من أهم الفروق التي ذكرها أهل العلم بين الحسد والعين أن الحاسد أعم من العائن لأنه جمع بين الأذى العيني والقلبي، فالعائن حاسد خاص، فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائناً، ولذلك جاء ذكر الاستعاذة في سورة الفلق من الحاسد في قول الله تعالى: (وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)، فإذا استعاذ المسلم من شر الحاسد دخل فيه العائن، وهذا من شمول القرآن وإعجازه وبلاغته. والفرق الآخر أن الحسد يتأتى عن الحقد والبغض وتمني زوال النعمة، أما العين فيكون سببها في الغالب الإعجاب والاستعظام والاستحسان. والفرق الثالث بين الحسد والعين أن الحسد والعين يشتركان في الأثر، حيث يُسببان ضرراً للمعين والمحسود، لكنهما يختلفان في المصدر، فمصدر الحسد تحرُّق القلب واستكثار النعمة على المحسود وتمني زوالها عنه، أما العائن فمصدره انقداح نظرة العين، لذا فقد يصيب من لا يحسُده من جماد أو حيوان أو زرع أو مال، وربما أصابت عينُه نفسَه، فرُؤيته للشيء رؤية تعجب وتحديق مع تكيف نفسه بتلك الكيفية تؤثر في المعين. والحاسد يمكن أن يحسد في الأمر المتوقع قبل وقوعه أو يحصل عند غيبة المحسود وحضوره، بينما العائن لا يُعين إلا الموجود بالفعل، قال تعالى: (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) (القلم: 51). ومن الفروق أيضا أن الحاسد لا يحسد نفسه ولا ماله، ولكنه قد يصيبهما بعينه، ولا يقع الحسد إلا من نفس خبيثة حاقدة، ولكن العين قد تقع من رجل صالح من جهة إعجابه بالشيء دون إرادة منه إلى زواله، كما حدث من الصحابي الجليل عامر بن ربيعة عندما أصاب سهل بن حنيف بعين، برغم أن عامراً رضي الله عنه من السابقين إلى الإسلام ومن أهل بدر.