انطلاق أشغال الدورة ال 19 لبرلمان البحر الأبيض المتوسط بروما    القضاء على إرهابي خطير بالمدية    الصحراء الغربية: الاحتلال المغربي يمنع 3 نواب أوروبيين من دخول مدينة العيون المحتلة    الرابطة الأولى: شباب بلوزداد يسقط في سطيف (1-0) و يهدر فرصة تولي صدارة الترتيب    جائزة سوناطراك الكبرى- 2025: فوز عزالدين لعقاب (مدار برو سيكيلنغ) وزميليه حمزة و رقيقي يكملان منصة التتويج    نسبة إدماج المنتوج الوطني في مصانع تحلية مياه البحر بلغت 30 بالمائة    استلام أغلب مشاريع التهيئة والترميم الجارية حاليا بقصبة الجزائر "نهاية هذه السنة وخلال سنة 2026"    تسخير مراكز للتكوين والتدريب لفائدة المواطنين المعنيين بموسم حج 2025    الشروع في تسويق طراز ثالث من السيارات    الرئيس يقرّ حركة في سلك الأمناء العامين للولايات    بن طالب.. قصة ملهمة    غزّة تتصدّى لمؤامرة التهجير    فرنسا تغذّي الصراع في الصحراء الغربية    تردي متزايد لوضعية حقوق الإنسان بالمغرب    مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري يجدد مبادرة خفض الأسعار في رمضان    شرفة يعلن عن الشروع قريبا في استيراد أكثر من مليوني لقاح ضد الحمى القلاعية    انطلاق أشغال الاجتماع الوزاري الأول لمجموعة العشرين بمشاركة الجزائر    بو الزرد: دخول منحة السفر الجديدة حيز التنفيذ قبل نهاية رمضان أو بعد العيد مباشرة    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    حليب ومشتقاته: مجمع "جيبلي" يعتزم الشروع قريبا في تصدير الأجبان الى عدة دول    كأس الكونفدرالية: رضواني و بلقاسمي (اتحاد الجزائر) و ديب (ش.قسنطينة) في التشكيلة المثالية لدور المجموعات    هزة أرضية بقوة 2ر3 درجات على سلم ريشتر بولاية برج بوعريريج    لجنة مكلفة بتحضير سيناريو فيلم الأمير عبد القادر في زيارة لولاية معسكر    انتخاب الجزائري زهير حمدي مديرا تنفيذيا للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة    الحزب الشيوعي الروسي يجدد دعمه لكفاح الشعب الصحراوي حتى تحقيق حقه في الحرية والاستقلال    اليوم الوطني للشهيد : "جرائم الاستعمار بين الأمس و اليوم" محور ندوة تاريخية بالجزائر العاصمة    لقاء علمي مع خبراء من "اليونسكو" حول التراث الثقافي الجزائري العالمي    أمطار مرتقبة في عدّة ولايات    مباحثات بين سوناطراك وشيفرون    مبارتان للخضر في مارس    هذا زيف الديمقراطية الغربية..؟!    الرئيس تبون ينهي مهام والي غليزان    الشركة الجزائرية للتأمين اعتمدت خارطة طريق للرقمنة    الرئيس تبون يهنيء ياسمينة خضرا    خنشلة: الأمن الحضري الخارجي المحمل توقيف أشخاص في قضيتي سرقة وحيازة كحول    توقيف 05 أشخاص يشكلون شبكة إجرامية دولية    إشادة بمستوى العلاقات الوثيقة بين الجزائر وقطر    دعوة لإنشاء منظمات عربية لرعاية اللاجئين    إطلاق أسماء شهداء ومجاهدين على هياكل تابعة للجيش    توقُّع إنتاج كميات معتبرة من الخضروات خلال رمضان    أيوب عبد اللاوي يمثل اليوم أمام لجنة الانضباط    مضوي غير راض عن التعادل أمام الشلف    احتفالات بألوان التنمية    إثر فوزه بجائزة عالمية في مجال الرواية بإسبانيا رئيس الجمهورية.. يهنئ الكاتب "ياسمينة خضرا"    قمة بأهداف صدامية بين "الوفاق" و"الشباب"    مشاريع تنموية واعدة في 2025    تتويج "الساقية ".. بجائزة كلثوم لأحسن عرض متكامل    هذا ما يجب على مريض السكري التقيُّد به    "حنين".. جديد فيصل بركات    حج 2025: إطلاق عملية فتح الحسابات الإلكترونية على البوابة الجزائرية للحج وتطبيق ركب الحجيج    الزيارة تستدعي الإدانة كونها استخفاف بالشرعية الدولية    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    هكذا يمكنك استغلال ما تبقى من شعبان    سايحي يواصل مشاوراته..    وزير الصحة يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية لأساتذة التعليم شبه الطبي    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ثورات" جون غوستاف لوكليزيو.. وجوه التاريخ المتصادمة
بين المكسيك الجزائر ومدن أوروبية

يجعل الفرنسي جون ماري غوستاف لوكليزيو -الحائز على جائزة نوبل 2008- هامش التاريخ متنا في روايته "ثورات"، ويضعه في دائرة الاهتمام وتحت مجهر المعالجة والمراجعة دون تقديس أو تدنيس، ويزيح النقاب عن المخبوء والمخفي، ويسرد أحلام وأهام وحكايات أناس عاصروا تلك الحروب والثورات وراحوا ضحيتها.
ثورات غيرت وجه العالم، وفرضت قيما جديدة، وحققت كثيرا من الإنجازات، دون أن يعني ذلك تجاهل نكسات وإخفاقات وانهيارات على صعد مختلفة حملتها معها إلى مراحل انتقالية تالية، يتوقف عندها لوكليزيو، ويخص بالذكر: الثورة الفرنسية، وثورة الرق في موريس، والثورة الجزائرية، وصولا إلى ثورة الطلبة واحتجاجاتهم في المكسيك، وباريس، وعدد من المدن الأوروبية في ستينيات القرن الماضي.
لوكليزيو -المولود في مدينة نيس الفرنسية عام 1940 لأب بريطاني من أصل موريسي وأم فرنسية- يظهر وكأنه بصدد تقديم رحلة تاريخ عائلته منذ جده الأول الذي عاصر الثورة الفرنسية.
يكون بطله جان مارو متماهيا معه في الاسم، وإن اختلف في بعض التفاصيل، أي يكون لديه نوع من تكييف السيرة العائلية في خدمة الرواية، أو تحميل الرواية أعباء السيرة التاريخية، والعائلية ضمنا.
"يكون بطل الرواية "جان مارو" متماهيا مع الروائي في الاسم، وإن اختلف في بعض التفاصيل، أي يكون لديه نوع من تكييف السيرة العائلية في خدمة الرواية أو تحميل الرواية أعباء السيرة التاريخية، والعائلية ضمنا"
تجوال زمني في ثورات الرق والمكسيك و الجزائري
يقرر الكاتب اقتفاء آثار أجداده، ويختار جده الذي شارك في الثورة الفرنسية وحارب في صفوف الثوار. يعود إلى القرن ال18 ويمسح واقع الثورات التي شكلت منعطفات تاريخية وأحدثت تغييرات كبيرة في حياة الناس، ورسمت اصطفافات جديدة كانت تفرضها كل مرحلة، يولي العناية بشخصيات كانت هامشية في محاولة لتصديرها وتقديرها.
ينتقل ببطله جان مارو من مكان لآخر: "فرنسا، وجزيرة موريس، وبريطانيا، والجزائر، والمكسيك"، مستعرضا أحداثا تاريخية مهمة، ويستعيد تاريخ جده الأكبر "جان أود مارو" الذي كان أول المهاجرين إلى جزيرة موريس والذي تطوع في الثورة الفرنسية.
الجد الذي شارك في الثورة، وجاهر بأفكاره الدينية، لم يتخل عن شخصيته المستقلة ولم ينخرط ضمن الجموع المنقادة وراء الشعارات، يستاء من الأوضاع، يقرر الرحيل إلى جزيرة موريس، يكتب تفاصيل رحلته بعد أن باتت الحياة في باريس قاسية، ولا سيما بعد حصارها من قبل الإنجليز.
العمة كاترين -امرأة ضريرة عجوز- تعتبر ذاكرة الرواية التي تربط الماضي بالحاضر، وتشكل جسرا بين الأزمنة والأمكنة، فتروي ذكرياتها الدفينة، وتبوح بها لحفيدها جان لأنها تدرك أنه ينصت إليها ويحتفظ بها في ذاكرته.
تحكي عن الفروق بين باريس وجزيرة موريس، وتعامل الفرنسيين السيئ مع أهل الجزيرة، ومعاملتهم معاملة الرقيق، وتعريضهم لأقسى أنواع الذل والعبودية، ورفض جان ممارسة سلوكيات الفرنسيين الشائنة واختياره الابتعاد بأسرته إلى منطقة أخرى "روزيليس"، ليحظى بالهدوء عساه يستطيع تطبيق شعارات الثورة التي ناضل في صفوفها ولم تحقق شيئاً من أهدافها المعلنة.
راوية أخرى تحضر وهي "كيامبي" التي تنطق بلسان المستعمَرين الذين عوملوا معاملة الرقيق في أرضهم، تحكي عن ثورة الرق التي قادها "راتسيتاتان" لنيل الحرية، لكنه لقي مصرعه بشناعة على يد الحاكم فوكهار سنة 1822.
يرتحل لوكليزيو ببطله بين باريس ولندن ليوصله إلى المكسيك، إذ يصور الوحشية التي قوبلت بها احتجاجات الطلاب ويصف مجزرة "تلاتيلولكو" في الميدان الذي يحمل الاسم نفسه، ووقوع 350 طالباً ضحايا العنف الذي مارسه الرئيس "كوستاف دياز أورداز" عام 1968.
"يقدم صاحب "الأفريقي" وقائع الثورات والمراحل التاريخية التي يتوقف عندها كمحطات مهمة من عدة زوايا، ومن وجهات نظر مختلفة، ليحيط القارئ علما بما كان يحرك الناس ويؤثر فيهم ويدفعهم إلى القتال مع هذا الطرف أو ذاك"
"يجب أن تموت لأن الأمة يجب أن تحيا"
يعرج الروائي على توصيف القادة الذي قادوا الحروب -الثورات التي يتحدث عنها ضد مَن حاول وأدها- ثم يتوقف عند الجنود الذين شكلوا الجيوش، يفصل في شرح أحوالهم وأحلامهم وما تعرضوا له من مشقات.
يصف البؤس والشقاء اللذين أغرقا فرنسا أثناء الثورة وبعدها، وكيف أن الجوع والبرد حصدا أرواحاً بريئة في محنة التحول من مملكة يحكمها الدين لجمهورية تحكمها الحرية، حيث أعلنت حقوق الإنسان 1789، وشهدت سقوط الباستيل الذي اعتبر نقطة تحول مهمة في تاريخ فرنسا وأوروبا.
يدون لوكليزيو يوميات الثورة الفرنسية التي حملت شعار "الحرية، والعدالة، والأخوة" من زوايا متعددة، وما نجم عنها من ويلات نسفت الأهداف المعلنة وأحرقت أبناء الثورة أنفسهم. يصف مرحلة الانتقال من حكم إلى آخر، والقضاء على جلاد ثم تسلم سفاح آخر زمام الأمور والانتقام من الناس والثأر منهم باسم الثورة.
يصف الإرهاب الذي تلا سقوط الملكية أثناء حكم اليعقوبيين بقيادة روبسبير (1792- 1794)، وكان أحد أبطال الثورة الذي قال للملك "يجب أن تموت لأن الأمة يجب أن تحيا". إلا أنه أصبح سفاحا أنزل عقوبة الإعدام بالمقصلة بأكثر من ستة آلاف شخص، ثم لاقى المصير نفسه على يد حكومة "المديرين" التي جاءت بعده، ومن ثم اعتلى نابليون بونابرت العرش عام 1799 وأعلن إمبراطوريته.
يقدم صاحب "الأفريقي" وقائع الثورات والمراحل التاريخية التي يتوقف عندها كمحطات مهمة من عدة زوايا، ومن وجهات نظر مختلفة، ليحيط القارئ علما بما كان يحرك الناس ويؤثر فيهم ويدفعهم إلى القتال مع هذا الطرف أو ذاك، ويتكئ على الحب كقوة أسطورية تجمع بين قلوب البشر لاعنا عبثية الحروب، والثأر الذي قد تحمله الثورات في طياتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.