طالب، أمس، أحمد نجاتي بغالي سفير تركيا بالجزائر، الصهاينة بالاعتذار الرسمي على الجريمة الوحشية الشنيعة التي اقترفوها في حق مدنيين مسالمين في أسطول الحرية الذي حمل مساعدات إنسانية للأبرياء المحاصرين في غزة الجريحة والاعتراف بالخطأ الشنيع الذي ارتكبوه، مؤكدا تمسك بلاده بلجنة التحقيق الأممية التي تضم خبيرا تركيا وآخر صهيونيا وثلاثة خبراء أجانب دوليين، والتي قوبلت برفض إسرائيلي. كشف السفير التركي المعتمد في الجزائر، أحمد نجاتي بغالي، في ندوة نشطها في مركز الدراسات الإستراتجية ليومية "الشعب"، أنه مستقبلا سيشرع في الاستماع للجرحى ضحايا أسطول الحرية على مستوى العدالة الدولية، وستحرك على إثر ذلك دعاوى قضائية في حق السلطة الإسرائيلية. ووصف السفير الاعتداء على أسطول الحرية الذي سقط على إثره تسع ضحايا قتلى، بالوحشي والهمجي الذي طال المدنيين الذين كانوا يحملون المئونة وكانوا عزل لم يحملوا معهم أي قطعة سلاح، حيث أشار إلى أن هذه المساعدات لم تتعد الأغذية والأدوية والتجهيزات الطبية واللعب ومواد البناء. ويرى السفير أن الهجوم الجبان الذي مس أسطول من المدنيين يناهز عددهم 600 شخص، تعدي على عمق السيادة التركية وخرق للقوانين الدولية، خاصة وأن الأسطول أعتدي عليه في المياه الإقليمية ولا يحق لأي دولة أن تعترضه، حيث كان بعيدا عن حدود كيان بني صهيون بنحو 72 ألف ميل، وقال إن الحادثة اللاإنسانية حركت المجموعة الدولية وخلقت انسدادا بين تركيا وإسرائيل، خاصة عقب سحب بعض الدول لسفرائها من إسرائيل، على غرار جنوب إفريقيا ونكاراڤوا والإكوادور، وتنظيم تجمعات احتجاجية تنديدية تشجب الفعل الشنيع المقترف، إلى جانب صدور خطابات من 23 دولة تتعاطف وتدعم تركيا. وذهب السفير التركي إلى أبعد من ذلك، عندما قال إن الاعتداء الإسرائيلي في حق أسطول الحرية كان متعمدا، حيث خرق الاتفاقية الرابعة لجنيف والتي تحظر التعدي على المدنيين واعتبره عملا إرهابيا يهدد السلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط، معلنا أن العلاقات التركية الإسرائيلية لن تعود كما كانت وستجمد جميع نشاطاتها مع إسرائيل حتى في مجالات الثقافة والرياضة. وشدد السفير على ضرورة رضوخ إسرائيل للقانون الدولي في فلسطين، في إشارة منه للتجاوزات اللاإنسانية التي ترتكب دون تحرك دولي لمجلس الأمن أو الأممالمتحدة، وصرح السفير أحمد نجاد بغالي أن الوضعية المتدهورة في غزة ليست معضلة فلسطينية، بل هي مشكلة إنسانية، لأنها ظلم وتجاوز لحقوق الإنسان. وبخصوص السياسة التركية في منطقة الشرق الأوسط، قال نجاد إنها تقوم على تكريس السلم، مبديا طموح تركيا في الانضمام للإتحاد الأروبي كقوة اقتصادية، لكنها لن تلغي أصولها الشرقية وانتماءها للعالم الإسلامي، ووقف على العلاقات الجيدة التي صارت تربط تركيا بدول الجوار، خاصة العربية منها، وحرصها على إرساء السلم والاستقرار في المنطقة وإيجاد حل للقضية الفلسطينية، على غرار قيامها بدور الوساطات في عدة خلافات وأزمات وميلاد المنتدى العربي التركي. وتطرق محمد جمعة، القيادي في حركة مجتمع السلم والمكلف بالإعلام، إلى التوجه التركي الكبير نحو العالم العربي الإسلامي منذ اعتلاء الحزب الحاكم السلطة، لأن له توجها إسلاميا وسطيا معتدلا، تحبذه حتى بعض القوى الدولية وتمكن من تحويل الخصوم إلى حلفاء، على غرار سوريا ومع أرمينيا والعراق واليونان وجورجيا، وقال إن تركيا هذه الدولة الناشئة التي يتوقّع أن تتحوّل إلى قوة اقتصادية كبيرة، تحاول دوما لعب دور وسيط وتتطلع لأن تكون قاطرة للدول الإسلامية، والغرب يتوقع منها أن تكون نموذجا للحركات الإسلامية التي تتسم بالواقعية والاعتدال والوسطية. أما الدكتور بشير مصيطفى الخبير الجزائري في الاقتصاد، قال إن تركيا ترغب في العودة إلى المشرق العربي ووقف عند ما أسماه بتشكل التحالف الاقتصادي العربي التركي. وأما عن آفاق العلاقات التركية العربية، دعا إلى ضرورة تفعيل إعلان إسطنبول لسنة 2010، مقدرا حجم الاستثمارات العربية التركية ب 36 مليار دولار فقط، وقال إنها شريك ثالث للعرب عالميا، من بينها 300 مليون دولار حجم استثماراتها مع الجزائر، متوقّعا أن تصبح تركيا في آفاق عام 2017 تاسع أكبر قوة اقتصادية في العالم.