إن المطلع على واقع الدعاوى المرفوعة في المحاكم الجزائرية، يدرك أن أبرز ما يميز قضايا الأحوال الشخصية هو قضايا الطلاق، وإن كانت هذه الأخيرة لا تعد ظاهرة جديدة على المجتمع الجزائري، إلا أن الملفت للنظر، هو ارتفاع نسبتها لدى فئة الشباب المتزوجين حديثا، والذين لا تتجاوز أعمارهم 25 سنة، ممن يسارعون لاتخاذ قرار الانفصال عند أول خلاف، ودون أي وعي بالعواقب. لقد شرع الله لخلقه الزواج كعلاقة وطيدة، تربط بين الرجل والمرأة وذلك في حدود ما أمر الله تعالى به، لكن الحياة وبالتناقضات التي تحملها قد تحول هذا الميثاق الغليظ، إلى حمل ثقيل يقع على كاهل المتزوجين، ولهذا يعد استمرار هذه الرابطة مستحيلا، رغم أنها لطالما ارتسمت معانيها بالصبر، ورغبة الطرفين في مواجهة الصعاب وتحمل متاعب الحياة معا، وذلك نظرا لعدة أمور وان تعددت الا انها تؤدي الى طريق واحد وهو "الانفصال"، لذا جعل الله الطلاق مع أنه أبغض الحلال لديه، كوسيلة يحفظ ما تبقى للطرفين من ود و احترام رغم كل ما حصل. هروبا من لقب "عانس".. زواج بأول خاطب وطلاق لأتفه الأسباب غالبا ما تحدث قضايا الطلاق بين الشباب المتزوجين حديثا لأتفه الأسباب وذلك استنادا على شهادة بعض الفتيات، حيث ترى صارة أن "الاسرة هي أكبر متسبب لما يحدث في مجتمعنا من مشاكل وذلك نظرا للطريقة لتي أصبحت تتربى على اثرها الفتيات، فهنالك الكثير منهم من تقول أن المهم أن تتزوج ابنتي ولاتصبح في نظر الناس والمجتمع " عانسا " على حد قولها، وكأن بهؤلاء الأولياء ولفترة ما نسوا أو تناسوا بقصد أو من دون قصد؟ أن الزواج مسؤولية ويتطلب تحضيرا يشمل كافة الجوانب النفسية والجسدية والفكرية للفتاة مركزين اهتمامهم على الجانب المادي للفتاة وفقط " التروسو". في حين ترى كل من "سهيلة" و"امال" أن السبب الرئيسي لارتفاع نسب الطلاق بين الشباب المتزوجين حديثا، غياب ثقافة الزواج في المجتمع الجزائري، فهم كل فتاة ان يصبح لديها خطيب تتفخر به على صديقاتها، كما غابت عن مجتمعنا فكرة تأسيس أسرة حقيقية من شأنها أن تنشئ جيلا صالحا، مركزين اهتمامهم عل الأمور الثانوية في الزواج كاللباس وأماكن قضاء شهر العسل وغير ذلك، دون أن يفهموا المغزى والهدف الاساسي الذي وجد من أجله أصلا الزواج. في وقت يرى فيه أمين أن "الزواج في هذا الوقت أصبح مجرد صفقة سواء من الرجل أو المرأة فكل منهما أصبح يبحث عليه من أجل مصلحة أو هدف يسعى الى تحقيقه، فالواقع مليء بمثل هذه القضايا فمن خلال تجربتي البسيطة في الحياة عرفت أشخاصا تزوجوا "عقد القران المدني" بهدف الحصول على عقد السكن وفقط". شباب يتزوج بفكر مهند وفتيات بشخصية نور .. والواقع يثبت عكس ذلك "لا يهمني أي احد في هذه الحياة غيرك ولا يهمني شيء في الدنيا كلها الا قربك" هذه العبارات وغيرها كثير وبسب غياب العقل والوعي في كثير من الأحيان تكون كفيلة بتحويل حياة الشباب الى جحيم، " أ – ع " هي فتاة في العقد الثاني من عمرها، تعرفت على شاب كان يدرس معها في نفس الثانوية قسم نهائي بينما تجمد الرصيد العلمي لها في السنة الثانية، المهم أنهما عاشا قصة رومانسية جميلة كان " القلب" البطل فيها وبدون منازع، في حين غيب العقل وطوي في صفحة النسيان مرت الأيام الجميلة سريعا، ليحين بعد ذلك موعد اجتياز الشاب شهادة البكالوريا، وبعد نجاحه مباشرة في هذه الشهادة طلب من أهله الزواج، وبدورهم وافق الأهل على ذلك ولم يقفا في طريقه، باعتبار أنهم من عائلة ميسروة الحال ولا شيء يمنع ذلك، وفعلا ذهب لأهل الفتاة وطلب يدها من أهلها فوافقت الأسرة على ذلك باعتبار أنهم سمعوا بالعلاقة بينهما، لم تمض سوى أشهر حتى ارتبط الشابان، وتبدأ بذلك فصول حكاية تحول الحب و الرومانسية فيها الى مشاكل، ويكشف الفارس النبيل عن وجهه الحقيقي الذي كان يخفي كل أنواع القهر و"الحقرة"، فأول لقاء كان يحلم به الطرفان طيلة حياتهما تحول الى " كابوس"، اذ تلقت الفتاة فيه كل أنواع العذاب سواء من الزوج أو من الأهل الذين لم يتوانوا في اهانتها و حتى ضربها، لتنتهي فصول قصة زواج بدأت بأسطورة حب بطلاق بطلي القصة رغم وجود طفل بينها .