واحد من الذين تبنوا القضايا المغاربية والعربية في حصصه التي يقدمها على" فرانس 24 "، يتميز برأيه الصريح، له وجهة نظر ربما تخالف الكثيرين من العرب فيما يخص الجالية العربية في فرنسا، يعتبر أن الجالية المغاربية هناك تكثر الكلام ولا تفعل شيئا عكس التونسيين الذين نجحوا في فرنسا بفضل عملهم، ابن تونس توفيق مجيد لا يعتبر نفسه غريبا في فرنسا ويرى أن الثقافة المغاربية موجودة في فرنسا في تقاليد أهل المغرب العربي وعادتهم وأمور أخرى يكشفها للقارئ في هذا الحوارالذي خص به "الأمة العربية" . توفيق مجيد: القناة في صحة جيدة. لم نكن نتصور عند اطلاق القناة بأننا سنحظى بصيت واسع في المغرب العربي خصوصا وفي دول أخرى عديدة. مانراه اليوم وبعد ثلاث سنوات من إطلاق القناة يثلج صدرنا. قناة راهنت على الشباب وعلى وجوه جديدة. اختارت التواضع كعملة لها وفضلت التعامل مع الأخبار على الطريقة الفرنسية أي بعيدا عن كل ما هو عقائدي وبعيدا عن الإشادة أو الإدانة من دون تحريض. احترام المشاهد يظل شعار القناة. الإعلام معركة يومية ...نخوضها بكل تلقائية ومن دون محاولة الدخول في منافسة عقيمة. نحن ندرك حدودنا ولاندعي في العلم فلسفة. - توفيق مجيدهو من مواليد قرية اسمها تبلبو قريبة من مدينة قابس ..درست في تونس حتى الباكالوريا وواصلت دراستي العليا في باريس..متزوج ولي ثلاثة اطفال...ميزتي هو أنه رغم وجودي منذ فترة طويلة في فرنسا فإن كل ابنائي يتكلمون العربية بطلاقة.. هم الوحيدون في الصيف الذين يتكلمون بلهجة جنوبية قحة والجميع يتحدث عنهم في القرية..عندما يخطئ أحدهم ويتلكم بالفرنسية يصححه آخر بالقول...ما تتكلمش بالفرنسي وإلا بابا يعطيك كف. - روايتي مع الإعلام طويلة...بذات في الواقع الكتابة بالفرنسية وعمري 14 سنة مع مجلة تونسية اسمها جوناس ماغازين..كنت ألمع تلميذ بالفرنسية لأن والدتي درست فقط بالفرنسية في معهد كاتوليكي إبان الاستعمار..كانت تساعدني وتسألني أحيانا بالفرنسية..كنا أيضا على علاقة ممتازة مع عائلات فرنسية في الجنوب..والدي مدير مؤسسة تعليمية وهو خريج الزيتونة أي أنه لا يتحمل الأخطاء بالعربية .. كنت أحب الكتابة باللغتين...وكنت أقرأ كل ما أجده..عندما جئت إلى باريس كتبت مع مجلة جون افريك.. وباقتراح من صديق عوضت في الصيف صحفيا كان يعمل كمترجم مع وكالة الأنباء الليبية في باريس ...عوضته شهرا فطلب مني المدير أن أبقى..كانت تجربة ممتازة لأننا نترجم كل الصحف والمجلات الفرنسية وحتى الكتب أحيانا...أنا بالفعل مدان لهذه الوكالة لأنها كانت بالفعل مجالا واسعا..على عكس ما يتصوره البعض لم نكن نتحدث لا عن الكتاب الأخضر ولا عن اللجان الشعبية أو الثورية..كنا نتلقى يوميا كميات هائلة من الصحف الفرنسية والبلجيكية والسويسرية...نختار أبرز المقالات والتعليقات لترجمتها ما سهل لي العلاقات مع العديد من الصحفيين على الساحة الفرنسية.. وهكذا تعاملت مع وكالة سيبا بريس ثم مع وكالة الصحافة الفرنسية...التحقت بعدها إلى إذاعة مونت كارلو واقوم بالعديد من المداخلات في إذاعة فرنسا الدولية...تجربتي مع التلفزيون بدأت بمداخلات عديدة على الجزيرة والعربية وقنوات سعودية وإماراتية وحتى على قناة الأل بي سي اللبنانية...مديرة مكتب الأي بي في باريس اقترحت علي إلى جانب عملي مع مونت كارلو أن أراسل قناة تونس 7 وقبلت ذلك ثم راسلت قناة دبي...قمت بسلسلة حلقات لبرنامج ارشيفهم وتاريخنا على قناة الجزيرة...حلقات عن مفتي القدس الحسيني وتعامله مع النازية وحلقات عن الأحزاب الشيوعية العربية وأخرى على الحرب بين العرب واسرائيل... كل هذه الأمور جعلتني على علاقة مستمرة بالأوساط الدبلوماسية الفرنسية وبالأوساط العربية والأجنبية عند مرورها بباريس ناهيك عن شبكة العلاقات مع كل وسائل الاعلام...الاعلام غابة صغيرة يتلاقى فيها الجميع وباريس تتحول إلى بيتك الثاني عندما تعمل في هذا المجال.. - مديرة قناة فرانس 24 الأولى انياس لوفالوا كانت مديرتي في مونت كارلو..اتصلت بي ذات يوم قبل منتصف الليل..سؤالها كان..هل تريد أن تلتحق بي في القناة...أجبت لا أدري يجب أن أعرف الظروف وان افكر في الامر..زكنت اعمل مع مونت كارلو واكتب مع دوريات متخصصة واراسل قنوات واتدخل على قنوات اخرى...قالت لي ان كنت مستعدا ارسل سيرتك الذاتية واحدد لك موعدا مع الادارة...عندما طرحت السؤال على ادارة مونت كارلو كي اتمتع باجازة دون مرتب اجابني المدير بلا..قلت له لماذا...قال لي لاننا في حاجة اليك ولا نريد ان نستغني عنك..سألني ان كنت اريد الذهاب إلى فرانس 24 فقلت نعم..طلب مني ان اذهب والتقي بالرئيس المدير العام لاذاعة فرنسا الدولية...تنقلت عند السيد شفارتز واوضح لي بأنه لن يمنحني اجازة بدون راتب...فقلت له على الفور...هذا ابتزاز وانا ساستقيل ولست في حاجة إلى اجازة بدون راتب...اندهش وقال لي انه حريص على بقائي مع مونت كارلو...اوضحت بانني اتخذت قراري وانني سأستقيل... تنقلت إلى فرانس 24. استقبلني المدير ثم مديرة الموارد البشرية وبعد ثلاثة ايام اقترحوا علي عقدا...استقلت من مونت كارلة والتحقت بفريق فرانس 24 قبل بداية البث وهكذا كنت مع اطلق برامج القناة مباشرة من معهد العالم العربي يوم7 ابريل 2007 - القناة الفرنسية تتميز بادارة في غاية من المرونة وتترك لك المجال كي تبدع وتتالق. أول الرئيس المدير العام يتحدث بكل تواضع مع الجميع بدون أي عقدة...هو سعيد بالقناة لانه لا بد للقراء ان يعرفوا انها اول قناة باللغة العربية في تاريخ فرنسا. ما يميز القناة هو انه لا يوجد وراءك من يملي عليك أي شيء...القرارات تتخذ في اجتماع التحرير وبكل استقلالية...خط التحرير الوحيد الذي نعرفه هو خط سكك الحديد..المهم هو الا نسمح لأي احد بأن يستخدم القناة كمنبر للتحريض على العنف أو على السب والشتم...ما يميزها هو أنها لا تحاول توجيه المشاهد...ننقل الأخبار كما هي مع التأكد من المصدر...نحن نلاحظ ان الثقافة الامريكية في التفكير منتشرة بشكل كبير مع أن المغرب العربي هو اقرب لفرنسا من بقية الدول الاوروبية أو الغربية..فرنسا لها ثقافة ولها حضارة قريبة من حضارتنا ...الامتزاج وقع بين الحضارتين. نحن نريد أن نشجع المشاهد على التفكير والا يتوقف عن توجيه التهم..لاحظ في المقاهي العربية..النقاشات اصبحت تقف عند هذا من فعل امريكا أو هذا من فعل اسرائيل..هذا يؤدي إلى غباء...التحليل ضروري والتفكير واجب. - أبدا...نتوخى الصراحة صحيح...نحن كعرب نجد سهولة في انتقاد االآخر من دون أي نقد ذاتي...النقاب...دول عربية ترفض النقاب..فرنسا بلد علماني ويحق لأي شخص أن يمارس طقوسه الدينية بكل حرية...أنا أصوم...هل يأتي أحد إلى بيتي للتأكد من ذلك...يجب أن نفهم أنه عندما نكون في بلد غير مسلم يجب أن نجتهد...لا يمكن أن نفرض رؤيتنا على بلد مثل فرنسا...لماذا نعتقد أننا على حق والآخر على باطل...اعتقد أن الدين في الدول غير المسلمة يكمن في علاقة الانسان بربه...رجال دين من المتطرفين يتصرفون وكأنهم يعرفون ما يعرفه آخرون...ثم ما يزعجني هو الشخص الذي ينتقد فرنسا دون أن يعرف البلد...يا أخي ذات يوم ومنذ فترة سمعت في مسجد يوم صلاة العيد إماما يقول من يقرأ جريدة يدخل النار...ذهبت اليه وسألته لماذا يتكلم بهذه الطريقة...ألا يجب أن نطلب العلم من المهد إلى اللحد.ثم قلت أنا صحفي اذا أنا سأكون في النار اذا سأتوقف عن كل شيء وحتى صلاة العيد لن احضرها بما ان الأمور محسومة...أجابني لا نقاش في الدين... تصور هذا التخلف...نحن عندما نتحدث عن النقاب نشير إلى أنه يوجد اشخاص يطالبون بعدم الاختلاط بين الرجل والمرأة في المسبح...يا أخي نحن في فرنسا.. أدعو الناس إلى تصور وجود عدد من الفرنسيين في الجنوبي التونسي يطالبون بطنيسة وبفرض عاداتهم وتقاليدهم وبأكل الخنزير...صدقني أن الأمور لن تمر على خير وسيطردون في الحين.. -- ما زالت الجالية المغاربية في فرنسا تعيش مشتتة وغير موحدة في كثير من الشرون وأحيانا تختلف على أمور يمكن الاتفاق حولها وتوحيد الجهود، هل هو انعكاس للواقع العربي المتشرذم أم هو التنافس على الولاء لفرنسا ..؟ - التنافس على الولاء لفرنسا لا...فرنسا لها مؤسسات صحيحة وعريقة..انظر رغم كل التغييرات السياسية فانه توجد ادارة مركزية صامدة...الجالية المغاربية مشتتة لاسباب موضوعية..توجد هوة كبيرة بين النخبة والقاعدة...والجالية متعددة الافكار..يا أخي الجالية المغاربية تختلف حتى بشان ادارة مسجد باريس او حتى عند انتخاب الرئيس الجديد للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية. اعتقد أن الجالية العربية هي اصعب جالية في فرنسا...صدقني انه توجد احياء يسكنها عرب انتم كجزائريين لا يمكنكم دخولها..صدقني ان حي لادوشير في ليون يذكرك بافغانستان..النساء بالنقاب والرجال باللحي والاطفال يقادون إلى المساجد لتعلم القرآن... هل تعلمون أن مشهد المهاجر الأمي يتكرر اليوم...أوضح فكرتي...اكتشفت أن شبانا من المغرب العربي غادروا المدرسة بسرعة تزوجوا بمغاربيات لهن الجنسية الفرنسية...اتوا إلى فرنسا ولكن وضعهم التعليمي شبيه بمستوى المهاجرين في الستينيات...هل بهذه الطريقة سنتقدم...انظر إلى الجالية الاسيوية..تعمل بدون كلام..نحن لا نفعل أي شيء بدون طبل.. - يجب برأيي أن نتجاوز هذه العقدة...صدق أن الجمعيات التي تحارب الوزيرة من أصول جزائرية فضيلة عمارة حاليا هي جمعيات تضم فرنسيين من أصول مغاربية وافريقية..لا يمكن للجالية العربية أن تكون مؤثرة لانها لا تعرف كيف تتعاطى مع الاعلام...يكفي أن يقدم شبان على كسر كاميرا صحفي في منطقة صعبة كي يفقد الأجانب مصداقيتهم.. الرئيس نيكولا ساركوزي وقبله شيراك اعطى فرصة لفرنسيين من اصول مغاربية بالعمل مع الحكومة.. يجب على العرب ان ينظروا إلى رشيدة داتي كفرنسية لا أن يعلقوا عليها بالقول أنها كافرة لأنها انجبت بنتا دون أن يعرف أحد والدها... هذه المسألة عادية في المجتمع الفرنسي...ثم بيني وبينك الفرنسي يحبك عندما تكون مختلفا وان تعيش اختلافك بتلقائية ودون تصنع...عندما يرى انك اصبحت مثله بسبب تقليدك الاعمى له فانك تفقد جاذبيتك وخصوصيتك...هذا لا يعني انه يجب أن تفرض خصوصياتك بالصريخ..لا بالعكس. - زين الدين زيدان بعد حصول فرنسا على كأس العالم كتب اسمه على قوس النصر...زيدان رئيس للجمهورية..المجتمع الفرنسي غير جاهز للتصويت لمحمد أو علي..."الأوبامانيا" لن تتحول إلى "محمدومانيا" في فرنسا..انت شاهدت ما حصل حتى في مباريات كرة قدم بين فرنساوتونس او الجزائر او المغرب...الجمهور ينزل إلى الملعب والكل يرفض حتى النشيد الوطني الفرنسي..هذه امور ينساها المثقف ولاينساها المواطن العادي الفرنسي...ثم انا ضد فكرة وصول رئيس عربي في فرنسا ما لم نجد الطريقة للاندماج على غرار ما فعل الايطاليون والاسبان...الحل الوحيد لنا هو النجاح الاجتماعي كسلاح لفرض كلمتنا ولفرض افكار يقبل بها الجميع - ارتباط الاعلام بالسلطة..قل بالله عليك من يشاهد التلفزيون التونسي أو الجزائري أو المغربي الا عندما تبث مباريات كرة قدم...عندما تشاهد القنوات الاوروبية أو الفرنسية تحديدا تشاهد ساركوزي في افتتاح النشرة...يا أخي يجب احترام المشاهد..نحن في في العربة الأخيرة من الركب الاعلامي...انظر إلى قناة الجزيرة التي جعلت من قطر دولة...من كان يعرف قطر قبل الجزيرة...انظر كيف تتعامل الانظمة مع هذه القناة... نحن ايضا لا نتلقى من الانظمة العربية سوى رسائل احتجاج على برامجنا...لما تستضيفون هذا المعارض او ذاك...تتساءل احيانا في أي قرن نعيش... - أكيد...يكفي ان تزور دول الخليج...قنوات تعج بالمغاربة...اضف إلى ذلك ان السلطات المغاربية لا تفسح المجال حتى امام الاخصائيين كي يبرزوا على القنوات الاجنبية...لا نحصل على ترخيص بقمر صناعي بسهولة في كل من تونسوالجزائر..الامور اسهل مع المغرب وموريتيانيا وليبيا.. توجد حتى محاولات لابراز من يعمل مع قناة اجنبية بانه عميل...هذا اسميه تخلفا بالفعل...القنوات الاجنبية تتيح لك الفرصة حالما تدرك كفاءتك.. - الفكرة طرحت وكان يفترض ان تطلق ليبيا وتونس قناة...يا أخي كيف يمكن ان تنتظر ذلك من تجمع مغاربي يراوح مكانه منذ فترة طويلة...يا أخي الحدود ليست مغلقة مع الغرب ولكنها مغلقة بين دول مغاربية...وهل توجد وجهة نظر مغاربية...لا يوجد فضاء مغاربي... - الاعلام يحتاج إلى رسكلة يومية...تواكب التطور التكنولوجي حتى تظل مواكبا للوضع..تتاقلم مع تطور الخبر لان الصحفي هو رهينة الخبر...لم احقق كل طموحاتي ..العمل الاعلامي ينكر الجميل...اجري اليوم مقابلة مع القذافي ...في اليوم الموالي ننسى العمل ونصبو إلى آخر...يسجل لك ذلك ولكن نحن دائما في منطق ماذا بعد وما الجديد. - كثيرون يتواصلون معي على الفايسبوك من صحف جزائرية عديدة..ولكن لا تطلب مني الاسماء ...اعرف كثيرين في التلفزيون الجزائري وفي الاذاعات المتعددة وايضا في صحف مثل الخبر والوطن ومعك انت - اعتبر أن فيروز زياني على قناة الجزيرة قدرة في النطق واللغة...امرأة ذات اخلاق عالية جدا...اعرف خديجة بن قنة والتقيت بها في القمة العربية في الدوحة العام الماضي كما عرفتها عند افتتاح مكتب الجزيرة في باريس ...هذا للذكر لا للحصر ولكن أنا على علاقة بمعظم الصحفيين في القنوات الخليجية. - تونس؟ مسقط رأسي...وطني...اتمتع دائما عندما أرى نظرة احترام أهل قريتي لي. -الجزائر ؟ -أحب التعنت الرجالي الجزائري وأحب النكت الجزائرية فرنسا ؟ بلد تبناني ...بلد لا أشعر فيه اطلاقا بالملل...بلد تتثقف فيه يوميا حتى عند مشيك في الشارع. المرأة ؟ كتونسي أطالب بحرية الرجل...حرية المرأة في تونس مبالغ فيها مقارنة بالعقلية العامة السائدة الحرية؟ حرية التفكير ستظل شامخة...الحر هو من يكون على دراية بحدود حرية...حرية التاقلم ايضا ضرورية. اللغة العربية؟ لغة المستقبل لو افلحنا في حمايتها فرانس 24 ؟ بيتي الثاني إن لم اقل الأول من حيث عدد الساعات التي اقضيها في القناة فوزي البنزرتي ؟ مدرب طلب منه على الطريقة العربية أن يقوم بمهمة مستحيلة في زمن قصير.. الغربة ؟ عبارة لا أعرفها..انا لا اشعر بالغربة في فرنسا...اشعر بها احيانا في بلد عربي الأحلام ؟ زوجتي اسمها احلام..وبالتالي انا اعيش معها حلما يوميا...عذبا احيانا ومرا احيانا اخرى..الحلم ضروري...تعرف افضل تعريف للحب...هو ان تقف في وجه الملل...ربما البقاء طويلا في قناة فرانس 24 يجعل زوجتي تشتاق لي ولو انني اقدر فيها قبولها للعمل الصحفي...مهنة المتاعب..