انطلاق الدورة ال38 للجنة نقاط الاتصال للآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء بالجزائر    قانون المالية: المحكمة الدستورية تصرح بعدم دستورية التعديلات الواردة على المواد 23 و29 و33 و55    الجزائر ترحب "أيما ترحيب" بإصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرتي اعتقال في حق مسؤولين في الكيان الصهيوني    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    تقليد المنتجات الصيدلانية مِحور ملتقى    اللواء سماعلي قائداً جديداً للقوات البريّة    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    أكثر من 500 مشاركاً في سباق الدرب 2024    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    فلاحة: التمور الجزائرية تصدر إلى أكثر من 90 دولة    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    وزير الصحة يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة:عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 44056 شهيدا و 104268 جريحا    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الملفات التي تمس انشغالات المواطن أولوية    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    "صفعة قانونية وسياسية" للاحتلال المغربي وحلفائه    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    قمة مثيرة في قسنطينة و"الوفاق" يتحدى "أقبو"    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    مجلس الأمن يخفق في التصويت على مشروع قرار وقف إطلاق النار ..الجزائر ستواصل في المطالبة بوقف فوري للحرب على غزة    40 مليارا لتجسيد 30 مشروعا بابن باديس    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    خلال المهرجان الثقافي الدولي للفن المعاصر : لقاء "فن المقاومة الفلسطينية" بمشاركة فنانين فلسطينيين مرموقين    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    ماندي الأكثر مشاركة    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    هتافات باسم القذافي!    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفظ القرآن وحفظه للإنسان
نشر في المواطن يوم 09 - 06 - 2009


القرآن دستور أمة الإسلام وأساس نهضتها، قال الله تعالى عن هذا القرآن: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا) القرآن يهدي البشرية إلى أحسن حياة، ويرقى بها إلى أجمل حضارة، يتجلى هذا الكلام في تاريخ الصدر الأول لهذه الأمة التي أكرمها الله تعالى بالقرآن حين قرأه المسلمون بالليل وعملوا به بالنهار، حين بشروا به الأمم ففتحوا لهم مدنهم وحصونهم وبيوتهم، وتعلموا هذا القرآن وعلموه أبناءهم، لما فقه الرعيل الأول حقيقة القرآن كان لسان حالهم: إذ اعتلت أبداننا داويناها بالقرآن، وإذا زلت أخلاقنا قومناها بالقرآن، وإذا مرضت نفوسنا عالجناها بالقرآن، وإذا صدئت قلوبنا صقلناها بالقرآن، وإذا أظلمت سبلنا أنرناها بالقرآن، وإذا قلت أرزاقنا أكثرناها بالقرآن، وإذا ساءت لغتنا حسناها بالقرآن، وإذا نامت ضمائرنا أيقظناها بالقرآن.به فتح المسلمون مشارق الأرض ومغاربها، وأسسوا المدن والحضائر التي بقيت إلى اليوم شاهدة على التقدم والازدهار في شتى الميادين، فهل من عودة إلى كتاب الله حفظا وتعلما، تلاوة وتدبرا، عملا وتطبيقا، قال الله تعالى: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ). إن أول الوسائل إلى تطبيق كتاب الله تعالى هو حفظه ومدارسته، وحيث لم يحفظ في الصدور ولم يدرس في الحلق فلا سبيل إلى العمل به، فقد كان أول مبتغى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُحفظ كتاب الله تعالى في صدور أصحابه، فهل من مشمر لساعد الجد تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم وبأصحابه رضي الله عنهم أجمعين؟ فيحفظ كتاب الله تعالى كله أو نصفه أو ربعه أو جزءا منه أو ما تيسر له، وفي هذا الحفظ من الفوائد ما ذكره الله في كتابه ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، وفي الحياة من التجربة مع كتابه، يقول تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الذي يحفظ كتاب الله تعالى يحفظه الله، لأنه وسيلة من وسائل حفظ كتابه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك) من أهم وسائل حفظ حدود الله ومحارمه أن تحفظ أوامر الله ونواهيه التي في كتابه, فإذا ما حفظها المسلم والمسلمة فإنه سيوفق للائتمار بالأوامر والانتهاء عن النواهي عاجلا أم آجلا، الذي يحفظ جزءا من كتاب الله أو نصفه أو كله لا يجب أن يكون ملكا من الملائكة لا يخطئ ولا يعصي ولا يذنب، وكثير من الناس يحفظ سورة واحدة أو آية واحدة ولا يعمل بما فيها، ومن هنا ثبط الشيطان كثيرا منا فأوحى إليهم: أتريد أن تحفظ القرآن ثم لا تعمل به؟ فإياك أن تحفظه. والمسلم كيس لا يخدعه الشيطان، فأبسط جواب أن يقول: والذي لا يحفظ القرآن هل يسوغ له أن لا يعمل به؟! هل الذي يعصي الله تعالى في مأمن إذا لم يحفظ الآية التي تنهاه عن المعصية إذن؟! الذي يحفظ والذي لا يحفظ مطالب بالعمل بما في الكتاب، ولكن الذي يحفظ يوفق ويعان، لأن هذا الكتاب مبارك لحامله ولقارئه (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ) الذي يحفظ ويعصي يعصي على خجل من الله، لا يعمل بما فيه مع استحياء من نفسه، فهو دائما يؤنبه ضميره تلومه نفسه وعن قريب سيستجيب لما يحفظه.الذي يحفظ القرآن من المسلمين والمسلمات يحفظه الله يوم القيامة من عذاب النار، فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق) وقد فسره الأصمعي بقوله: أن المراد بالإهاب الإنسان. أي حافظ القرآن لا يعذبه الله في النار لفضل ما يحفظه، قال أبو أمامة: اقرأوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف، فإن الله لا يعذب قلبا وعى القرآن.إن التجربة أكدت لنا أن حفظة القرآن الكريم في مأمن وفي رعاية الله عز وجل، وأصدق شاهد على ذلك ما تعرض له آباؤنا وأجدادنا إبان فترة الاستعمار الظالم، حيث تعرضوا لأخبث وأنجس استعمار عرفه العالم الحديث، فقد تسلط على لغة الشعب وحاول مسخ الهوية، فقضى على المدارس وحرض على التجهيل، فبماذا حافظ آباؤنا وأجدادنا على هويتهم الإسلامية؟ وبماذا استطاعوا أن يسترجعوا حريتهم بعد قرن وربع قرن من محاولة إفنائه؟ إنه لا شك بفضل الزوايا المنتشرة في نواحي البلاد، بفضل المشايخ الذين كانوا يُحفظون الصبيان في الخفاء، فلقد كان تعليم القرآن وتحفيظه أيام ظلم الاستعمار جريمة يعاقب عليها قانون العدوان، لأنهم علموا أن القرآن سبب للثبات والشموخ، وما دام القرآن في الصدور فلا تنفع مغريات ولا ملهيات ولا تنصير ولا إدماج، ولذلك نجد اليوم حملة جديدة لكنها عالمية على مدارس القرآن الكريم، تشنها أيادي الهمجية الصليبية، فهل يتفطن آباؤنا وإخواننا وشبابنا لحفظ كتاب الله تعالى، فهو حبل الله المتين ونوره المبين، لا يخرف حافظوه، ولا يزيغ قارءوه، ولا يتيه من تمسك به.ويقول الله تعالى: (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) القرآن سهل ميسر بفضل الله وكرمه لمن شاء أن يقرأه ويتلوه أو يحفظه، وينال رفعته وحفظه، فالله يحفزنا لذلك يسأل: (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) هل من مقبل وطالب ومجتهد؟ يُرغب ربنا في ذلك مع ما في العمل على حفظه وتلاوته من الأجر، القرآن إخوة الإيمان سهل ميسر على كل لسان، يقول الإمام الماوردي رحمه الله: الوجه السادس عشر من إعجازه تيسيره على جميع الألسنة حتى حفظه العجمي الأبكم، ودار به لسان القبطي الألكن، ولا يحفظ غيره من الكتب كحفظه، ولا تجري به ألسنة البكم كجريها به، وما ذلك إلا بخائص إلهية فضله بها على سائر كتبه.فكتاب الله تعالى حفظه الأعمى والبصير، والصغير والكبير، والعربي والعجمي، لا يعجز عن حفظه إلا العاجزون، الذين ثبطوا أنفسهم بأوهام وخيالات ليس لها في أرض الواقع أثر.إن حفظ القرآن تأس بالسلف وسير على جادتهم، وسلوك على طريقتهم، فقد كانوا يبدأون بحفظ القرآن قبل سائر العلوم، ويعتنون به قبل بقية الفنون، ولهذا لا نجد ترجمة لأحد الأعلام إلا ذكر في أولها أنه حفظ القرآن وهو ابن كذا من السنين، قال الرازي: لم يكن الفقهاء منهم ولا المحدثون والوعاظ يتخلفون عن حفظ القرآن والاجتهاد على استظهاره. وقال النووي رحمه الله: كان السلف لا يُعلمون الحديث والفقه إلا لمن يحفظ القرآن. ويقول ابن خلدون: اعلم أن تعليم الولدان شعار الدين، أخذ به أهل الملة ودرجوا عليه في أمصارهم، لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان وعقائده. لهذا لابد من الرجوع إلى كتاب الله، فيتنافس على حفظه الصغار والكبار، الرجال والنساء، يحفظون ما تيسر لهم منه، ويُشغلون أنفسهم به، فطوبى لمن شغله كتاب الله تعالى وملأ به وقته وفراغه، لا يمل من أخذ منه كل يوم آية أو صفحة فيجعلها في صدره، إنّ حافظ القرآن ليس له مثيل ولا نظير، حامل القرآن جنته وبستانه في صدره، لا يحزن ولا يأسف ولا يضيق قلبه، حامل القرآن دائما من السابقين، لذلك شبه الأولون حافظ القرآن بالمسافر الذي زاده تمر فهو يأكل متى شاء، لا يحتاج إلا لإدخال يده في جرابه, وأما غير الحافظ فهو يشبه من زاده دقيق، فإذا أراد أن يأكل فعليه أن يتوقف وينزل من راحلته ويعجن ويجمع الحطب، فهيا نجعل شعارنا في هذه الإجازة (خيركم من تعلم القرآن وعلمه). نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.