إن الله تعالى رحيم بالإنسان، ويعلم ضعفه وجهله وظلمه لنفسه، وقد أخبر سبحانه عن ذلك في الذكر الحكيم، إذ قال: إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً. وقال: وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً. كَانَ الإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً. إن الغرور، والجهل، والظلم الذاتي صفات شائعة في الإنسان، ولأن الله رحيم بنا فقد أراد لنا أن نبلغ القمة عبر خطوات ومعارج، ولم يأمرنا أن نقفز إلى هذا القمة بشكل مباشر، فهو يعلم إن الإنسان لا يستطيع مقاومة هذا الضغط العظيم. ولذلك فانه لا يدخل الإنسان في هذا الامتحان العسير قبل أن يكون هناك امتحان من نوع آخر لتعرف درجة إيمانه وتقواه. وللأسف فإن البعض يريد الامتحانات السهلة، ولكن النتيجة الفاشلة ستظهر في الامتحان النهائي، وهذه هي المشكلة الحقيقة التي يواجهها الإنسان، أما المؤمنون فإنهم يحبون أشق الأعمال على أنفسهم، لأن كل عمل من هذه الأعمال يستتبع تغيراً في الجوهر الداخلي للنفس، فكل امتحان يغير جزء من النفس، وفي النهاية يصبح التغيير كلياً، فعلى الإنسان أن لا يكتفي بتغيير الجوانب الخارجية، بل عليه أن يغير الجوانب الداخلية أيضاً، وأن يفتش عن أسلوب شاق لتغيير نفسه.