يعاني شباب قرية باكورة التابعة إداريا لبلدية شرشال في تيبازة من انعدام كلي للمرافق الترفيهية والمنشآت الرياضية الكفيلة باحتوائهم لتفجير طاقتهم الكامنة، خصوصا وأن العشرات منهم هم من خريجي الجامعات. هؤلاء الكوادر لم يجدوا مكانا يقصدونه لأجل تمضية وقت الفراغ المضجر وقتل الروتين اليومي الخانق غير الاتكاء على جدران المساكن أوقصد المقهى الوحيد الذي لا تنطبق عليه أية مواصفات مقهى في الحقيقة، فيما يفضل أغلبية الشباب التوجه إلى المدن المجاورة كشرشال، وسيدي اعمر وغيرها أين تتاح لهم فرصة الترفيه عن أنفسهم بممارسة إحدى الرياضات ككرة القدم على سبيل المثال أوالتوافد على مقاهي الإنترنيت التي تظل حلما صعب المنال يستحيل في أن يتحقق على تراب قريتهم ما يفسر أكيد الفراغ الثقافي الرهيب الذي يعاني منه أبناء المنطقة، وهوالأمر الذي ساهم بالمقابل في تفاقم ظاهرة الأمية والجهل التي تنخر أفراد مجتمع القرية المنسية علاوة على ظهور آفات اجتماعية خطيرة كالسرقة وتعاطي الخمور والمخدرات التي يلجأ اليها شبان المنطقة هروبا من واقعهم المر وشبح البطالة الذي بات شبحا يطاردهم بلا منازع أينما حلوا، جراء سياسة عنوانها مكتوب بالبنط العريض "التهميش والإقصاء"، فيما بقيت الوعود التي تلقوها أيام الحملات الانتخابية مجرد كلام كاذب وزائف لا أساس له من الصحة أبدا. واستدل هؤلاء الشباب بحرمانهم من جميع برامج التشغيل منها المائة محل لرئيس الجمهورية علاوة على عزوف السلطات تقديم لهم الدعم الفلاحي لاستصلاح أراضيهم والاشتغال بها، ما يضمن توفير مصدر للعيش يسترزقون منه . أبناء منطقة باكورة التي يلقبها أبناؤها ب "القفار" أي الأرض القاحلة بسبب استحالة استمرار العيش بها، يكابدون اليوم حياة يومية روتينية مضنية وصعبة للغاية، فماعدا هواية الاتكاء على الجدران والاستظلال تحت ظل الأشجار والمقهى لا يوجد مكان آخر يقصدونه أويعمل يلهيهم عن مشاكلهم ومآسيهم لقتل وقت فراغهم المضجر والخانق الذي بات يحسب بالقرون لا بالدقائق هنا على تراب هاته البقعة المعزولة والمنسية، غير أن بعض الشباب الصامد والجسور أبى أن يستسلم لليأس وقرر أن يتحدى قهر الزمن بكل جرأة وتحد، فيقومون بإمكانياتهم الخاصة رغم محدوديتها بتهيئة أحد حقول القمح ليحولوه إلى ملعب لممارسة كرة القدم، أين تجدهم يقصدونه في كل مساء للعب هذه الرياضة الشعبية العريقة بعدما خابت كل آمالهم في أن تستجيب يوما السلطات المحلية بتشييد لهم ملعب جواري يجمعهم ويلم شملهم رغم أن عدة مناطق مجاورة قد حضيت بهذا المرفق الرياضي الذي يظل بالنسبة لهم حلما صعب المنال، كحال الشغل والسكن والطريق وغيرها من الأمور التي يستحيل نيلها هنا مادامت أنها من سابع المستحيلات على حد تعبير الأهالي.