جاء اسم الخبير الاقتصادي عبد الرحمن بن خالفة من بعيد وعينه رئيس الجمهورية وزيرا للمالية، وبذلك سيكون الوافد الجديد على موعد مع أكبر تحدي في حياته، فهل سيستطيع الرجل أن يطبق نظرياته التي تغنى بها طويلا على ارض الواقع واخراج الجزائر من وضعيتها المالية الحرجة، أم أنه سيطبق المثل القائل "مسهل الفاس في يد الناس". عبد الرحمن بن خالفة، ذلك الخبير الاقتصادي والمحافظ السابق لجمعية البنوك والمؤسسات الماليةالجزائرية، عضو بمجلس المالية والقروض ببنك الجزائر، ابن مدينة تيارت، تحصل شهادة الدكتوراه في علوم التسيير من جامعة "غرونوبل" بفرنسا، بن خالفة الذي كان يدعو في كل تدخلاته للذهاب للفعالية الاقتصادية، وإصلاح المنظومة البنكية والقضاء على الأسواق الموازية ومجابهة المشاكل الاقتصادية بالحلول الاقتصادية، وعدم استردا الحلول وتطبيقها في الجزائر، هاهو اليوم يجد نفسه على رأس وزارة وضعت نصب عينيها إعادة النظر في سياستها الاقتصادية، ها قد وجد نفسه على فوهة البركان، وورث وزارة تم تنحية من كان رئيسها بسبب إخفاقه في حل المشاكل المتراكمة، خاصة في المدة الأخيرة التي بدت فيها أجهزة الدولة في مجال المالية وكأنها في خدمة المستوردين. أهم ملف مشتعل ينتظر بن خالفة، يتعلق بالمقاربة التي روج لها طويلا ، والذي ستكون مهمته الأساسية مواجهة انهيار سعر صرف العملة الوطنية مقارنة بالعملة الأوروبية والأمريكية، ورهان خفض قيمة الدينار الذي يحتاج إلى قرار سياسي جريء جدا، لما سيترتب عن القرار من انعكاسات على مستوى معيشة الجزائريين، وسلوكاتهم الاستهلاكية، فهل سيتحمل وزير المالية الجديد مسؤولية خفض قيمة الدينار، علما أن المقترح جاهز ضمن مشروع قانون المالية التكميلي، وهل سيسير البنك المركزي على نفس الخط؟. وأيضا من بين التحديات الكبيرة التي تواجه الوافد الجديد، تآكل احتياطي الصرف الجزائري وتراجعه ب8 ملايير دولار خلال الأربعة الأشهر الأخيرة من السنة الماضية، باعتراف البنك المركزي الذي أعلن انخفاض كتلة "شحيحة" الجزائريين إلى 185.27 مليار دولار نهاية سبتمبر من السنة المنقضية، بعد أن كانت تقدر ب193.27 مليار دولار نهاية السداسي الأول من سنة 2014. وأول اختبار للوافد الجديد سيكون قريبا جدا من خلال عرض قانون المالية التكميلي، الذي سيولد في ظل وضع مالي صعب على خزينة الدولة، والذي فضت الحكومة التريث في صياغته، لاعتبارات ذات علاقة بأمل مازال يحدو الجهاز التنفيذي في إمكانية تحسن أسعار النفط، رغم أن كل التقارير الدولية المختصة تؤكد استحالة تحسن الأسعار في الوقت الراهن، بما فيها آخر تقرير صادر عن صندوق النقد الدولي يؤكد أن أسعار النفط ستستقر في حدود 58 دولارا للبرميل، على أن ترتفع تدريجيا إلى مستوى 74 دولارا بتراجع الاستثمارات والإنتاج وارتفاع الطلب على البترول، فهل سيجد بن خالفة طريقة لترجمة نظرياته على سياسة ناجعة؟.