تماشيا مع التحولات والتطورات التي يشهدها العالم في كافة المجالات ولمواكبة العصرنة والعولمة سعت الجزائر إلى إعادة النظر في المنظومة التشريعية للبلاد لجعلها تتماشى ومتطلبا ت العصر، على غرار الدول المتطورة ومن أبرزها التعديلات الجذرية المتعلقة بالقوانين الخاصة بعالم المخدرات. وقد جاءت القوانين الجديدة أساسالحماية المدمن وإدماجه بالمجتمع وجعلت منه أهلا للاحترام معتبرة المدمن من المرضى ولا بد أن يخضع للعلاج وليس مجرما، وهذا مرهونا أساسا بموافقة المعني على متابعة العلاج كشرط أساسي، فلأول مرة في تاريخ الجزائر يصدر قانون خاص بالمخدرات يفرق بين المستهلك والمدمن والمنتج والمهرب والمروج لهاته السموم. وأخذ المشرع الجزائري بهذا توصيات الأممالمتحدة في هذا المجال على غرار بعض الدول المتقدمة التي تنطلق في معالجتها لمثل هاته القضايا ابتداءا من الوقاية والعلاج إلى العقاب كحل أخير. فبهدف بحث السبل الكفيلة لوضع حد لاستهلاك المخدرات والإدمان عليها وضمان التسيير الأنجع للقوانين المستحدثة في هذا المجال، الرامية إلى التقليل من هذه الظاهرة وبالأخص القانون رقم 04-18 المؤرخ في 25 ديسمبر 2004 انطلقت أمس بفندق إيدن المطار بوهران فعاليات الملتقى الجهوي لولايات الغرب الجزائري حول تطبيق القانون 04-18 المتعلق بالوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية وقمع الاستعمال والاتجار غير المشروعين المنظم من قبل الديوان الوطني لمكافحة المخدرات والإدمان عليها بحضور 250 مشاركا من أخصائيين ومتدخلين في هذه المسألة منهم القضاة والمحامون والأطباء والصيادلة والأخصائيين النفسانيين وممثلين عن المصالح الأمنية قدموا من 12ولاية من الغرب الجزائري على غرار غليزان، تموشنت، سيدي بلعباس، تلمسان، تيسمسيلت والبيض،... حيث وعلى مدار يومين كاملين سيتدارس المتدخلون كيفية تطبيق القانون 04-18 وبصفة خاصة العلاقة التي وضعها بين الطبيب والقاضي، ذلك أن القانون الجديد يعتبر المدمن ضحية وليس مجرما، إذ أن المتابعة القضائية تسقط بمجرد قبول المعني بالخضوع للعلاج، فالمشرّع الجزائري أثناء سنه للقوانين الجديدة أعطى الأولوية للإجراءات الوقائية والعلاجية كبديل أنجع لمتابعة المدمن أو المستهلك حسبما جاء في محاضرة رئيس مجلس قضاء إليزي السيد أرزقي مسلوب المعنونة ب -الإجراءات الوقائية والعلاجية كبديل للمتابعة-، ضف إلى أن المشرع أعطى الخيار للمجرم للتخلص من هاته السموم بخضوعه للعلاج النفسي والاجتماعي والطبي والمؤثرات العقلية المحظورة قانونيا والممنوعة منعا باتا وهذا عبر المؤسسات العلاجية المتخصصة أو خارج المؤسسة تحت الرقابة الطبية أو المراكز المتخصصة المتنقلة أو الموجودة داخل المؤسسات العقابية وفي حالة ما لم يلتزم المدمن بالخضوع للعلاج تطبق العقوبة الصادرة في حقه. 1700 شاب تم إخضاعهم للعلاج بالمراكز الاستشفائية وحسب الأرقام والإحصاءات التي أفادنا بها أمس السيد السايح عبد المالك المدير العام للديوان الوطني لمكافحة المخدرات وإدمانها على هامش فعاليات الملتقى الجهوي حول الوقاية من المخدرات، فإن الجزائر تحصي حاليا أكثر من 6500شاب مدمن وخلال سنة 2009 تم تسجيل أكثر من 450 مروّجا و9000 مستهلك سجن، 1700 منهم دخلوا المستشفيات للعلاج، وتم إحصاء 30 ألف مدمن خلال العشرية الأخيرة، في الوقت الذي تمكنت فيه المصالح الأمنية من خلال نشاطاتها من حجز 75 طن من المخدرات بمختلف أنواعها وأضاف أن الأرقام مرشحة للارتفاع للأضعاف، خاصة وأن فرنسا غلقت حدودها وشددت الحراسة ما يعني أن المخدرات وخاصة الهيرويين والكوكايين والكيف ستبقى بالجزائر للاستهلاك، خاصة وأن الجزائر تقع بجوار المغرب الذي ينتج أكثر من 60 بالمائة من المخدرات على المستوى العالمي. والأخطر من ذلك، كما أوضح أن الظاهرة كثرت واستفحلت خاصة على مستوى المؤسسات التعليمية من مدارس، ثانويات وجامعات وخاصة بالمدن الكبرى على غرار وهران، الجزائر، عنابة والشلف. مافيا تهريب المخدرات تحكم قبضتها عبر الحدود هذا وقد صرحت لنا مصادر أمنية أنه من الاستحالة السيطرة على مهربي السموم والمؤثرات العقلية ومكافحة الظاهرة، خاصة وأن مافيا المخدرات يملكون إمكانيات ضخمة تعادل 10 مرات من إمكانيات الدولة المخولة لمكافحة سماسرة الموت بالجزائر على الرغم من الجهود الجبارة التي تبذلها الأجهزة الأمنية في سبيل مكافحة الجريمة المنظمة بكل أنواعها. وفي الأخير تجدر الإشارة إلى أن الجزائر تتوفر على 15 مركزا استشفائيا متخصصا في علاج المدمنين منها مركزا واحدا بوهران واثنين آخرين في طور الإنجاز، إضافة إلى 185 جلسة استماع للمدمنين عبر التراب الوطني.