال تقليص انبعاثات الغاز المتسببة في الاحتباس الحراري ب80 بالمائة في أفق سنة 2050 و تحسين الفعالية الطاقوية ب35 بالمائة و زيادة حصة الطاقات المتجددة في الإستهلاك الطاقوي الإجمالي للاتحاد الأوروبي ب60 بالمائة. و اعتبر النواب أن اقتصاد الطاقة هو الوسيلة الأكثر فعالية و الأقل تكلفة في تحسين الأمن الطاقوي داعين المفوضية و الدول الأعضاء إلى تبني هدف ملزم قانونيا يقضي بتحسين الفعالية الطاقوية ب20 بالمائة على الأقل في أفق سنة 2020. و يتمثل الهدفين الآخرين لسنة 2020 (تقليص انبعاثات الغاز المتسببة في الاحتباس الحراري ب20 بالمائة و حصة الطاقات المتجددة ب20 بالمائة) حيث تم تحديدهما من الآن فصاعدا في تشريع المجموعة حول التغيرات المناخية الذي تمت المصادقة عليه في ديسمبر 2008. إن المفوضية و الدول الأعضاء و السلطات المحلية مدعوة إلى تطوير العلاقات بين قطاعي الفلاحة و الطاقة من خلال مخطط يرمي إلى تجهيز سطوح العمارات بأجهزة طاقة متجددة مثل الأعمدة الشمسية. و طالب البرلمان من المفوضية تطبيق الإجراءات الضرورية المترتبة عن دراسات النجاعة الحالية لمشاريع تنمية الأرضيات الهوائية في بحر الشمال بالإضافة إلى مشروع المحطات الشمسية في إفريقيا. و اعتبر البرلمان أنه من المهم أن تبقى الطاقة النووية في مجموعة الطاقة للاتحاد الأوروبي و دعا المفوضية إلى إعداد "خارطة طريق خاصة من اجل الاستثمارات النووية". و رفض اغلب النواب القيام بتعديل يدعو الدول الأعضاء إلى وضع مخطط للإقصاء التدريجي لهذه الطاقة. و ألح البرلمان على أن تستجيب المحطات النووية "لأعلى مستوى ممكن من الأمن التكنولوجي" مضيفا أنه يتعين على البلدان المجاورة للاتحاد الأوروبي أيضا أن تحترم معايير الأمن النووي الأوروبي في كل مرة تعتزم بناء أو تحديث محطة نووية. كما اعتبر النواب بضرورة تعاون المفوضية و المجلس مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل وضع أنماط و إجراءات مشتركة للحيلولة دون استغلال الاستعمال السلمي للطاقة الذرية من أجل انتشارالأسلحة النووية.