شكلت المياه منذ القدم عاملا مهما في تأسيس الحضارات وتقدمها، وذلك لما يشكّله الماء من حالة إستقطاب للأفراد والجماعات، ومن هنا بدأت تتشكل أولى التجمعات السكنية بالقرب من الموارد المائية الطبيعية، ولم تتوقف حاجة الإنسان لهذه المادة الحيوية عند حدود الإنتفاع الشخصي ولا عند أهمية الإستقطاب والتجمع، بل تعدته بكثير لتشمل كل مجالات الحياة كالتنقل، الرزاعة، الصناعة وتربية الحيوانات وهي كذلك لعبت دورا في عملية تواصل المجتمعات والحضارات، كما كانت هناك حواجز طبيعية حافظت على بناء الحضارات لعديد المجتمعات من تأثير العوامل الخارجية المدمرة أو منعت وجمدت مجتمعات أخرى بدائية. زوار من خارج الجزائر تشكّل المحطة المعدنية بزلفانة الواقعة على بعد 75 كلم شمال شرق عاصمة الولاية غرداية و130 عن ولاية ورڤلة الوجهة السياحية المفضلة لرواد السياحة الحموية ليس على المستوى الوطني فحسب، وانما على المستوى الدولي كذلك، قد أصبحت هذه المحطة المعدنية النائمة على مقربة من الكثبان الرملية والواحات التي تحتضن ثروات هائلة من النخيل المنتج مكانا للراحة والاستجمام يتردد عليه رواد الحمامات المعدنية وعشاق الطبيعة العذراء. ويستقبل هذا القطب السياحي الذي حافظ على مسحته التقليدية العديد من الزوار وغيرهم من السياح الوطنيين والأجانب في هذه الفترة من فصل الربيع، وهو يتوفر على طاقة استقبال تظل غير كافية. نعمة من السماء تتحوّل إلى نقمة على الأرض على عباده، إلا أن البعض منهم لا يستحسن إستعمالها فتجده في كثير من المرات يقوم بغسل سياراتهم ومركباتهم بالقرب من هذه الينابيع، فتنجم عن ذلك فضلات ومزابل يتركونها وراءهم غير مبالين بالصحة العمومية، كما أنهم يضايقون العائلات على قلة تواجدها في أيامنا هذه، كما أن البعض الآخر من الناس من يوصل هذه الحنفيات بمقرات سكناهم متسببا في قطع وتغيير أهم دور تلعبه هذه العيون في تجمع العائلات وراحتهم وسكينتهم.