يعتبر "رشيد بت" الباكستاني الأصل، وأحد من أشهر الخطاطين في العالم، ولج عالم الخط العربي في سنة 1961 ومن وقتها كرس حياته لترويج هذا الفن الإسلامي، له لوحات خطية إبداعية جمعت بين التوظيف المحكم للألوان ودقة التصميم خاصة لما تقترن بأطيب الكلم من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية فتغدو نورا على نور وتزيدها الزخرفة الزهرية ذات الطابع الإسلامي العريق والإستعمال النادر لرقائق الذهب والورق الطبيعي الخام سحرا وتناغما لا مثيل لهما، وما ورد على لسان البروفيسور "ماري شميل" من بون إلا دليل على درجة الإتقان والتفنن الموجودين في أعماله، حيث قال " نتمنى أن يعيش رشيد بت عمرا طويلا ليملأ العالم بتصاميمه الجميلة وقلمه الإعجازي الذي جعلنا نغير نظرتنا للفن الإسلامي". اغتنمت "الأمة العربية" فرصة حضور الخطاط رشيد بات بالجزائر في إطار الطبعة الثالثة للمسابقة الدولية للخط العربي، وإنفردت بحديث معه عبر من خلاله عن سعادته العارمة بتواجده على أرض الجزائر لدرجة شعوره أنه جزائري، متفائلا في ذات السياق بأن يكون الخطاطون الجزائريون في القمة خلال سنتين نظرا لما يحظى به الخط والخطاطون من عناية في كنف التفتح واهتمام المسؤولين به كما في باكستان إذ هوفي طور النموعبر توفر مختلف الوسائل من الكتب والأقلام والمحابر والتحاق الكثير من الفنانين التشكيليين المتخصصين في الخط الإسلامي، ما جعل مسيرة العطاء والنماء متواصلة في تكوين خطاطين مهرة. وعن سر اقتناء اليهود وغير المسلمين أعماله، ذكر "رشيد" عضو لجنة تحكيم في مسابقة الأرسيكا العالمية للخط العربي، أنه يقضي الساعات الطوال في التمعن وفهم معاني الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة ليقوم بعدها باختيار النصوص التي تبين بجلاء عظمة الله وقدرته الواسعة وتساهم بقدر كبير في تبليغ رسالة الخط العربي، وأشار بأن هذا الأمر يجذب هؤلاء أكثر للوحاته ويجعلهم يستفسرون عن معاني ما يرون ويطلبون الترجمة، وأردف قائلا:" أنا الأسعد حظا في العالم لأن الله اختارني لكتابة كلماته". وقال الخطاط الذي زينت مخطوطاته مباني ذات طابع إسلامي منها بوابة مكةالمكرمة سنة 1987، ومؤسسة الفرقان في لندن، والقاعة الحكومية لمجلس الشيوخ في باكستان، ومسجد الشيخ فيصل في إسلام أباد، ونقاط أخرى من العالم، أن تمدد مساحة الإسلام الطائفي المرتبطة بالتوظيف السياسي لعناصر الهوية والإضطرابات الداخلية التي تعانيها باكستان من تدهور الأوضاع المعيشية واستنزاف الديمقراطية كبنية اجتماعية وثقافية، تدخل في إطار السياسة الأمريكية الإرهابية التي تستغل تشتت أوضاع المسلمين والعرب لتنفيذ مخططاتها الشيطانية. وتأسف"رشيد بت"من التعتيم الإعلامي الممارس من بعض الفضائيات والقنوات العربية التي تتاجر بالظروف الأمنية التي تمر بها باكستان لتشويه صورتها السياحية. وأرجع "بت" الحاصل على أعلى جائزة وطنية للفنون والثقافة من الحكومة الباكستانية، سبب وهن وتخاذل المسلمين في خضم الصراعات الدموية والحروب الإقليمية، لعدم تمسكهم بدينهم وتدبرهم للقرآن الذي هوأساس الحياة وقوامها، مستشهدا بالآية الكريمة:" أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها"، داعيا الشباب في هذا المقام لضرورة التسلح بالعلم والمعرفة اللذان يعتبران مبعثا للنهضة الإسلامية. وإيمانا منه بقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه" الخط الحسن يزيد الحق وضوحا"، يسعى رئيس جمعية الخطاطين بباكستان والذي تجوب معارضه عواصم العالم، لتلقين الأجيال الجديدة من الشباب الباكستاني التواق لتعلم أساسيات الخط العربي بفتح أبواب منزله لهم والعمل على تشجيعهم في ممارسة هذا الفن وإجادته لترسيخ هويتهم الإسلامية أمام الغزوالثقافي الغربي.