ظهر أوباما بالصوت والصورة وبابتسامة عريضة تمتد من الأذن إلى الأذن ليخصّ الشعب الإيراني بتهنئة خالصة بمناسبة رأس السنة الفارسية الجديدة، ولم يحدث أن فعلها رئيس أمريكي وظهر على شاشة التلفزيون ليخصّ العرب بتهنئة بمناسبة عيدهم الهجري أو أي عيد ديني. ولم تكن خرجة أوباما مفاجئة للذين يعرفون كيف تسير العلاقات الدولية، حتى وإن بدت للعرب صدمة كبيرة جعلتهم يصابون بالخرس منعهم من التعقيب على الحدث.. إيران احترمت نفسها وشعبها فحقّ لها أن تفرض الاحترام حتى على أمريكا، ولأن العرب لا زالوا يؤمنون بأن الخضوع للولايات المتحدةالأمريكية وفتح قواعد عسكرية لها على أراضيهم كفيل بأن يجعلهم محترمين في عيونها صاروا ينافسون أنفسهم في التنازل لأمريكا أكثر كتنافس جواري لسيدهن؛ بل وزادوا على ذلك أن قاطعوا إيران وتشفّوا بها كلما لوّحت أمريكا باستعمال العقوبات ضدها. ولأن إيران تعرف مصير الخاضعين فقد اختارت عدم الاستسلام ومضت تبحث عن إحياء مجد الإمبراطورية الفارسية دون اعتبار لتهديد أعظم قوة على وجه الأرض، ولأنها أيضا تحفظ جيدا قول "بن غريون" الذي قال يوما "إن العالم يحترم المحاربين ولا يشفق على المذبوحين"، فقد فضّلت أن تكون ديكا فارسيا ليوم واحد حتى ولو ذُبح على أن تكون دجاجة عربية تبيض ذهبا أسودا. العرب اليوم في "جيب" أمريكا ولا حاجة لها بهم، وهي تستطيع أن تسوّقهم كما تشاء، لذا لم يعد لهم ذكر في المناسبات ولا في غيرها. ولأن إيران ليست العرب، فقد فضّلت أمريكا التخلي عن سياسة التهديد والوعيد لأنها لم تزد إيران سوى إصرارا على التحدي، ولا أعرف كيف سيكون عليه حال الدول العربية التي تسمى "دول الاعتدال" وهي تقف أمام خطاب الرئيس الأمريكي المهذّب الموجه إلى إيران؟ والأكيد أن حكام هذه الدول سيصابون بحيرة من أنفسهم لهذا التصرف الأمريكي، فقد قدّموا العراق على طبق من ذهب ومن قبلُ فتحوا الحدود لشبابهم للجهاد في أفغانستان بوصية أمريكية ورغم ذلك لا زالت أمريكا تطلبهم لبيت الطاعة في الوقت الذي تقدّم فيه تحية احترام لإيران.. أمريكا اليوم وجدت نفسها في ورطة حقيقية في أفغانستان وبصفة أقل في العراق ومفتاح الحل تدرك الإدارة الأمريكية أنه في يد إيران وليس بيد العرب، لذا وجب على أوباما بأن يبادر بالصلح مع إيران ويدخل العرب بيت الطاعة.