السؤال والدتي تطلب أموالًا كثيرةً بلا توقُّف، رغم وُجود والدي، الذي ينفق عليها بلا حدود، وإذا اعتذرتُ لها عن عدم وجود المال لا ترضى عني، أخاف من الله كثيرًا، وهي لا تحب أولادي، ولا تسأل عنا، حتى إن كنت مريضة بالأيام، ولا تسأل إلا إذا احتاجت المال فقط، مع العلم أن عليَّ أموالًا كثيرة مدينة بها، فماذا أفعل؟ الجواب: الأخت الفاضلة، عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ((دخلتُ الجنة، فسمعتُ فيها قراءةً، قلتُ: مَن هذا؟ فقالوا: حارثة بن النعمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلكم البِرُّ، كذلكم البر)). مِن روائع هذا الدِّين تمجيدُه للبر، حتى صار يُعرف به ، فحقًّا إنَّ الإسلام دين البر الذي بلغ من شغفه به أن هوَّن على أبنائه كلَّ صعبٍ في سبيل ارتقاء قمته العالية، فصارتْ في رحابه أجسادهم كأنها في علو مِن الأرض وقلوبهم معلَّقة بالسماء. وأعظم البرِّ (بر الوالدين) الذي لو استغرق المؤمن عمره كله في تحصيله لكان أفضل من جهاد النفل، الأمر الذي أحرج أدعياء القِيَم والأخلاق في دول الغرب، فجعلوا له يومًا واحدًا في العام، يردُّون فيه بعض الجميل للأبوة المهمَلة، بعدما أعياهم أن يكون مِن الفرد منهم بمنزلة الدم والنخاع كما عند المسلم الصادق. لكن أقول: هل والدتك تُنفق هذا المال في معصيةٍ، فإن كان الأمرُ كذلك فاشتري بنفسك ما تحتاجه؛ مِنْ مأكلٍ ومشربٍ، وما يعينها على حياتها، وأعطيه لها إن قصَّر والدُك أو إخوتك في نفقتِها، وإن كانتْ تُنفقه في رحلات الاستجمام، فخُذي على يدها بدون كلامٍ قاسٍ. وهذا لا يمنع مِن تفقُّدها بمبلغ ما، لا يضر ميزانيتك، ولا يؤثِّر على حياتك بين فينة وأخرى؛ فإنَّه مِن تمام البرِّ، أمَّا إن كانت عليك ديون، فسدادُها أولى مِن استجمام الوالدة - حفظها الله، وكذلك إنفاق المال في تعليم أولادك، أسأل الله سبحانه الهدايةَ لي ولك وللوالدة ولعامَّة أمة المسلمين.