أكد الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية في كلمته أمام المؤتمر العالمي ل"الهدي النبوي ومتغيرات العصر" والذي نظمه مركز "فرات للثقافة" بالعاصمة التركية، أن الإسلام وضع قواعد واضحة للعائلة البشرية، فالناس خلقوا جميعا من نفس واحدة مصداقا لقوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" النساء:1. وأشار الدكتور جمعة خلال اللقاء الذي حضره مائة عالم إسلامي من دول مختلفة لقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "الناس بنو آدم وآدم من تراب"؛ ولذلك فالناس جميعًا في نظر الإسلام لهم الحق في العيش والكرامة دون استثناء أو تمييز، ولا يصح أن يكون اختلاف البشر في ألوانها وأجناسها ولغاتها ودياناتها سببًا في التنافر والعداوة. وأكد أن ميزان التفاضل الذي وضعه القرآن الكريم إنما هو فيما يقدمه الإنسان المؤمن من خير للإنسانية كلها: "إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" الحجرات: 13. وأضاف أن الإسلام نظر إلى غير المسلمين -وخاصة أهل الكتاب- نظرة تكامل وتعاون، وبالأخص في المصالح المشتركة على قاعدة من القيم والأخلاق التي دعت إليها كل الأديان، بل وتلك التي حظيت بالقبول والرضا من بني الإنسان. ودستور الإسلام في التعامل مع غير المسلمين يتلخص في قوله تعالى: "لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" الممتحنة: 8. وبحسب جمعة: عندما نقبل هذه المبادئ ندرك أن دائرة الاتفاق بين الأديان أكبر بكثير من دائرة الاختلاف، وأنه لم يعد هناك إلا أن نعيش سويًّا على هذه الأرض، مشيرا إلى أن الكتاب المقدس في الإسلام والمسيحية يشترك في قيمتين في غاية الأهمية، وهما: حب الله وحب الجار. وأكد فضيلة المفتي في ختام كلمته على أهمية القيام بحملات منظمة للتعريف بالإسلام وحضارته، وتاريخه الذي يمثل نموذجًا فريدًا في التسامح والتعايش السلمي خاصةً في ظل النظرة المشوهة عن الإسلام، والتي زادت وتيرتها مؤخرًا في الغرب.