لا أعظم ولا أجل من العفو المقترن بالإحسان مثلما دعا إليه الإسلام كما ورد في كتاب الله عز وجل حيث يقول "وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم" "النور آية 22". لقد شعر زعيم المنافقين عبد الله بن أبي أن الإسلام سلبه نفوذه ومآربه فاضمر السوء للنبي والإسلام ومضى ينفث سمومه السوداء وشاءت الأقدار أثناء عودة المسلمين من غزوة بني المصطلق أن تنهض أم المؤمنين عائشة لقضاء بعض حاجتها. فلما عادت إلى رحلها أدركت أن عقدها قد انسل من عنقها فرجعت لذلك المكان ومضت تبحث عنه حتى وجدته فلما عادت إلى القوم وجدتهم قد حملوا هودجها واحتملوه على ظهر البعير ظنا منهم أنها بداخله، فلما أدركت أنهم قد انطلقوا به بعيدا خشيت أن تتحول لموضع لتجدهم به وأبقتها الحيرة في موضعها. فمر بها صفوان بن مغطل وابدي استغرابه وتعجبه لوجودها فتأخر قليلا حتى ركبت بعيرا كان معه وانطلقا دون ان يتكلما حتى بلغا القوم فاستغل عبد الله بن أبي هذا الأمر وأشاع حديث الافك هو وجماعة من أمثاله وتوالت الأحداث إلى أن انزل الله تعالى براءة ام المؤمنين عائشة. وكان مسطح بن اثاثة ممن خاض في حديث آلافك وهو ابن خالة أبي بكر الصديق وكان احد فقراء المهاجرين وكان أبو بكر ينفق عليه ويكرمه فلما وقع مسطح في شرك الأكذوبة الشنيعة غضب أبو بكر جدا وغاظه ذلك من مسطح وآل على نفسه الا ينفق عليه ويمنع عطاءه عنه فنزل قول الله تعالى ينهى ابا بكر عن امتناعه عن الإنفاق على مسطح، فأعاد أبو بكر النفقة والعطاء والإكرام كما كان سابقا ولمن للرجل الذي خاض في عرضه وأساء لكرامة ابنته وشنع عليها. نعم إنه العفو لوجه الله المقترن بالإحسان ولو كان لمن أشاع اخطر الأكاذيب والشائعات في عرض ابنته وحبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.