من أمريكا إلى الدانمارك إلى فرنسا ثم إلى فرنسا ... نرى أن القوم فيما ذكرت وأشرت إليه من الدول طالما كانوا وما زالوا يتبجحون بما لديهم من الحريات ذات الفضاء الواسع الممتد ، والذي يتمتع بنعمه كل من تستظلهم سماوات هذه الأقطار ... شتموا مقدساتنا وقالوا إنها حرية الرأي ، وداسوا على حقوقنا وقالوا بأننا لا نستحقها ، وامتهنوا كرامتنا وجنحوا إلى مناصرة أعدائنا علينا تحت حجج واهية ...ونحن نلتزم الصمت حيث يدغدغون مشاعرنا ببعض الجمل الإنشائية والعبارات الداعرة الفضفاضة التي لا توصل إلى غاية ، ونحن المحرومون من تلك الحريات وهذه حقيقة ، ننخدع بأقوالهم ونقول إنها الحرية وإن كنا لا نتمتع نحن بها ولكن هل أن ادعاءات الغرب صحيحة ؟ وهل إن ما يشاع ويقال بأنه بعض الحقيقة ؟ لابد من القول بأن النقاش في مثل هذا الموضوع لا يؤدي إلا إلى حقيقة واحدة وهي أن الغرب كذاب ومخادع بإعلامه وبكل ما يدعيه ، وذلك لأسباب منها على سبيل التمثيل لا الحصر: أن القوانين والدساتير في كل العالم عندما تسن فإنها أو ل ما تراعيه هو الأخلاق والقيم والمناقب الاجتماعية ، تلك التي لابد من توفر ما يسمو منها ليكون منطلقا ومرجعا قانونيا وإن حرية الرأي تندرج تحت بند حرية العبادة وحرية المعتقد ، وهذا يعني أنه لا بد من احترام من يعتنق أو يدين بديانة أو فكر أو طقس من الطقوس وإعطائه المجال واسعا لممارسة طقوسه وعباداته... والقانون يقول بأن من يسيء إلى هذه الممارسات إنما يخالف القوانين المرعية لأن مضمون حرية الرأي هو هذا وحرية الرأي لابد من أن يتكفل القانون بحمايتها وحماية أصحاب الرأي المخالف ، ومن هنا فإن ما صنعه الأمريكان والدانماركيون والفرنسيون فيما فسر وببساطة على أنه إهانة لمعتقدات المسلمين ، لا يمكن له أن يخرج عن القاعدة التي حددناها أي على القانون ألا يكتفي بحماية المعتقد فقط بل عليه أن يحمي المدين به ! وبالتالي فإن الإساءة لمن تراه تابوا لديك لابد وأنها تخرج بصاحبها عن الجادة وتوقعه في مخالفة صريحة للقانون هذا اجتهاد مني ولست بقانوني أو حقوقي غير أن الحقوقيين أيدوه وقالوا به ، وبالأمس طلع علينا وزير فرنسي بإطلالة أقل ما قيل عنها بأنها كانت شيئا من النذالة والسفاهة عندما تعرض لوزير جزائري هو موضع احترام الجزائريين لا لشخصه فقط بل لما يمثله من قيم نضالية للشعب الجزائري بصفته وزيرا للمجاهدين ،أولئك الذين قاتلوا من أجل رفعة وعزة بلدهم ، فهل هذا أيضا فصل جديد من فصول حرية الرأي الغربية ؟ وهل يدخل هذا في إطار الحريات المصونة ؟ بالتأكيد لا لأن من طبيعة القانون أنه يحافظ على القيم الاجتماعية والسياسية والخلقية فهل ما تفوه به وزير الدفاع الفرنسي السابق من إهانات بحق وزير المجاهدين الجزائريين يدخل في إطار القيم الفرنسية ؟ إن كان الأمر كذلك فألف سلام على تلك القيم وألف سلام على ديمقراطيتهم وحرياتهم ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين والحمد لله رب العالمين .