انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة بين أوساط الشباب وخاصة منهن النساء، اللواتي أصبحن يلجأن إلى وضع شروط خيالية تفوق التصور العقلاني في تحديد الزوج المستقبلي، فالكثير من الفتيات يسبحن في الخيال المنسوج للظفر بالحياة السعيدة والدلال الزائد، ولكن الواقع يعكس كل ذلك إذ يصطدمن بالواقع المليء بالمشاكل نظرا لغياب التخطيط الجيد والهادف أمام غياب الوعي بالحياة الزوجية التي يتم من خلالها تحديد الشخص المناسب لتحمل المسؤولية الملقاة من الزواج فيما يخص الحقوق والواجبات المترتبة من الزواج، فكثيرا ما يتقدم لها الرجال أقل من مستواها العلمي أو بإمكانيات مادية بسيطة جدا لكنها في كل مرة ترفض حيث ينتهي بها المطاف في صف العوانس. حيث أصبحنا نلاحظ في مجتمعنا الجزائري أن الزواج الذي كان يعتبر في القديم نصف الدين نظرا لقداسته وأنه يمثل حياة أبدية متكاملة أصبح في الوقت الحالي للكثير من بنات اليوم مجرد اقتران عادي للتخلص من نقد المجتمع، وأمام هذه الإدراكات الخاطئة كان ولا بد من أي فتاة التي تصل إلى سن محدد ولم تتزوج أن تتخلى عن تلك الشروط التي يجب أن يتصف بها الخاطب، فالتشبث والتعنت في الشروط صفة غير محمودة الأمر الذي يقود الكثير من الفتيات في نهاية المطاف إلى القبول بأي رجل يقرع باب بيتهم سواء كان كبيرا في السن أو بمستوى وظيفي متدن. وفي هذا السياق أبدت الكثير من الفتيات اللواتي التقيناهن بجامعة الإعلام والاتصال بالجزائر العاصمة وهن في صدد إجراء الامتحانات الاستدراكية لهذا العام رأيهن فيما يخص الموضوع، حيث باشرت نعيمة حديثها بقولها: لا يجب على الفتاة أن تكون اختياراتها صعبة في اختيار الرجل الذي تحلم به حتى لا تصل إلى سن العنوسة بعد أن تفشل في إيجاد الصفات المثالية التي تتخيلها فيه، وحسب رأيي الشخصي فإن للأسرة دور كبير في أن تسهم في زيادة الوعي لدى الفتاة فيما يتعلق بمفهوم التوازن وهي صغيرة في نظرتها للرجل. وتتدخل زميلة لها وهي السيدة هدى التي مرت بتجربة زواج فاشلة بسبب معتقدات وضعتها كمعايير لنجاح الزواج لديها ولكنها انتهت بالفشل، إذ حدثتنا بقولها: لقد كنت أرفض الزواج من رجل متزوج وعندما تزوجت الذي لم يسبق له الزواج بقيت معه أسابيع ثم طلقت وعدت إلى بيت أسرتي وأنا مصرة على أن أتزوج من رجل لا يوجد لديه زوجة، ولكن نصيبي كان أن اقترنت برجل متزوج الذي وجدت معه السعادة الحقيقية، وأؤكد فيما يخص هذا الموضوع أن الحياة وحدها كفيلة بتغيير القناعات لدينا. وفي هذا الشأن تقول السيدة هاجر، وهي أستاذة مادة المنهجية تدرس بنفس الجامعة: هناك الكثير من الظروف التي تحول دون تحقيق الزواج للفتاة وأنا اعتبر أن للوالدين دورا فعالا ومهما في إخراج الفتاة من دائرة الشروط الخيالية والتفكير السلبي فعدم زواجها لا يعني بالضرورة نهاية المطاف بل لا بد من احتوائها ومنحها جزءا من الحرية لأن الفرصة تأتي كل مرة وعلى الفتاة أن تديرها بشكل جيد من خلال معرفة كيفية اختيار شريك الحياة دون كراهية خاصة وأن الكثير من الأسر الجزائرية تدفع بالفتاة المتأخرة في الزواج أن تقبل بأول طارق للباب دون السؤال عنه بشكل دقيق. واتفقت معهما أخرى التي ترى أن الكثير من الفتيات يسهمن في تغيير فرصهن في الزواج حتى يصلن إلى مرحلة العنوسة عندما تبدأ الفتاة باختلاق الأعذار لإكمال تعليمها بعد التعليم الجامعي أو انشغالها بمهام ومشاغل توازن بينها وبين الزوج إلى أن تقل فرصتها في الارتباط وتبدأ في التنازل عن بعض الشروط والصفات التي يجب توفرها في الزوج وقد تتزوج ولكنها لن تكون سعيدة.