بعد التأهل الرسمي و المستحق الذي حققه المنتخب الوطني الجزائري للدور الثالث و الأخير من التصفيات الإفريقية المؤهلة لكأس العالم 2014 بالبرازيل، ظهر جليا أن الناخب وحيد حليلوزيتش قد أصبح يحتل مكانة كبيرة في قلب الشعب الجزائري عامة و متتبعي الساحرة المستديرة على وجه الخصوص، خاصة و أن التقني البوسني و منذ أن أشرف على دفة " الخضر " بتاريخ الفاتح من شهر جويلية سنة 2011 تمكن الهداف السابق لنادي نانت الفرنسي من تحقيق قفزة نوعية رفقة زملاء القائد مجيد بوقرة الذين كانوا يعيشون فترة حرجة بعد " نكسة مراكش " التي هزم فيها محاربو الصحراء برباعية كاملة أمام المغرب، إلا أن حليلوزيتش نجح في كسب الرهان و الوصول بالنخبة الوطنية الى نهائيات الكان التي لعبت بجنوب إفريقيا جانفي الماضي، قبل أن يقود " ثعالب الصحراء " للمرحلة الحاسمة من اقصائيات المونديال الذي أصبح على بعد خطوة فقط من سفيان فيغولي و البقية . كان يريد مغادرة الخضر بعد تعثر الكان و رغم أن نتائج وحيد حليلوزيتش في المجمل كانت في المستوى عموما، إلا أن مسيرة المدرب السابق لباريس سان جيرمان وحيد حليلوزيتش مع المنتخب الوطني لم تكن مفروشة بالورود، باعتبار أن ثقة التي كان يملكها التقني البوسني في نفسه و في تشكيلته تلقت ضربة قوية خلال المشاركة في كأس أمم إفريقيا 2013، حيث أن أشبال وحيد حليلوزيتش خرجوا من المنافسة بداية من الدور الأول برصيد نقطة يتيمة و هزيمتين مرتين ضد كل من تونس و الطوغو، و ذلك رغم أن الجميع كان يرشح " الخضر " للذهاب بعيدا في المنافسة التي أقميت في بلاد " البافانا بافانا " و التي أحرز لقبها النسور الممتازة لنيجيريا عن جدارة و استحقاق . روراوة جدد فيه الثقة ومنحه البطاقة البيضاء و رغم أن بعض الأصوات تعالت مُطالبة باستبعاد وحيد حليلوزيتش من العارضة الفنية للمنتخب الوطني بعد الخروج المخيب من " الكان "، إضافة الى رغبة الفرانكو- بوسني في المغادرة بسبب الضغط الكبير الذي تعرض له، إلا أن رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم السيد محمد روراوة عرف كيف يقنع حليلوزيتش بخطابه العقلاني، حيث عمل الرجل الأول في " الفاف " على إعطاء ضمانات لوحيد بغرض مواصلة العمل الذي قام به منذ 2011، حيث أكد " الحاج " لحليلوزيتش أنه سيحصل على بطاقة بيضاء و سيتم إحترام جميع الخيارات التي سيتخذها، ليقرر الناخب الوطني في النهاية مواصلة المغامرة مع " الخضر " محترما العقد الذي يربطه مع الاتحادية .
تصفيات كأس العالم أعادت له الروح
و بعد انتكاسة كأس إفريقيا، يمكن القول أن استئناف مباريات تصفيات كأس العالم 2014 كانت بمثابة جرعة أوكسجين كبيرة بالنسبة للناخب الوطني وحيد حليلوزيتش، باعتبار أن التشكيلة الجزائرية سجلت عودة قوية للمنافسة الرسمية رغم أن الجميع كان متخوفا من الأثار السلبية للمشاركة الكارثية في " الكان "، و تمكنت من تحقيق ثلاثة انتصارات متتالية ضد كل من البنين ذهابا في البليدة و إيابا في " بورتو نوفو "، إضافة الفوز الأخير في كيغالي ضد رواندا و هو ما سمح لزملاء سفير تايدر من البقاء في صدارة المجموعة الثامنة و ذلك رغم المنافسة الشديدة التي كانت مفروضة على الجزائر من طرف مالي الذي كان المنتخب الوحيد الذي تغلب على " الخضر " في التصفيات المونديالية الى حد الساعة . ألح على تايدر و براهيمي و لم يخطئ تجدر الإشارة أن الناخب الوطني كان وراء جلب كل من لاعب بولونيا الإيطالي سفير تايدر و غرناطة الإسباني ياسين براهيمي، حيث أن وحيد حليلوزيتش ألح كثيرا على جلب هذا الثنائي لعلمه بالإمكانيات الكبيرة التي يملكانها و قدرتهما على تقديم الإضافة اللازمة للتشكيلة الوطنية خاصة و أنهما لا يزالان في مقتبل العمر، ليقوم رئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة باللازم لخطف خدمات سفير و ياسين من المنتخب الفرنسي تلبية لرغبة حليلوزيتش الذي لم أثبت الميدان أنه كان على حق باعتبار أن تايدر و براهيمي نجحا في الاندماج بسرعة البرق، باعتبار أن الأول سجل هدفين خلال ثلاثة مباريات لعبها في حين أن الثاني يوجد في الطريق الصحيح لتثبيت مكانته في التشكيلة الأساسية ل " الخضر " بعد تألقه خلال آخر خرجة ضد رواندا . دخل التاريخ بتحقيقه فوزان متتالين خارج الديار
و يبقى أن وحيد حليلوزيتش تمكن أخيرا من تحقيق إنجاز لم يسبق أن قام به أحد من سابقيه على رأس النخبة الوطنية، حيث أن وحيد حليلوزيتش قاد " الخضر " لتحقيق انتصارين متتالين خارج أرض الجزائر في التصفيات المؤهلة لكأس العالم بالبرازيل و ذلك لأول مرة في تاريخ كرة القدم الجزائرية، و هو إنجاز عجز عن الوصول إليه المنتخب عندما كان يملك في صفوفه أساطير مثل رابح ماجر، لخضر بلومي و صالح عصاد، و هو ما يجعل حليلوزيتش يدخل التاريخ من أوسع أبوابه لأن الجميع يعي صعوبة خطف نتائج إيجابية في إفريقيا السوداء و في عز شهر جوان حيث تكون الأحوال الجوية لا تطاق بسبب درجات الحرارة المرتفعة .
فرض الانضباط داخل المجموعة يُحسب له
و بعيدا عن النتائج الإيجابية المحققة في التصفيات المونديالية، فإن النقطة التي تُحسب لوحيد حليلوزيتش أنه نجح في فرض منطقه داخل التشكيلة الوطنية، حيث أصبحت المجموعة منضبطة الى أقصى حد ممكن ما عدا بعض التغريدات خارج السرب و التي تقع حتى في أعتى المنتخبات في العالم، حيث أن التقني البوسني نجح في القضاء على حالة التسيب التي كانت سائدة في " الخضر " طيلة سنوات طويلة و هو الأمر الذي لطالما أزعج متتبعي الكرة في الجزائر و كان من الأسباب الرئيسية التي أثرت على مسيرة مدرب محنك مثل الشيخ رابح سعدان الذي غادر المنتخب مجبرا رغم أنه نجح في الوصول الى غاية نهائيات كأس العالم في 2010 . كسب قبضته الحديدة مع بودبوز و فيما يتعلق بالقضايا الانضباطية دائما، فإن وحيد حليلوزيتش تمكن من كسب القبضة الحديدية التي جمعته مع اللاعب الدولي رياض بودبوز، حيث أن البوسني فرض منطقه و قام بإبعاد نجم سوشو الفرنسي و ذلك منذ نهائيات كأس أمم إفريقيا و خروج قصة " الشيشة " للعلن و التصريحات النارية التي أطلقها الرجلان في حق بعضهما البعض، عندما إتهم حليلوزيتش بودبوز ضمنيا بأنه يتعاطى المخدرات، ليرد رياض بقوة هو الآخر راميا وحيد ب " الجنون " و هو ما جعل وحيد يمتنع عن دعوته للتواجد مع التشكيلة الوطنية و هو الرهان الذي كسبه البوسني باعتبار أن التشكيلة قدمت مستويات مميزة في غياب صاحب القدم اليسرى . حتى بلفوضيل لن يكون مرغوبا فيه حاليا و في ذات السياق، فإن وحيد حليلوزيتش أكد لمصادر مقربة منه أنه لا ينوي الاعتماد على مهاجم بارما الإيطالي إسحاق بلفوضيل بسبب التردد الكبير الذي أظهره هذا الأخير من أجل الإلتحاق بالنخبة الوطنية، رغم أن خريج مدرسة أولمبيك ليون كان قد قدم كل وثائقه للاتحادية الجزائرية لكرة القدم و رئيسها محمد روراوة الذي قام بتأهيله مع الجزائر بشكل رسمي، حيث أن حليلوزيتش كان قد صرح بخصوص إسحاق قائلا في فترة مضت : " بلفوضيل يُفكر، و أنا أيضا سأفكر و لكني لا أدري التاريخ الذي سأنتهي فيه من التفكير و الذي أعتقد أنه سيطول كثيرا " و هو ما يدل أن وحيد لا يبدو متحمسا هو الأخر لتواجد المهاجم الصاعد في تشكيلته . يريد الاحتفاظ بالروح الأخوية التي تشكلت بين اللاعبين و بالقرارات التي ينوي وحيد اتخاذها في المستقبل القريب، فإن وحيد حليلوزيتش يريد المحافظة على الروح الأخوية الكبيرة التي نشأت بين اللاعبين خلال شهر جوان الجاري خاصة بعد التربصات التي جمعت زملاء سفير تايدر استعدادا للمباراتين ضد كل من البنين و رواندا بدليل الأجواء الاحتفالية الرائعة التي صنعتها العناصر الوطنية بعد الانتصارين الأخيرين، و هو ما جعل حليلوزيتش يتيقن أن إبقاء الاستقرار يعد هاملا مهما لمواصلة " الخضر " لسلسلة النتائج الإيجابية خاصة و أن لاعبا مثل بلفوضيل و رغم قدراته الكبيرة سيكون من الصعب عليه خطف المكانة الأساسية لإسلام سليماني الذي أصبح الهداف الأول لمحاربي الصحراء . المهم تحقق في انتظار تحقيق الأهم و رغم كل الأمور الإيجابية و التي تستحق الإشادة فيما سبق ذكره، إلا أن وحيد حليلوزيتش سيكون مجبرا على تحقيق الأهم بالوصول الى كأس العالم بالبرازيل، و ذلك بعد أن حقق المهم بخطف بطاقة المرور للدور الأخير من التصفيات المؤهلة للمونديال، حيث أن كل المسيرة التي عشناها الى حد الساعة يمكن أن تسقط في الماء في حالة لا قدر الله لم يتمكن زملاء الهداف إسلام سليماني من تحقيق حلم الجماهير برفع العلم الجزائري في سماء ريو دي جانيرو شهر جوان السنة القادمة في انتظار التعرف على منافس " الخضر " في المباراة الفاصلة قريبا إن شاء الله .