الطيب الهواري يفتح النار على برنارد كوشنير وينتقد السعيد سعدي ؟ نحن بصدد التحضير لمشروع قناة تلفزيونية متخصصة في التاريخ مرة أخرى حلت على الجزائر ذكرى مذبحة 8 ماي 54 التي لازالت راسخة في أذهان الجزائريين رغم مرور على هذه المجزرة البشعة حوالي 56 سنة وذلك لفظاعة جرائم الاستعمار الفرنسي البغيض الذي سجل قاموسه الدموي أقسى الإبادات التي لم تعرفها الذاكرة الإنسانية العالمية في العصر الحديث كيف لا والآلة الشيطانية والجهنمية لدولة لامرسياز أعدمت في يوم واحد أكثر من 54 ألف جزائري، بربكم دلونا على أي استعمار أو كيان أو دولة اقترفت ترسانته العسكرية هذه الانتهاكات والخروقات لا أدمية ضد شعب أعزل ومسالم في القرن العشرين، وهي الواقعة التي أيقظت الوعي الجماعي للشعب الجزائري وأقنعت قادته البواسل بضرورة العمل المسلح وفتح جبهة تحررية ضد الإستدمار الفرنسي الذي لا يفهم إلا لغة الجهاد والإستشهاد، ولهجة الرصاص ورائحة البارود· وتعتبر إبادة 8 ماي 54 حسب المؤرخين نقطة فاصلة وحاسمة في بلورة فكرة الاستقلال والحرية وإشعال نار اللهيب المقدس لثورة أول نوفمبر الخالدة تحت أرجل جبابرة أبناء نبوليون والتي قادها رجال عاهدوا الله على إحدى الحسنيين الشهادة أو النصر، فما كان ربك بظلام للعبيد، ليشرقها شمسًا ساطعة إذانا ببزوغ نور الحرية على الشعب الجزائري الذي تغنى ''يا محمد مبروك عليك الجزائر رجعت ليك''· وقد ارتأت المشوار السياسي مواكبة الحدث فكان لها هذا الحوار مع الأمين العام لمنظمة أبناء الشهداء الطيب الهواري، الذي كشف لنا حصريا عن مشروع قناة تاريخية في الأفق، في إطار النقاط المدرجة ضمن ملفات التي درستها المنظمة مع وزير المجاهدين، إضافة إلى أشياء أخرى· ؟ السياسي: في البداية سيدي الأمين العام، هل لنا من كلمة بمناسبة الذكرى السنوية ال 56 لمجازر 8 ماي 5491 المرتكبة من طرف الإستدمار الفرنسي؟ الطيب الهواري: إن الذكرى 56 السنوية لمجازر ومذابح 8 ماي 54، هي محطة من محطات الجزائر الأليمة، الجزائر التي كانت آنذاك يجند شبابها وخيرت أبنائها من طرف السلطات الاستعمارية بالقوة والإكراه، من أجل محاربة النازية ومساعدة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، وكان للجزائريين دورا بارزا في تلك الحرب الكونية على النازية، وفي الوقت الذي كان ينتظر الشعب الجزائري من فرنسا الوفاء لتضحيات الجسام والوقوف البطولي للجزائريين، إلى جانبها في هذه الحرب من خلال تمكينه من نيل الحرية والاستقلال، وذلك احتراما للمبادئ والقيم التي كانت تكافح من أجلها ضد النازية، فاجأت القوات الاستعمارية الفرنسية باغتصابها لكل هذه المثل والحقائق والمواقف، وذهبت إلى ارتكاب أكبر جريمة ومجزرة في حق الإنسانية باغتيالها لأكثر من 54 ألف شهيد، كان على رأسهم ذاك الشاب الرافع للراية الوطنية بوزيد شعاب· ومن هنا فأن المبادئ التي تأسست عليها الأممالمتحدة وعملت دول الحلفاء تكريسها وبالخصوص فرنسا مثل احترام حقوق الإنسان وتقرير المصير بالنسبة للشعوب المضطهدة، هذه الأخيرة داست دون أي اعتبار على كل هذه القيم والمرتكزات الإنسانية العالمية، مما كرس إستدمار مطلق وشامل وعلى نطاق واسع على كل ما هو متحرك وساكن، وإبادة جماعية لكل مقومات الحياة البشرية، حيث لم يسلم منها لا الإنسان ولا الحجر ولا الشجر، لا فوق الأرض ولا باطنها· فرنسا قادت في مجازر 8 ماي 54 آلة جهنمية أعدمت من خلالها جزائريين عزل كان ذنبهم الوحيد مطالبتهم السلمية باستقلال بلادهم· ؟ سيدي الأمين العام صرحتم أنكم سترفعون ملفات إلى وزير المجاهدين، هل لنا أن نعرف حيثيات وأبعاد ونقاط الهامة في هذه الملفات؟ لا يخفى على الجميع أننا مند تأسيس هذه المنظمة بادرنا إلى معالجة القضايا المطروحة لأسرة الشهيد، خاصة فيما يخص معاناتهم اليومية وإبعاد كل ما هو تهميش وحقرة ولا مبالاة التي كانت تطال أبناء الشهداء، ومما دفع بنا نحو تكريس سياسة البحث عن الحلول لهذه الفئة من ذوي الحقوق، وعلى أساس هذه الاختلافات، خاصة فيما يخص قانون أسر الشهيد والذي عملنا من أجله مند 1991 إلى يومنا هذا، لكن في سنة 9991 عرض نوع من التجديد والتغيير في صياغته وتركيبته، لكن بقي نوعًا ما متوقفا عن التطبيق،تارة بغياب مراسيم تنفيذية وتارة أخرى في التطبيق السلبي أو الاجتهاد السلبي التي تقوم به بعض المصالح الإدارية، كل القوانين التي صدرت في الجزائر طبقت بأثر رجعي حسب صدور هذه القوانين، إلا قانون المجاهد والشهيد الذي صدر سنة 9991 لم يطبقا بأثر رجعي، وبقي يعني كلما صدرت تعليمة تطبقا بتاريخ إمضائه، وهذا إجحاف في حق الشهيد والاستشهاد، ثانيا تطبيق قانون الشهيد والمجاهد في القطاع الاقتصادي انتهينا منه، لكن في قطاع العمومي هناك تماطل· وهناك من يسأل عن هذه الامتيازات الممنوحة لشريحة أبناء الشهداء بحجة أنها كثيرة وعديدة، فشخصيا أقول أن الامتياز لم تمنح لنا من طرف الإدارة هكذا اعتباطيا أو بصدفة أو صدقة، ولكن هناك دستور الدولة الجزائرية خاصة التعديل الدستوري الأخير لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، هذا الرجل العظيم والمجاهد المناضل الوفي لرفقائه الشهداء والذي نتقدم له مرة أخرى بالشكر الجزيل لإقراره تعديلات دستورية تاريخية مكنت الشهيد وأسرته من تبوء المكانة الحقيقية والتاريخية لهذه الشريحة من ذوي الحقوق، حيث وضع الرئيس النقاط على الحروف في النصوص الدستورية الجديدة، حيث ركز على أن الدولة ومؤسسات الجمهورية الجزائرية تحمي وتدافع عن رموز الثورة وأسر الشهداء وذوي حقوقهم، أي يعني وضع خط أحمر على أي تجاوزات على هذه الفئة· أود أن أشير أنه من معوقات الإدارية السلبية الذي حدثكم عنها هناك نضام التقاعد، حيث يتم إحالة أبناء الشهداء دون أن يستفيدوا مثل ما استفاد الآباء المجاهدين من ما يسمى 5,2 لكي يكون بحوزتهم نسبة تقاعد مئة بالمائة، إضافة إلى المادة 52 نريد أن تكون تحويل المنحة أرملة شهيد بعد وفاتها إلى كافة أبنائها بدون استثناء أو تمييز أو قيد أو شرط، كما نطالب كذلك فيما يخص الاستثمار الوطني إسقاط شرط الضمان أو الرهان مقابل إستفادات بنكية ومالية لشريحتنا وذلك راجع لافتقارهم لما يقدمونه لهذه المؤسسات المالية، وهذا العامل سيساعد هذه الفئة على أن تكون أداة إنتاج وفعالية اقتصادية للبلاد، مما يسمح بالتالي من تحسين ظروفهم الاجتماعية، ولقد قدمنا اقتراح على شكل نداء إلى رئيس الجمهورية من أجل إنشاء صندوق الوطني لضمان القروض الصغيرة والمتوسطة، لخلق مؤسسات اقتصادية منتجة خاصة لسكان الأرياف والمناطق المعزولة، إضافة إلى قطاع الفلاحة الذي أبدينا فيها بموقفنا من أن الأرض التي حررها الشهداء لابد من يستفاد منها من حرروها ولا نسمح أبدا بمبدأ البيع أو البيع بإيجار أو التلاعب العقار الفلاحي، إلى جانب الملف الأساسي والرئيسي والذي عنوانه ''كتابة التاريخ'' والذي نناشد فيها رئيس الجمهورية تطبيق المادة 46 التي تنص على إنشاء المجلس الأعلى لحماية الذاكرة الوطنية، وخاصة وهذه الأيام نشهد حملات إعلامية وكتابات من هنا وهناك مشوهة للحقائق· فمن واجبنا تقلقين بطولات ومعانات أبائنا وأجدادنا لشباب اليوم وأنا أقر مقال من مقالات أحد المجاهدين في جريدتكم سالسياسي'' يسرد فيها هذا المجاهد كيف كان يباع فيها الجزائريين وكيف كان الفرنسيون يشترون الجزائريون بالكيلوغرام، هذه الحقائق يجهلها شبابنا اليوم· ؟ سيدي الأمين العام بما أن المادة 52 من قانون المجاهد وشهيد تهم كثير أسر وعائلات الشهداء، إذن أنتم تؤكدون مراجعتها بصفة رسمية؟ لا نحن قولنا ليست مراجعتها، وإنما تمديد مدى تطبيقها وإبعاد الشروط التعجيزية وتطبيق بطريقة إيجابية· فمثلا أرملة شهيد عند وفاتها يستفيد جميع أبنائها بدون استثناء من المنحة، وننتهي من هذا المشكل لكي لا نخلق صراع بين العائلة الواحدة، بحيث يستفيد واحد دون الآخر· إذن نحن نريد من المادة 52 تعميمها ونرفض مبدأ تحديد الدخل بغض النظر على المستوى الاجتماعي والوظيفي لأبن الشهيد، وأنا هنا أستذكر ويستوقفني مقولة أحد إطارات أبناء الشهداء في الجزائر العاصمة الذي قال وأسر إلينا في لقاء حميمي أن أجره الشهري يكفيه وزيادة بحكم أنه إطار سامي في الدولة، لكن 001 دينار التي أتقاضاها في حق والدي الشهيد أفضل عندي من 05 مليون سنتيم التي تمنحني إياه شهريتي ووظيفتي، إذن هذا التعبير هو نابع من ارتباط عاطفي وروحي ومعنوي قبل كل شيء، ولأن الشهادة لا تقدر بثمن ومن واجبنا تقديسها وقداسة الاستشهاد يحتم بلا أدنى شك شبابنا على احترام أبناء من كان لهم الفضل في تمتعهم اليوم بنعمة الاستقلال والحرية· ؟ ما هي المقترحات التي قدمتوها فيما يتعلق بمشروع الإطار لقانون الشهيد؟ هذه الدراسات قدمت على شكل اقتراحات، وليست مشروع قانون جديد، وهي عبارة نظرة عن كيفية تطبيق مختلف المواد وقراءة الإيجابية فيها والتعديلات التي لابد أن تدخل عليها حتى يصبح القانون الموجود حاليا أكثر نجاعة وفعالية وأكثر مردودية، والاقتراح الخاص الذي قدمناه هو قانون المتعلق بتجريم الاستعمار الفرنسي· ؟ ما رأيكم في تصريحات وزير خارجية فرنسا، برنار كوشنير الذي تمنى زوال جيل الثورة من سدة الحكم في الجزائر؟ أنا تمنيت لو التلفزيون الجزائري عرض على كوشنير تلك الصور التي التقطت في تجمعاتنا في كل الجامعات الجزائرية شرقا وغربا، ليرى بأم عينيه هذا الجيل الثالث والجيل الرابع الصاعد كله بن بولعيد وحسيبة بن بوعلي وعميروش والحواس، وأكثر من هذا هو الشباب الجزائري المولود في فرنسا الذي تربي عندهم وشرب مائهم وأكل غلتهم ودرس في مدارسهم وتنفس هوائهم خرج عن بكرة أبيه احتفالا بانتصار الجزائر ومرورها للمونديال، وأكثر من هذا أرغمت جحافل المتدفقة من الشباب الجزائري المنتشي بنشوة الانتصار واكتساح العلم الوطني والراية الوطنية العاصمة الفرنسي، قلت أرغم هذا الشباب الجزائري ليلة 81 نوفمبر وما أدراك ما نوفمبر موكب الرئيسي الفرنسي نيكولا ساركوزي نفسه على تغيير مسار سيره في قلب الإليزيه في قلب بلده ودولته، إذن هذه المؤشرات لها دلالات في غاية الأهمية وما تجنيد قوات وزارة الداخلية الفرنسية لقرابة أكثر 02 ألف شرطي من أجل توقيف مسيرات شبابنا وسكاننا وهو تعبير عن ارتباطهم ببلدهم وشهدائهم وثورتهم، وهو ما يدل على أن وزير خارجية فرنسا كوشنير إنسان غبي· ؟ سيدي الأمين العام، ما هي قراءتكم حول ما جاء في كتاب زعيم الأرسيدي سعيد سعدي؟ كتاب سعيد سعدي حاليا يتم الرد عليه من طرف المؤرخين والباحثين، وأنا الشيء الوحيد الذي أطالب به، هو أؤتونا بمخلفات الثورة الجزائرية الإيجابية، ولا تأتونا خلفيتكم السلبية التي يرى بها ويقرأها قراءات سياسية· ؟ هل لنا من كلمة كمسك الختام؟ أهدي تحياتنا الى جريدة مشوار السياسي، وأتمنى لها النجاح والتقدم والإزدهار وأن تتحول الى يومية وليس أسبوعية حتى تملئ الفراغ الموجود في الكتابة الوطنية والمواقف الوطنية والحفاظ على مبادئ أول نوفمبر ومدد نوفمبر وشكرًا