يكشف الخبير الاقتصادي مسدور فارس في هذا الحديث ل «الشعب» أسباب انتشار الأسواق الموازية للعملة الصعبة التي تبلغ فيها القيم المتداولة أكثر من مليار دولار، وخلفيات تواصل ارتفاعها والحلول المقترحة وبعض القضايا المتعلقة بالملف سنكتشفها في هذا الحديث.. @ «الشعب»: كيف تفسر الارتفاع المتواصل لأسعار العملة الصعبة في الأسواق الموازية بالرغم من تراجعها في الأسواق العالمية؟ @@ الخبير الاقتصادي فارس مسدور: إن أسباب ارتفاع صرف أسعار العملة الصعبة في الأسواق الموازية راجع إلى احتكار هذه المساحات من قبل بارونات و«مافيا خفية» تجني الملايير من هذه التجارة الموازية وهي قادرة على التحكم في الأسعار وتوجيهها بطريقة ذكية حتى إن كل نظريات الاقتصاد تحكم جميع الدول مع الجزائر من خلال استفادتها من تقلبات الأسعار إلا الجزائر فكل شيء مستمر في الارتفاع في صورة غريبة جدا. وأعتقد أن انتشار السوق الموازي الذي بلغ رقم أعماله 14 مليار دولار يعتبر أكبر عامل في رفع أسعار العملات في الأسواق الموازية ولكم أن تذهبوا إلى سوق دبي بالعلمة لاكتشاف حقيقة العملة والوقوف على الكميات الكبيرة من العملة الصعبة المزورة المنتشرة هناك. وتعكس هذه السلوكات انتشار ظاهرة الاكتناز في الاقتصاد الوطني، فالكثير يلجأ إلى تخزين الأموال بدلا من تداولها واستثمارها، وما اختفاء أوراق 2000 دج الجديدة التي طبع منها البنك المركزي الجزائري 90 مليون ورقة إلا دليل على الخلل الكبير الذي تعرفه الجزائر . كما أن حركة الاستيراد النشيطة التي تعرفها بلادنا تساهم في زيادة الطلب على العملة الصعبة وهو ما يجعل العملة الصعبة في ارتفاع مستمر. @ هل يمكن أن نخفض سعر صرف الدينار للقضاء على ظاهرة الارتفاع المستمر للعملة الصعبة وتدهور قيمة الدينار؟ @@ لا بالعكس، فالدينار الجزائري يجب أن تكون قيمته مرتفعة طالما أن الصادرات تفوق الواردات، ولنا احتياطات صرف تفوق 200 مليار دولار، وعليه فكل المؤشرات في صالح الدينار. وتخفيض قيمة الدينار لن يعود علينا بالفائدة لأن ذلك سيزيد من نسب التضخم وسيرفع الأسعار وسيتسبب في تدهور القدرة الشرائية. وخفض قيمة العملات عموما يكون عند ازدهار الصناعة والإنتاج والمحلي ووفرته ومنه التمكن من جلب أكبر قدر ممكن من الزبائن لجلب أكبر قدر ممكن من المداخيل على غرار الصين. @ ما هي الحلول المقترحة للحد من انتشار ظاهرة الأسواق المالية الموازية واستمرار عمليات التهريب والاقتصاد الموازي؟ @@ يبقى التصدي للفساد والضرب بيد من حديد هو أحسن وسيلة لحماية قيمة الدينار الجزائري والاقتصاد الوطني لأن ما يحدث في الواقع يعكس وجود بارونات ومافيا خفية تحتكر وتقوم بعمليات مضاربة حطمت كل النظريات والمراجع الاقتصادية وجعلت نظرية العرض والطلب تسقط في الماء من خلال وضع نمط يجعل كل شيء يرتفع. كما أن تجسيد فتح مكاتب الصيرفة مثلما هو معمول به في العديد من الدول العربية قد يقضي على الظاهرة نهائيا ويجعلها رسمية ومنه التخلص من الاحتكار والمضاربة. ويسمح ترسيم تبديل العملات الأجنبية من القضاء على العملة المزورة وتمكين الدولة من عائدات مالية هامة ومساعدة المواطن على اقتناء العملة الصعبة بأسعار معقولة ومنه تقريب السعر بين البنوك ومكاتب الصيرفة.