أيام قليلة تفصلنا عن شهر رمضان الفضيل، وككل سنة ومع إنطلاق العد التنازلي له، تكثر اهتمامات العائلات عن كيفية الإستعداد له، فبين مترقب لحرارة شهر أوت، وبين هاجس إرتفاع أسعار مختلف السلع الاستهلاكية على اختلافها من اللحوم الحمراء والبيضاء وكذا الخضر والفواكه، التي يزداد الطلب عليها خلال الشهر الفضيل، كل هذا لم يمنع العائلات وربات البيوت خاصة من الشروع في التحضيرات الروتينية التي اعتدن عليها لاستقبال هذا الضيف العزيز. خلال جولة استطلاعية قادت «السياسي» إلى مختلف الأسواق والمحلات بالعاصمة، لاحظنا الحركية الكبيرة التي تعرفها هذه الأخيرة من قبل النسوة اللائي بدأن التحضير لاستقبال شهر رمضان، وكانت البداية من محلات بيع الأواني المنزلية، من خلال شراء أطقم العصير والشاي والقهوة، وتقول نورة «أنها وككل سنة، تقوم بتجديد الأواني المنزلية»، والتي اعتبرتها أنها عادة اكتسبتها من والدتها، أما منال، فتقول «بأن شراء الصحون والقدور ومختلف معدات المطبخ من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها مع اقتراب شهر رمضان»، كما أضافت أنه من بين التجهيزات الخاصة بشهر الصيام والتي باتت عادة لدى معظم العائلات، وتحرص ربات البيوت على القيام بها، وهي القيام بأعمال تنظيف شاملة للمنزل وخاصة المطبخ الذي يتزين بشراشف جديدة، وإن كانت بعض العائلات تذهب إلى أبعد من هذا، حيث تقوم بترميم المنزل وتجديد السيراميك ودهن البيت، وتقول مليكة في هذا الصدد، أن كل هذه التحضيرات تعبّر عن فرحة العائلات لقدوم هذا الضيف العزيز، «الذي يأتينا مرة كل السنة، وذلك لإضفاء حلة وديكور جديد على البيت لاستقبال الأقارب خاصة خلال السهرات الرمضانية». ومن جانب آخر، المحلات التي تعرض كتب الطبخ سواء في الطبخ التقليدي أو العصري، أضحت تحتل حيزا هاما من اهتمامات ربات البيوت والنساء بصفة عامة، حيث يكثر الطلب عليها في مثل هذه المواسم الخاصة، وتقول احدى النسوة التي التقيناها بأحد المحلات «أنها كربّة بيت تجيد الطبخ، ولكنها تقوم بشراء الكتب من أجل الإطلاع على وصفات جديدة لإعدادها كوجبة للفطور»، أما آمال، وهي موظفة، فتؤكد بأنها تجد رمضان فرصة مواتية من أجل تعلّم فن الطبخ. «الفريك» والتوابل.. على رأس قائمة الطلبات تعد مقتنيات الأسر الجزائرية ضرورية تحضيرا لشهر الصيام، وذلك بحسب الاحتياجات، غير أنه من بين المواد الضرورية والتي تؤكد النسوة على ضرورة تواجدها في المنزل «الفريك» لتحضير الشوربة حيث وصل سعره إلى 150 دج، بحسب النوعية، وقد أكدت لنا إحدى المواطنات التي التقيناها بالسوق البلدي بالرغاية، أن ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية على اختلاف أنواعها ليس جديدا كون الأمر قد اعتاد عليه المواطنون عامة، مشيرة إلى أنه من المنتظر أن تبلغ ذروتها مع الأيام للأولى للشهر الفضيل، كما تنتعش خلال شهر رمضان العديد من أنواع التجارة، على رأسها تجارة التمر، الذي لم يعد يقتصر على المناطق الجنوبية للبلاد، حيث تحرص أغلب العائلات الجزائرية على ضرورة توفر التمر في منازلها على إختلاف أنواعه، كمادة أساسية تفطر عليها، فعلى الرغم من إرتفاع سعره، إلا أنه مازال محافظا على مكانته على طاولة العائلات على اعتباره سنة تقتدي بها، إلى جانب اقتناء المواد الغذائية من قبل ربات البيوت، تقوم هذه الأخيرة قبل ايام من الشهر الكريم، بشراء بعض أنواع الخضر والبقوليات التي قد يرتفع سعرها أو تكون غير موجودة خلال الشهر الكريم، كالبازلاء والحمص وغيرها، لتقوم بالاحتفاظ بها في الثلاجة، وذلك تفاديا لغلاء أو عدم توفر هذه المواد في الأسواق. محلات بيع الآلات الكهرومنزلية تنتعش من جهتنا، قصدنا منطقة الحميز، التي يقصدها عشرات المواطنين بسبب حركيتها التجارية النشيطة التي لا تهدأ على مدار أيام السنة، كونها تضم عدة محلات تجارية التي تبيع، بالجملة أو بالتجزئة، مختلف الأجهزة الكهرومنزلية والأثاث المنزلي، ما جعلها أيضا واحدة من أكثر المناطق في العاصمة المعروفة باكتظاظها، حيث باتت في الآونة الأخيرة مقصد عدد من العائلات وأرباب الأسر من أجل اقتناء مختلف الأجهزة الكهرومنزلية، ويقول في هذا الصدد كمال، وهو صاحب محل تجاري بالمنطقة، «إن جل الزبائن الذين يقصدوننا في هذه الفترة من المتزوجين حديثا، حيث يقومون باقتناء مختلف أجهزة الطبخ المنزلي، غير أن الملاحظ هو التهافت الكبير على شراء أجهزة التبريد بالنظر إلى أن شهر رمضان هذا العام يأتي في شهر أوت الذي يعرف ارتفاعا محسوسا في درجات الحرارة»، يضيف المتحدث. عائلات تستعد للعمل الموسمي أكدت العديد من العائلات أن شهر رمضان يعتبر لدى البعض فرصة للكسب المادي والإسترزاق من أجل تغطية المصاريف التي تتضاعف خلال هذا الشهر الفضيل، حيث تختار هذه العائلات بعض الأنشطة التجارية التي تتلاءم وشهر رمضان، أين ينتشر بعض الباعة الذين يبيعون بعض الحلويات والعجائن التقليدية ك«الديول» و«القطايف» و«المطلوع»، هذه الأخيرة التي تقوم بتحضيرها ربات البيوت في المنزل، نظرا لكونها من بين السلع والمواد التي يزداد الطلب عليها، وفي هذا الإطار، تقول السيدة سميرة أنها تسارع في شراء المواد التي تحتاج إليها مبكرا وذلك تفاديا لالتهاب أسعارها مع إقتراب شهر رمضان، خاصة وأن بعض التجار يعمدون إلى رفع الأسعار، حيث أشارت إلى أن غلاء المعيشة ومحدودية دخل غالبية الأسر الجزائرية، وكثرة المصاريف، تجبرهم على العمل الموسمي الذي يعد فرصة لدى العديد من الأسر والشباب البطال لأجل جني بعض المال. تأجير قاعات الحفلات يرتفع إلى أعلى مستوياته أياما قبل رمضان يحل علينا شهر رمضان، للعام الثالث على التوالي، خلال العطلة الصيفية، والملاحظ أن جل العائلات تسابقت مبكرا من أجل التحضير للأعراس، حتى تتفادى التزامن مع شهر رمضان، الذي لا تقام فيه هذه الحفلات، فأغلب الراغبين في عقد القران أو إقامة حفل الزواج، بادروا بذلك خلال فترة ما قبل شهر رمضان، مما جعل أسعار تأجير قاعات الحفلات ترتفع إلى أعلى المستويات، حيث لطالما كان شهر أوت عند المواطنين هو الشهر الانسب لإحياء حفلات الزفاف بما أن معظم العمال والموظفين وحتى أن الجالية بالخارج تستعد فيه للعودة إلى أرض الوطن، غير أن تزامنه هذه السنة مع شهر الصيام، أدخل المقبلين على ولوج القفص الذهبي في سباق مع الزمن من أجل استكمال مختلف التجهيزات والتحضيرات للعرس، على غرار حجز قاعات الزفاف التي تشهد ضغطا رهيبا، فيما رضي البعض بالأمر الواقع وقرروا العودة مجبرين على إقامة أعراسهم على الأسطح بسبب تخلّفهم عن حجز قاعة الحفلات أشهرا قبل موعد الزفاف، فيما استسلم البعض الآخر وقرر التريث إلى ما بعد الشهر الفضيل لإقامة حفل الزفاف.