الإسلام دين يسر لم يلزم القصاص بالضرورة، وألح على احترام جميع الآراء حتى لا يتحول النقاش إلى اتهامات مغرضة نفى وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله، أن تكون في الجزائر أقلية مسيحية جزائرية كما يروج له الغرب، مؤكدا أن المسيحيين هم أجانب ولا يمثلون سوى 4 بالمائة، كما أبرز الوزير في حوار خص به “الفجر”، أن الانتقادات التي حملها تقرير واشنطن تجاه ممارسة الحريات بالجزائر ماهو سوى تعبير عن قلق من فشل أجندتها بالجزائر، واصفا محاولة الاستيلاء على مؤسسة مسجد باريس من طرف المغاربة المدعمين باليمين المتطرف الفرنسي بأنها حالة ميؤوس منها، هدفها زعزعة مصالح الجزائر بفرنسا، والتي لا تستطيع أية دولة عربية أو إسلامية أن تحل محلها في رعاية الجالية الإسلامية هناك. لا وجود لأقلية مسيحية بالجزائر، ونأمل من الغرب توفير أرضية لممارسة المعتقد الإسلامي كما نوفرها نحن. الاستنجاد بمفتين أجانب أو بطريقة أجنبية كمصر أو تونس مجرد افتراء في حين اجتهدتم في تنظيم ملتقى دولي حول ممارسة الشعائر الدينية، أبرز من خلاله المشاركون جدية القانون المؤطر لهذه الحريات وعدم تعارضه مع الحريات الدينية، وجه تقرير الخارجية الأمريكية سهاما مسمومة لواقع الحريات الدينية والإنسانية بالجزائر، أين الخلل معالي الوزير؟ أولا يجب أن يعرف العالم أن الولاياتالمتحدةالأمريكية وبعض المنظمات الإنسانية والحقوقية المنضوية تحت لوائها أصبحت تنصب نفسها وصيا، خاصة على الشعوب العربية والإسلامية، وتتدخل في شؤونها الداخلية بطريقة أو بأخرى، وما جاء به تقرير الخارجية الأمريكية لا يمت بأية صلة لواقع الحريات الدينية والحقوقية بالجزائر، فقانون ممارسة الشعائر الدينية واضح، ويرخص للممارسة المعتقدات باختلافها دون قيد أو شرط، وهو ما اعترف به كبار القساوسة ورجال الدين المسيحي من أمريكا وآسيا وأوروبا، وبشأن ما حمله التقرير من مزاعم التضييق على الكنائس، أدعو معدي التقرير إلى زيارة مواقع الكنائس بالجزائر، فهي مفتوحة والقائمون عليها يمارسون مهامهم بكل حرية. أما عن الخلل الذي ورد في سؤالك، فإن أمريكا يضايقها تشبث الجزائريين بدينهم الإسلامي السمح، وفشل أجندة الغرب المتعلقة بحملات التنصير والتبشير التي كانت تستهدف ربوع الجزائر سرا، أما بالنسبة لتدهور حقوق الإنسان حسب ماجاء في النص الأمريكي، فلماذا لم تكشف البعثات الحقوقية كل هذا غداة زياراتها المتتالية للمؤسسات العقابية والمؤسسات التربوية، لذلك تجد الجزائر اليوم نفسها تتساءل عن انتقاد أمريكا ولازال نظامها يبحث حماية اجتماعية لمواطنيها. أصبح الغرب يروج وبشكل مفضوح لاستعمال مصطلح أقلية مسيحية جزائرية، معالي الوزير هل فعلا هناك هذه الأقلية كما يروج له وما هو عددها؟ يجب أن يعلم الغرب وحتى لا تختلط الأمور، أن الأقلية المسيحية بالجزائر لا تتعدى 4 بالمائة، وهم ليسوا جزائريين، بل هم عمال المؤسسات الأجنبية، والطلبة الأفارقة، وبعثات السلك الدبلوماسي، أما عن الجزائريين المسيحيين فعددهم قليل جدا، وبالتالي لا يمكن أبدا أن نسميهم أقلية مسيحية، ولكن مع ذلك فهؤلاء يمارسون معتقداتهم بكل حرية ودون رقابة أو متابعات كما تتوهم أمريكا، لكن نأمل من أمريكا التي تنتقدنا أن توفر أرضية لممارسة المعتقد الإسلامي بأراضيها، كما نوفرها نحن للمسيحيين. كشفتم في تصريحات سابقة عن وجود جمعيات دينية أجنبية تنشط سرا وراء هذه المغالطات، ألا تعتزمون مراجعة نشاط هذه الجمعيات الأجنبية؟ الجمعيات الإسلامية أو غير الإسلامية الوطنية والأجنبية يجب أن تحتكم إلى قانون الجمعيات، وتنظيمها ليس مهمة وزارة الشؤون الدينية، لكننا نجدد نداءنا إلى هذه الجمعيات بتقديم ملف اعتمادها حتى تنشط في العلن، وفي ظل شفافية القوانين، لكن النشاط الجمعوي السري منبوذ في أية دولة مهما كانت درجة ديمقراطيتها. وماذا عن الجمعيات الوطنية التي تنتقد قطاع الشؤون الدينية، آخرها ما زعمته جمعية “جزائرنا” عن وجود 35 بالمائة من طلبة المدارس الدينية يتعرضون للتحرش الجنسي، وكأن في الأمر مناورة لإلحاق الشبهة بالقطاع لتمييع الاعتداءات والفضائح الجنسية المرتكبة من قبل القساوسة والكهنة في الكنائس؟ مثل هذه الجمعيات أمرها غامض، فأبناء ممثلي هذا التنظيم ليسوا من المنتسبين للمدارس القرآنية، وهم أيضا من رافضي وجود مثل هذه المدارس، فنتائج التحقيق الذي أنجزناه في ولاية البليدة أكد أن أولياء مدارس الولاية لم يستجوبوا في الموضوع، فهي تهم باطلة ودعاية مغرضة تخدم مصالح مجهولة لتسويد صورة الجزائر. يقود مغربيون بدعم من اليمين الفرنسي المتطرف حملة مغرضة ومغالطة في حق جزائريين يشرفون على مساجد فرنسية، وصلت إلى حد اتهامهم بالتطرف والتحريض على العنف ؟ نحن انتدبنا أحسن الأئمة، ولا ننتظر من هؤلاء إثبات حسن سيرتهم، فيكفي أن وزارة الداخلية الفرنسية ورؤساء المقاطعات الإدارية يراسلوننا رسميا لتمديد إقامة هؤلاء، لما وجدوا في سيرتهم وخطابهم دعما وسندا في حل قضايا الانحلال الخلقي ونبذ العنف والتطرف بالمجتمع الفرنسي. ماذا عن المحاولات والمساعي المغربية للاستيلاء على مسجد باريس الكبير؟ هي محاولات ميؤوس منها لزعزعة مصالح الجزائر وضربها، ولا داعي للقلق، لأن مسجد باريس هو مؤسسة دينية، ثقافية، جزائرية، والأكثر من ذلك لا يمكن لأي طرف سواء المغرب أو غيرها أن يحل محل الجزائر فيما تعلق بخدمة شؤون الجالية الإسلامية بفرنسا، خاصة وأننا كنا السباقين لإقامة مساجد ومراكز دينية وثقافية بالتراب الفرنسي. على ذكر الجالية المهاجرة، يسجل عليكم معالي الوزير أنكم تولون اهتماما بالغا بشؤون الجالية الإسلامية بفرنسا دون غيرها من بقاع البلدان التي تتواجد بها الجالية الجزائرية، وكان آخر المحتجين الوفد البريطاني المكون من الجالية الجزائرية ودول مسلمة، والذين طلبوا دعم الجزائر لبناء مسجد كبير هناك، ودعم عملية التوعية في سياق الإسلام السمح؟ ما يدفعنا لتحمل مسؤوليات كبيرة تجاه الجالية الإسلامية بفرنسا ليس تفضيلا أو شيئا من هذا القبيل، بل بسبب ارتفاع عدد الجزائريين هناك، والذي يقارب 4 ملايين، لكن حقيقة سمعنا بعض هذه الانشغالات من جزائريي بريطانيا وألمانيا وكندا مؤخرا، فالقضية قضية برنامج وإمكانيات، فلدينا برنامج مشترك مع وزارة الشؤون الخارجية بهذا الخصوص، سيدرس قريبا على مستوى مجلس الحكومة التكفل بانشغالات الجالية الجزائرية والإسلامية عامة بهذه البلدان. وماذا عن تذمر بعض الأئمة وأساتذة الشريعة بفرنسا من إقصائهم من مجلس الجالية الجزائرية بالمهجر؟ المجلس لم يعلن عنه بعد، لكني أطمئن الجميع بأن المجلس لن يقصي أية كفاءة جزائرية تساهم في الدفاع عن انشغالات المهاجرين. ترافع الجزائر في الآونة الأخيرة على الساحة الدولية لوقف حملات العنصرية المسيئة للإسلام، وأكبرها تلك التي يخوضها وزير الداخلية، يزيد زرهوني على المستوى الإقليمي، وكان آخرها مداخلته أمام مجلس وزراء الداخلية العرب بتونس، هل من برنامج لديكم لوقف مثل هذه الحملات التي ازدادت حدتها في الأونة الأخيرة؟ بلد إسلامي بحجم الجزائر وجب عليه الرد على الحملات الغربية المسيئة للإسلام، كان آخر المواقف ما دعا إليه وزير الدولة وزير الداخلية والجماعات المحلية بتونس وقبلها بإيطاليا، ولا يخرج سبب هذه الحملات عن القلق والخوف من انتشار الإسلام بأروبا وأمريكا، التي تعيش مجتمعاتها فراغا روحيا عوضه الإسلام، والدليل على ذلك ارتفاع حالات اعتناق الإسلام بالجزائر التي تجاوزت 800 حالة السنتين الأخيرتين تأثرا بالنمط الأسري بالجزائر. يتأكد يوما بعد يوم أنه حان الظرف المناسب لتجسيد مشروع مفتي الجمهورية، خاصة أمام خطر الفتاوى المستوردة والفضائيات الدينية التي لا تتناسب وخصوصيات المجتمع الجزائري، فمتى يفرج عن هذا المشروع؟ الفتاوى المستوردة وشبيهاتها تشكل خطرا على المجتمع الجزائري، حيث وصل الأمر إلى أن كل من يرتدي زيا خليجيا ويطلق لحية ينصب نفسه مفتيا في المقابر والمساجد، وأكثرهم يجهلون العلم الشرعي، ووصل بهم الأمر إلى تحريم تلاوة القرآن بالمساجد وإقرار مراسم جديدة في الجنائز، وعليه أستغل منبركم لأوجه ندائي للجزائريين لأن يطلبوا فتاواهم، سواء في الأحوال الشخصية أو التجارة، من المجالس العلمية المنشترة عبر الولايات، وهي الهيئة الرسمية المخولة بذلك، في انتظار إعلان الرئيس بوتفليقة عن دار الإفتاء. لكن متى سيتجسد، خاصة وأن الأمر كان منتظرا في رمضان الماضي، وهل يعود هذا التأخير إلى انعدام اسم مؤهل، وهو ما جعل بعض المعلومات تؤكد رغبة الرئيس في الاستنجاد بعالم أجنبي والبحث؟ مفتي الجمهورية مؤسسة سيادية من صلاحيات رئيس الجمهورية، أما المعلومات المتداولة عن رغبة الجزائر في الاستنجاد بمفتٍ أجنبي ورغبتها في الاقتداء بالطريقة المصرية أو التونسية هو ضرب من الجنون، أليست الجزائر بلدا عمر فيه الإسلام منذ قرون كسائر الأمصار الإسلامية، ألم تنشأ بها مدارس وزوايا ومساجد ذاع صيتها عالميا، وتخرج منها كبار العلماء، لذلك أقول لك إن الاستنجاد بالأجانب كلام لا أساس له من الصحة، فلدينا المئات من الأسماء المرشحة لتولي منصب مفتي الجمهورية، أما عن استنجاد الجزائر بطريقة أجنبية كمصر أو المغرب أو تونس لتنصيب هذا المشروع فهو الآخر افتراء، لأن الجزائر ليست تونس ولا المغرب ولا مصر، ولا أي بلد آخر، فرغم أننا نشترك معهم في الكثير من الروابط والأواصر إلا أنه لدينا مميزات وسمات خاصة بنا. معالي الوزير، هناك جدال حاد حول إلغاء عقوبة الإعدام من عدمه، ما هو موقف وزارتكم من الموضوع؟ الموضوع الآن قيد النقاش وتبادل الأفكار، لكن أقول لك إن الاسلام لما كان دين يسر لم يلزم القصاص بالضرورة، ضف إلى ذلك أن الجزائر لم تنفذ عقوبة الإعدام منذ بداية التسعينات، وما ألح عليه شخصيا هو ضرورة الالتزام باحترام جميع الآراء في الموضوع مهما كانت قناعة أصحابها، حتى لا تتحول إلى اتهامات يستثمر فيها البعض وفق أهوائه. لا تزال عقارات وأملاك الوقف مبعثرة هنا وهناك دون استغلالها في النفع العام، هل من استراتجية لاسترجاعها؟ أعددنا مشروعا في هذا الشأن، وسيعلن الوزير الأول قريبا عن ميلاد هيئة وطنية تسمى “الديوان الوطني لأوقاف”، وهي المؤسسة التي توكل لها مهام استرجاع هذه الأملاك، ووضع سياسة عامة لاستغلالها في الصالح العام. ألقى الوزير الأول على عاتقكم مسؤولية تنظيم موسم الحج المقبل، فهل يمكن أن يكون هذا الموسم دون مشاكل المواسم السابقة؟ أولا ما يجب أن يعرفه الحجاج هو أن تنظيم الفريضة لهذه السنة عرف تطورات مهمة تحت إشراف مباشر لدولة الوزير الأول، أحمد أويحيى، وعبر جميع مراحله، حيث عقد في هذا الصدد اجتماعات لمجالس وزارية مشتركة بين القطاعات المعنية، ونحاول قدر الإمكان الاستفادة من التجارب السابقة حتى لا نكرر نفس الأخطاء، إذ تم الإبقاء على عدد الحجاج ب36 ألف حاج، مع تحديد التكاليف ب36 مليون سنتيم، واختيار 5 مطارات لنقل الحجاج حتى تكون عملية النقل أكثر تنظيما.