تشهد مدينة بودواو البعيدة ب 15 كم غرب بومرداس، حالة أقل ما يقال عنها أنها كارثية، فغياب التهيئة عن أحيائها جعلها غارقة في الأوحال شتاء وفي الغبار صيفا، ناهيك عن ضيق طرقاتها التي تجعلها تشهد فوضى كبيرة في حركة المرور يوميا. الزائر لمدينة بودواو التي تعتبر من أقدم مدن ولاية بومرداس، سيقابله مشهد يعبر له بصدق عن حال المدينة، حيث تغيب التهيئة تمام عن المحطة وتنتشر الأوساخ بشكل كبير، والمشكل الأكبر هو انتشار الحفر التي تمتلئ بالماء مع أو قطرات، فيستحيل معها التنقل في المحطة وإن فرض عليك ذلك، فالحذاء والملابس تمتلئ بالوحل وتبتل بالماء الراكد ركود التنمية في المنطقة، وعند الاستفسار عن سبب غياب التهيئة عن المحطة، قيل لنا أن ملكيتها تعود لأحد الخواص وبالتالي لا دخل للسلطات في تسييرها. ولا تتوقف المعاناة والصورة المشوهة في بودواو عند المحطة، فغير بعيد عنها ولأمتار فقط يقابلك السوق الذي يشبه المحطة في كل شيء، ولا يختلف عنها سوى في وجود طاولات السلع عوض حافلات نقل المسافرين، فمن مدخل السوق إلى مخرجه لا شيء سوى الوحل والمياه والأوساخ المنتشرة في كل مكان، لدرجة أصبح الدخول إليه مغامرة لا تحمد عقباها، ولا يخرج منها سوى من ينتعل نعلا مطاطيا لأنه وحده الكفيل بتجاوز العقبات، وعند دخول وسط المدينة يقابلك مشهدان وعقبتان، فإما أن تكون راجلا فتلك مصيبة كون الأرصفة ضيقة ويحتل التجار بالسلع معظمها، أو رواد المقاهي بالكراسي والطاولات، وإما أن تكون غير مهيئة فالبلاط مقتلع والأوحال والأتربة منتشرة في كل مكان، أما إن اخترت دخول بودواو بالسيارة فتلك مصيبة أكبر لأن الطرقات ضيقة والسيارات كثيرة فمعظم الطرقات، خصوصا وسط المدينة تعاني اختناقا مروريا طيلة أيام الأسبوع، وتزداد حدته يوم الجمعة مع السوق الأسبوعي للمدينة، الذي يستحق أن يكون عنوانا لقصة أخرى من قصص بودواو المنكوبة.