اتخذ الإعلام الإسرائيلي منذ اشتعال "جمعة الغضب" في مصر، إستراتيجية لتتبع ما يحدث في مصر وتأطير مشهد الثورة، عبر انتداب مراسلين وصحفيين يهود إلى قلب القاهرة. واحتلت مشاهد الثورة المصرية عناوين وسائل الإعلام العبرية، في حين سيطر البث الحي والمباشر للمحطات الإسرائيلية الرسمية والتجارية منها على الفضاء الإعلامي، لنقل حقيقة ما يحصل ووضع الجمهور الإسرائيلي في الصورة. ويلاحظ التناغم بين وسائل الإعلام والموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية المترقب بحذر، رغم تعقيدات المشهد المصري وتداعياته على المنطقة. وسيطرت رؤى المحللين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين على الحيز الأكبر في وسائل الإعلام والذين عكفوا على تحليل واقع الأحداث وتداعياتها على إسرائيل بشكل خاص. ويرى المحلل السياسي لصحيفة "هآرتس" ألوف بن أنّ زوال نظام الرئيس المصري حسني مبارك سيترك إسرائيل في أزمة إستراتيجية، مشيرا إلى أن الأخيرة بدأت تفقد العديد من الحلفاء في الفترة الأخيرة. ولفت إلى أن إسرائيل فقدت أهم حليف لها في الشرق وهو تركيا مؤخرا، وأنها لا تستطيع الاعتماد على نظام مبارك نظرا للأزمة التي تعصف به، وأنها باتت تعاني من عزلة تتسع حلقاتها. ويعتبر المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" آفي ترنجوا أن السلام مع إسرائيل وإعادة الاستقرار إلى القاهرة بمثابة مصلحة إستراتيجية للشعب المصري، بسبب عمق الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمصر. وبناء عليه يقول ترينجوا إن "خليفة مبارك -بغض النظر عمن سيكون- سيتمسك باتفاقية السلام"، لافتا إلى أن العلاقات في الشرق الأوسط مبنية على المصالح وليست الصداقة. وبعكس الأحداث التونسية التي لم تستحوذ على المشهد الإعلامي الإسرائيلي، حظيت الثورة المصرية بتغطية إعلامية إسرائيلية واسعة. وقال الصحفي يواف شطيرن إن "أحداث مصر سيطرت على الأجندة الإعلامية الإسرائيلية على مختلف أنواعها، ودفعت المؤسسات الإعلامية لانتداب مراسلين وصحفيين إلى قلب الحدث في القاهرة". وتابع في حديثه للجزيرة نت أن "الاهتمام الإعلامي ينبع من كون مصر قريبة لإسرائيل بسبب دورها الإقليمي، وما سيحدث في القاهرة سينعكس مباشرة على حياة الإسرائيليين، خصوصا في كل ما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين والواقع بغزة". ولفت إلى أن المشهد الإعلامي الإسرائيلي "لم يشهد في السابق اهتماما منقطع النظير كما هو الحال بأحداث مصر، حتى بقضايا سياسية ومصيرية تخص الشأن الإسرائيلي".