الحضارة الغربية في الأساس حضارة صناعية تقنية فاقدة للتقوى تحولت إلى حضارة استكبارية باطشة تركت الجدال بالحسنى، وجاءت للناس على متن المقاتلات والمدرعات تمشي بينهم بالتقتيل، والتشريد، والاضطهاد، والإبادة، ويشهد لذلك الحرب العالمية الأولى والثانية وأخيراً النظام العالمي الجديد. أما حضارة الإسلام، فتقوم على الجمع بين التقوى والتقنية دون تعارض أو تنافر. والحضارة الغربية من ناحية أخرى تقوم على تمجيد العقل، والاعتماد عليه وحده، بينما تقوم الحضارة الإسلامية على التوفيق بين العقل والروح، فليس فيها خصام أو فصام بين الدين والعلم كما كان في أوربا، بل يتواءم العلم والإيمان، الإيمان القائم على العلم، والعلم المؤمن الداعي للإيمان. أما الحضارة الإسلامية تقوم على السلام العالمي، والأمن الداخلي، كما في قوله تعالى: وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ. الأنفال 61. لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ. الممتحنة 8. وفي الحديث النبوي: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم. بل تتجاوز حضارة الإسلام ذلك، إلى الاتساق، والانسجام، والتوافق، والتوازن مع نظام الكون والحياة، والإنسان حيث أن الحقيقة الدينية في خلق الإنسان وتمام إسلامه: اعمار الكون بالصلاح والفلاح بعد تسخيره له: اللَّهُ الَّذِي سخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِّنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لَّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. الجاثية 12 -13.