خلال الإحتفالات بالذكرى ال 65 لمجازر 8 ماي 1945 بعاصمة غرب البلاد ارتأت -الأمة العربية- بالمناسبة أن تنقل شهادات حية لمجاهد عايش المجزرة الأليمة بمنطقة بني عزيز 40 كلم عن ولاية سطيف و التي كانت من توقيع الإستعمار الفرنسي الغاشم حيث خلفت أزيد من 45 ألف شهيد بينهم والد المجاهد سبيع عمار الشهيد سبيع سعيد الذي دوخ المحتل الفرنسي بأعماله الفدائية بعقر دارهم بمنطقة الشرق الجزائري و بالضبط بولاية سطيف حيث شدد المجاهد و إبن الشهيد خلال شهاداته على ضرورة أن يعطى للشهداء الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل الوطن حقهم في التاريخ الذي صنعوه بأيديهم . كان ينشط تحت تنظيم كريم بلقاسم الثوري سبيع السعيد ... الفدائي الذي اغتالته فرنسا بعد أن دوخها في بني عزيز كشف المجاهد سبيع عمار نجل الشهيد سبيع السعيد للأمة العربية تفاصيل عن المقاومة في شرق البلاد التي تنشر لأول مرة أن والده كان يعمل في الأشغال العامة بقرية بني عزيز بولاية سطيف سنة 1945 و غيرته الوطنية عن بلاده دفعته لأن ينضم إلى تنظيم ثوري تحت لواء كريم بلقاسم حيث كلف في عديد المرات بتنفيذ عمليات فدائية كان آخرها بجسر بقرية بني عزيز خلف العشرات من القتلى في صفوف المستعمر و هو ما جعل هؤلاء يفقدون عقولهم و يطالبون بإحضار المدعو سبيع السعيد حسب أوامر الكولونيل جاك برادال الذي كان من أخطر الفرنسيين و أشدهم كرها للجزائر و الجزائريين حيث أمر بتوقيف الشهيد سبيع و رفقاءه في التنظيم الذي كان يرأسه الشهيد كريم بلقاسم و فعلا أوقف الشهداء و تم تحويلهم إلى الإستنطاق و التعذيب العسكري من بني بوعزيز إلى ولاية سطيف و هذا في التاسع من ماي 1945 أين ذاق الشهداء الويلات من المستعمر بأبشع الطرق التي تعتبر لاإنسانية إلى غاية ال 23 جويلية من نفس السنة أين عثر عليهم مقتولين بطرق بشعة فيما تم دفنهم جماعيا في قبر واحد بولاية سطيف لتقوم بعدها طائرات العدو بإمطار سماء الجزائريين بوابل من القنابل المميتة التي خلفت المئات بل الآلاف من الضحايا. الجزائريون واجهوا فرنسا في 8 ماي بأبسط ما يملكون و لم يستسلموا.. في الجانب نفسه أضاف المجاهد عمار سبيع أن مظاهرات سطيف ،قالمة و خراطة كانت مظاهرات سلمية خرج فيها الجزائريون للتنديد بالظلم الذي تعرضوا له من قبل العدو الفرنسي لكنهم قوبلوا بمجزرة مروعة مشيرا أن المجاهدون و التنظيمات الثورية آنذاك كانوا على علم مسبق بما سيجري عقب المظاهرات و ما تنويه سياسة فرنسا في حق الأبرياء حيث لم يقفوا مكتوفي الأيدي بل واجهوها بكل ما يملكون من نفس و نفيس و ضحوا من أجل وطنهم و كل بطريقته و بما يستطيع مع الإشارة أن أغلبهم حاربوا بأسلحة أقل ما يقال عنها أنها جد بسيطة المهم بالنسبة إليهم هو المشاركة في سبيل تحرير الجزائر. فرنسا رشت السم في مياه واد بني عزيز و أبادت الأطفال جماعيا و خلال التفاصيل المثيرة التي خص بها المجاهد سبيع عمار -الأمة العربية- كشف بأن جرائم فرنسا لم تكن على بال عاقل و لا حتى في الحسبان حيث تعددت و تنوعت من بشعة إلى أبشع مشيرا أنه بعد الثامن من ماي 1945 قامت فرنسا برش السم و مواد مميتة في واد بقرية بوعزيز كان تشرب منه العائلات خاصة الأطفال لتخلف بذلك المئات من الأطفال الموتى بينهم شقيقا المجاهد سبيع و هذا نظرا لحقدها الكبير على الجزائريين العزل و هذا بعدما أبادت آبائهم جماعيا ظنا منها بأن أطفالهم سيكونون خلفاؤهم في محاربة فرنسا و إخراجها من الجزائر و هو ما كان فعلا. بلقايد خيرة ..الثورية الوهرانية التي ربت 35 يتيما من أبناء شهداء 8 ماي 45 و في سياق حديثه ذكر المجاهد سبيع للأمة العربية أنه عقب مجازر 8 ماي 1945 التي تألمت لها كثيرا منطقة سطيف،قالمة و خراطة قدمت من وهران إلى ولاية سطيف مجاهدة من وهران و ممثلة جمعية علماء المسلمين بوهران و حفيدة الكولونيل بن داود الذي كان ينشط بوهران و منضلة ثورية بإحدى المنظمات الثورية السرية بالولاية المدعوة بلقايد خيرة بنت بن داود و التي تطوعت بجلب اليتامى من أبناء شهداء الثامن ماي 45 لتربيتهم بوهران مشيرا إلى أن عددهم قدر بحوالي 35 طفلا يتيما كان المجاهد سي عمار سبيع بينهم و الذي رفضت والدته التخلي عنه لكنها تنازلت عنه مجبرة لأنه لولا ذلك لكان قد قتل مع شقيقيه بسم فرنسا الذي وضعته في مياه الواد ببني عزيز حيث ربت المجاهدة خيرة بلقايد اليتامى في منزل و صرفت عنهم من مالها الخاص كونها كانت شخصية بارزة بالولاية تعمل في المنظمات الثورية بوهران سرا بدون علم فرنسا منذ 1945 و إلى غاية 1957 أين تم كشف أمرها حيث ألقي القبض عليها و فرضت عليها الإقامة الجبرية مخيرة بين ولاية سطيف و و الجزائر العاصمة لينتهي بها المقام بالأخيرة حيث كانت كل صباح تمضي عند حاكم العاصمة لإثبات تواجدها بالمنطقة أين أصيبت بمرض عضال تم على إثره التدخل من قبل حاكم الجزائر و بعض المسؤولين لدى حكومة فرنسا للتوسط لها بالعودة إلى مسقط رأسها بعد طلب من المجاهدة التي أرادت أن تموت ببيتها و فعلا كان لها ما أرادت حيث نقلت إلى بيتها الكائن بحي سانت أنطوان بوهران تحت الإقامة الجبرية لكنها فالاقت الحياة إثر أزمة قلبية في 1961 بعد إعلامها أن أحد ابنائها اليتامى الذين ربتهم من أبناء الشهداء قد فرضت عليه هو الآخر الإقامة الجبرية. طرد أحد مربي ابن الشهيد سبيع من الحماية الوطنية لأنه ابن عدو فرنسا على الصعيد نفسه كشف المجاهد سبيع عمار أن السيد الذي قد رباه بالتنسيق مع المجاهدة خيرة بلقايد المدعو بوكروشة محمد الذي كان يعمل كظابطا بالحماية المدنية قد تم طرده من الوظيفة من قبل الظابط الأول بالحماية المدنية الذي كان إسباني الجنسية بسبب طلب الأخير من المجاهد بوكروشة بأن يطرد سبيع عمار لأنه ابن أحد أعداء فرنسا و يتعلق الأمر بوالده الشهيد سبيع السعيد لكن المدعو بوكروشة رفض ذلك فقوبل بالطرد من وظيفته و هو ما يعكس أيضا البغض الشديد لفرنسا و أتباعها ممن فضلوا احتلال الجزائر و قتل أبنائها و شعبها البريء الذي لا ذنب له سوى أنه فضل الحرية على البقاء مستعمرا في وطنه. على الوصاية أن تعطي شهداء 8 ماي 45 حقهم في التاريخ لأنهم صنعوه بدمائهم و في نهاية حديثنا معه التي ذرف فيها المجاهد دمعة الحرقة على عائلته التي ضحى بها صغيرا في مجازر الثامن ماي 1945 حيث لم ينعم بدفئها كقرائنه شدد المجاهد سي عمار سبيع على ضرورة أن يأخذ كل من دافع على الوطن بالنفس و قدم كل ما لديه من أبناء و دم في سبيل تحرير الجزائر حقه في التاريخ الذي صنع أمجاده بدمائهم و ذلك تكريما و إجلالا و عرفنا لما قدموه للجزائر في سبيل تحريرها و من جهة أخرى للتذكير بخصالهم و حبهم الكبير للوطن مضيفا في نفس السياق بأنه ضروري أن تأخذ الجهات الوصية تضحياتهم بعين الإعتبار و أن لا تهملها بل تنقلها من الأشخاص الذين عايشوها معهم لكي تبقى في عقول الجزائريين و أبنائهم راسخة لتزرع في نفوسهم حب الوطن الذي ضحى في سبيل استقلاله مليون و نصف المليون من الشهداء.