ذكر لسان الدين ابن الخطيب أحد الشخصيات المعروفة التي تداولتها كتب التاريخ، وهو أحمد بن خلف بن عبد الملك، الغساني القليعي، يكنى أبا جعفر. قال ابن الصيرفي: كان الفقيه أبو جفعر القليعي، فريد عصره، وقريع دهره، في الخير والعلم والتلاوة، وله حزب من الليل، وكان سريع الدمعة، كثير الرواية، وهو المشار إليه في كل نازلة، وله العقد والحل والتقدم والسابقة، مع منة في جلائل الأمور، والنهضة بالأعباء وسمو الهمة. ولما أجاز أمير لمتونة يوسف بن تاشفين البحر مستدعى إلى نصر المسلمين، ثاني حركاته إلى الأندلس، ونازل حصن أليط، وسارع ملوك الطوائف إلى المسير في جملته، كان ممن وصل إليه الأمير عبد الله بن بلكين، بن باديس صاحب غرناطة، ووصل صحبته الوزير أبو جعفر بن القليعي، لرغبته في الأجر مع شهرة مكانه، وعلو منصبه، ولنهوض نظرائه، من زعماء الأقطار، إلى هذا الغرض، وكان مضرب خيام القليعي قريباً من مضرب حفيد باديس، ولمنزلته عند الأمير يوسف بن تاشفين، وله عليها الحفوف وله به استبداد، وتردد كثير، حتى نفى بذلك حفيد باديس. وكيفما دارت الحال، فلم يخل من نصحٍ لله ولأمير المسلمين. ولم يزل أبو جعفر مدته في دول الملوك، من لمتونة، معروف الحق، بعيد الصيت والذكر، صدر الحضرة، والمخصوص بعلو المرتبة إلى حين وفاته.