تشهد الأسواق الجزائرية رواجا واسعا لمشروبات الطاقة التي لاقت إقبالا كبيرا من طرف الشّباب، حيث تسوّق على أساس رفع مستويات النّشاط الذهني و الجسدي، و يكثر استهلاكها لدى فئة الطّلبة و الرّياضيين باعتبارهم الأكثر حاجة إليها إذ يعتبره الشباب وسيلة لزيادة القدرة على التحصيل والمذاكرة أو لزيادة النشاط والتركيز. وتعد سوق هذا النوع من المشروبات الأسرع نمواً في الولاياتالمتحدة، إذ زادت المبيعات 17 بالمئة العام الماضي (2012)؛ لتصل إلى تسعة مليارات دولار، وفقاً لما ذكرته نشرة بيفريدج دايجستّ، وخلال عام 2003 تم بيع حوالي ملياري علبة من ريد بُل في عام واحد في 120 بلدا حول العالم، وبلغ عدد العلب التي تم بيعها في إنجلترا وحدها، 260 مليون علبة . و تحدثت تقارير كثيرة عن الأضرار النّاجمة عن الإفراط في استهلاك مشروبات الطاقة و تحولها إلى شبه مخدر لاحتوائها على مادة الكافيين، و هو ما قادنا إلى البحث عن أسباب و كيفية استهلاكها وعن معرفة الشّباب بمكوناتها و الأضرار المحتمل تعرضهم لها. العامل النّفسي يلعب الدّور الأكبر في تأثير مشروبات الطاقة يقول عدد من الشّباب الذين تحدثنا إليهم حول الموضوع، أن للجانب النّفسي الدور الأساسي في مدى تأثير مشروبات الطاقة، حيث تعمل الإعلانات التجارية الكثيرة إضافة إلى رغبتك في الحصول على الطاقة و استعدادك لذلك، على إيهامك بالوصول إلى نتيجة حقيقية، خاصة في المرّات الأولى لاستهلاك المنتج. و يؤكد أحد الباعة و هو شاب في الثلاثينات أنه لا يؤمن بما يشاع عن هذه المشروبات و يقول: "جرّبت مشروبات الطاقة بأنواعها ليتأكد لي أن تأثيرها متوقف على مدى استعدادك للتأثّر، و لطالما تمكّنت من مقاومة النّعاس لطبيعة عملي أثناء الليل دون أخذ أي منشط بينما يعجز زملائي عن ذلك رغم استهلاكهم لها". الممتنعون: "أضرارها أكثر من منافعها " و من بين الأشخاص الذين اقتربنا منهم، هنالك عدد كبير من الشباب الذين يمتنعون تماما عن استهلاك مشروبات الطاقة بعد اكتشافهم للأضرار التي تسببها، حيث قال أحد الشباب انه تأكد من عدم فائدتها ، و ان مفعول مشروبات الطاقة لا يدوم طويلا، و حين ينتهي تكون قد استنفذ كل طاقتك اعتقادا بأنك في قمة النشاط لتجد نفسك في النهاية متعبا جدا. فيما يذهب شاب آخر إلى خيار تناول الاغذية الغنية بالفيتامينات و السكريات الطبيعية و الاستهلاك المعتدل للقهوة لأن ذلك سيفي بالغرض دون التعرض لأية أضرار جانبية. أغلب مستهلكي مشروبات الطاقة يجهلون مكوناتها تحتوي مشروبات الطاقة على كمية كبيرة من السكر سريع الامتصاص "الجلوكوز" مما يعطي طاقة عالية، فحسب المدون على تلك العلب فإنها تحتوي على: 45سعرة حرارية لكل 100مل "أي 112- 120 سعرة لكل علبة 250مل إضافة إلى الكافيين "المخدر". و تحتوي كل علبة من حجم 250 مليليتر من مشروب "ريد بُل" باعتباره الاكثر استهلاكا، على حوالي 27 غرام من السكر "الغلوكوز" "سكروز" 100 ملغ توراين 600 ملغ غلوكورونولاكتون ، فيتامين ب و 80 ملغ من الكافيين. هذه المعلومات لا تعرفها سوى القلة القليلة من مستهلكي مشروبات الطاقة حيث صرح بعض الشباب الذين تحدثنا إليهم ، انهم و كثير من رفاقهم لم يطلعوا أبدا على مكونات العلب التي يشترونها، و لعل ذلك يعود لتأثرهم الشديد بما يروج عن تلك المشروبات في الإعلانات التجارية. الاطباء يحذرون من الاستهلاك المفرط لمشروبات الطاقة يعلق الدكتور مراد بن جيار أخصائي في التغذية، قائلا أن مشروبات الطاقة المتداولة خاصة بين فئة المراهقين والتي يعتقدون أنها تمدهم بالطاقة، لها أضرار لا تحمد عقباها خاصة عند تناولها بشكل دائم، و هو ما قد يعرضهم لارتفاع مادة الكافيين والتي تزيد عن معدل ما هو موجود في المرطبات لتصل إلى 20 ضعفاً في بعض تلك المشروبات ومن الأعراض الناتجة عن ارتفاع معدل مادة الكافيين في الدم، ازدياد دقات القلب تصل إلى 150 في الدقيقة وارتفاع في ضغط الدم وزيادة تدفق الدم للعضلات وتقليل كمية الدم إلى الجلد. ...و لا علاقة لها بتحسين القدرة الجنسية كما أكد الدكتور بن جيار ألا علاقة لمشروبات الطاقة برفع القدرة الجنسية كما يشاع بين الكثيرين، لان مفعولها لا يتعدى منح الجسم لبعض الطاقة و لفترة محدودة، قائلا مشروبات الطاقة تخفي بعض الإعياء لدينا لكنها ليست حلا لأي مشكل صحي من أي نوع. التغذية الطبيعية تبقى أحسن الحلول و أوضح الدكتور بن جيار، انه يمكن استهلاك هذه المشروبات بشكل معتدل، بينما يضل تناول الاغذية الطبيعية المليئة بالفيتامينات، الخيار الانسب للحفاظ على الصحة. و قال ان ما لا يعرفه الكثيرون أن تلك المشروبات تسبب القلق بعد فترة من تناولها بسبب الكمية الكبيرة من الكافيين، فبعد فترة من الزمن يستهلك الجسم الكافيين فتقل نسبته في الدم بعد تخلص الجسم منه فيؤدي ذلك إلى حالة من القلق، وتلك حالات مشابهة لتأثير المخدرات، لو تزداد الكمية لأدت بالتأكيد إلى عدم انتظام ضربات القلب، ومشاكل النوم، وبعض الأعراض النفسية "الانسحابية" والصداع، وأكدت الدراسات الطبية بأن هذه المشروبات تساهم في ارتفاع ضغط القلب وزيادة نسبة السكر في الدم والأرق وآلام الصداع والقلق ونزيف الأنف والنوبات المرضية، ومشاكل تسوس الأسنان، وتقليل الاعتماد على النفس كأحد التأثيرات النفسية للمواد المخدرة. التأثيرات السلبية لمشروب الطاقة.. الزيادة في استهلاكها تصل إلى الإدمان، فحسب الكثير من الدراسات فان المواد الموجودة في مشروبات الطاقة تؤدي إلى هشاشة العظام على المدى القصير، حوالي عشر سنوات وتسبب أضرارا بالغة بالكبد بالإضافة إلى طرد السوائل من الجسم ورفع ضغط الدم وخفض استجابة الأنسجة لهرمون الأنسولين. و تساهم عند بعضهم في خفض عدد الحيوانات المنوية، الصداع المزمن والأرق واضطرابات النوم. هناك آثار سلبية على الجانب النفسي والسلوكي، حيث توصلت إحدى الدراسات إلى وجود ارتباط وثيق بين استهلاك مشروب الطاقة وظهور مشاكل سلوكية عند الطلاب الجامعيين حيث أوضحت النتائج أن زيادة الاستهلاك ترافق مع زيادة تعاطي المواد المخدرة والتدخين وشرب الكحول وزيادة اللجوء للعنف الجسدي .