في السنة الخامسة للهجرة غزا النبي صلى الله عليه وسلم بني المُصْطَلِق من اليهود لأنهم تجمّعوا وأعدّوا لمُنازلة النبي صلى الله عليه وسلم فمكّنه الله منهم؛ فأسرَ المسلمون في هذه الغزوة بني المُصْطلِق واقتادوهم إلى السبْي والرق؛ وكان من بينهم بَرَّةُ بنتُ الحارث سيّد بني المُصْطلق؛ فأرادت أن تفدي نفسها لتُحرّرها من مهانة السبي وعار الرّق فلجأت إلى رسول الله تريد منه المعونة للفداء لمّا علمت عن رحمته وإحسانه؛ ورسول الله صلى الله عليه وسلم رحيمٌ رقيقُ القلب لا يُدعى إلى خير إلا أجاب؛ فقال لها: (هل لكِ في خير من ذلك؟ أقضي عنك الدين وأتزوّجُكِ) فأعطاها فوق ما طلبت؛ فقالت:"نعم يا رسول الله فَعَلْت". فلما تزوّجها رسول الله حدث أعجبُ من ذلك حيث قال الصحابة: -بني المُصطلِق- أصهار رسول الله! لا ينبغي أسْرهم. فأعتقوهم؛ أعتقوا جميع من أسروهم من بني المُصطلِق؛ فأسلم بنو المُصطلق عن آخرهم؛ فكان زواج النبي بِبَرّة التي سمّاها رسول الله جُوَيْريَة نعمةً على قومها في الدنيا والآخرة؛ لقد كان غرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من زواجه بجُوَيْريَة بنتِ الحارث أن يُعتق بني المُصْطلق ليُؤلف قلوبهم ولا يُفني أمة بكاملها؛ ولو قال لأصحابه اعتقوهم لرُبما وجدوا في صدورهم شيئا؛ فكان من حكمة رسول الله والأنسب إلى ذلك أن يتزوّج جُوَيْرية بنت سيّدهم؛ وفعلا كان رد الصحابة كما أراد النبيُ فهو مُربيهم ومعلّمهم.