كما أن الأفراد بأمس الحاجة إلى الصبر فكذلك الأمة، فأمة الإسلام كغيرها من الأمم، لا تخرج عن سنن الله الكونية، فهي عرضة للكوارث، والمحن. وهي في الوقت نفسه مكلفة بمقتضى حكم الله الشرعي بحمل الرسالة الخالدة، ونشر الدعوة المباركة، وتحمل جميع ما تلاقيه في سبيلها برحابة صدر، وقوة ثبات، ويقين بأن العاقبة للتقوى وللمتقين. وهي كذلك مطالبة بمجاهدة النفس، وهذا لا يتحقق إلا بخلق الصبر، ومغالبة النفس والشيطان والشهوات، لأن الناس إذا تركوا وطباعهم، وما أودع فيها من حب للراحة، وإيثار للدعة، ولم يشد أزرهم بإرشاد إلهي تطمئن إليه نفوسهم، ويثقون بحسن نتائجه عجزت كواهلهم عن حمل أعباء الحياة، وخارت قواهم أمام مغرياتها، وذاب احتمالهم إزاء ملذاتها وشهواتها؛ فيفقدون كل استعداد لتحصيل السمو، والعزة، والمنزلة اللائقة.