قوبلت الإجراءات القاسية التي اقترحها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بخصوص ما أسماه "محاربة الجريمة والهجرة غير الشرعية"، بعد أسبوعين من أعمال الشغب التي شهدتها مدينة غرونوبل بسبب مقتل جزائري كان يحاول الفرار من الشرطة، بردود فعل وتساؤلات سياسية وحقوقية. وقد جاء اقتراح هذه الإجراءات ضمن خطاب شديد اللهجة ألقاه ساركوزي في مدينة "غرونوبل" جنوب شرق فرنسا، حيث قال "يجب أن نسحب الجنسية الفرنسية عن أي شخص هدد حياة ضابط شرطة أو أي شخص مشارك في حفظ النظام العام... الجنسية تستحق وعليكم أن تكونوا أهلا لها"، في إشارة إلى المهاجرين، وخاصة الأفارقة والعرب والجزائريين. وقد ولّدت تصريحات الرئيس ساركوزي هذه بشن حرب على العنف في المدن، ردود فعل قوية في مقالات لصحف صدرت، أمس السبت، ك "لوموند" و"ليبراسيون" على أنها تصريحات للاستهلاك وتوجيه الرأي العام الفرنسي عن القضايا الحقيقية، وسط فضائح وتراجع في مؤشرات شعبيته قبل أقل من عامين على الانتخابات المقبلة. ولم يبق الأمر عند حد الصحافة، فحتى الأوساط الحقوقية والقانونية عارضت اقتراحات الرئيس الفرنسي بنزع الجنسية، وذلك استنادا للدستور الفرنسي، حيث أن المادة الأولى لدستور الجمهورية الفرنسية يضمن المساواة بين كل المواطنين، بدون تمييز على أساس الأصل، وهذا يعني أنه لا يمكن قانونيا سحب جنسية هؤلاء المواطنين، أمر أكدته أيضا رئيسة نقابة القضاة في فرنسا، موضحة أن تطبيق سحب الجنسية من المواطنين غير ممكن من الناحية القانونية. أما سياسيا، فهذا بمثابة صدمة، لأنه إجراء قمعي بغض النظر عن الأسباب. وعلى خلاف قلة وقفت مع ساركوزي كتيري مارياني، وهو نائب رئيس الحزب الحاكم، فإن أغلبية ردود الأفعال اعتبرت قرار ساركوزي تأليبا للرأي العام وإثارة للعنصرية في فرنسا، كسيغولين رويال المرشحة السابقة للرئاسيات التي قالت: "إن تدخل الرئيس ساركوزي (...) يمثل مرحلة جديدة خطيرة ومخزية، في حرب الشعوبية والمعادية للأجانب، وهذا يرمز إلى التهور وفشل واحد (...) جمهوريتنا هي المتعفنة من أعلى". أما النائب بيير موسكوفيتشي، قال: "تصريحات الرئيس" غير مقبولة لجميع الجمهوريين في هذا البلد، وأكد وجود علاقة سببية بين الهجرة والجريمة الخسيسة. تهديد لحرمان الجنسية الفرنسية من المؤلفين الأجانب جرائم معينة، تشير إلى أحلك ساعات من تاريخنا. ومن الواضح الآن أنه في روح من رئيس الدولة (...)، هناك فئة فرعية من اللغة الفرنسية، لا يستحق نفس الحقوق "الفرنسية العرقية".