رغم دخول قانون وزارة البيئة وتهيئة الإقليم القاضي بمنع تداول الأكياس البلاستيكية السوداء، وذلك منذ 2006، إلا أن الواقع يكشف غير ذلك، حيث عمد أصحاب الورشات السرية التي تعمل خارج كل المعايير الصحية والبيئية، إلى تغيير الإضافات الملونة فقط، مع الاحتفاظ بنفس تركيبة "المنتوج المرسكل" من بقايا المواد البلاستيكية التي تجمع من المفرغات والمطامر، والذي بيّنت الدراسات التي أجرتها العديد من المخابر، أنها أكياس تهدد الصحة العمومية. وحسب الجولة التي قادتنا إلى مختلف أسواق العاصمة، تبين أن الأكياس البلاستيكية التي شملها الحظر ما تزال متداولة وبقوة، وكل ما في الأمر أن أصحاب ورشات الرسكلة عمدوا إلى تغيير الإضافات الملونة، مع الاحتفاظ بنفس التركيبة الكيميائية للمنتوج الذي بات يتهدد الصحة العمومية في الصميم، خصوصا الأكياس الموجهة للتغليف والتعبئة الغذائية. وكانت وزارة البيئة وتهيئة الإقليم قد أصدرتا في منتصف سنة 2006 قانونا يحظر التعامل بالأكياس البلاستيكية السوداء، وقد طرحت وقتها بديلا يقضي بتموين السوق بالأكياس الورقية والكرتونية الصديقة للبيئة، لكن هذا البديل لم يعمل به إطلاقا. وقد برر أصحاب مركبات تصنيع الورق والكرتون، سواء العمومية منها أو الخاصة، إحجامهم للاستثمار في ا المجال بغلاء تكلفة الإنتاج مقارنة بالإيرادات. وقد غضت وزارة البيئة منذ ذلك التاريخ طرفها عن السوق وتركت الأمور تسير وقفا لما يحلو لبارونات الربح السريع الذين ينتجون أكياسا من مواد مرسكلة تجمع من المزابل، الأمر الذي يتهدد الصحة العمومية. وعلمت "الأمة العربية" أن ورشات تصنيع الأكياس البلاستيكية أعدت عدتها منذ حوالي شهر تحسبا لشهر رمضان، حيث يتزايد الطلب على مواد التعبئة والتغليف الغذائي، حيث يستهلك الجزائريون عادة خلال الشهر الفضيل 3 أضعاف ما يستهلكونه خلال شهر خارج هذا الموسم، ويجني بارونات الرسكلة وتسويق البلاستيك المليارات سنويا دون أن تكلفهم نفقات الإنتاج الشيء الكثير، على اعتبار أن المواد الأولية موجودة وبأبخس الأسعار في المزابل والمفرغات، حيث تولى مهمة جمعها للأطفال دون سن 15 بمعدل 100 دج لكل 30 كلغ من البلاستيك. ما تزال حالة الفوضى هي السمة الطاغية على نشاط تصنيع وتحويل البلاستيك في البلاد، حيث يبقى "بارونات الرسكلة والتسويق" يجنون الملايير من وراء عمليات تجميع وتحويل هذه المادة بطرق غير قانونية، ودون مراعاة أدنى الشروط الصحية والنوعية. وحسب إحصائيات غير رسمية، فإن سوق البلاستيك والمطاط يحصي اليوم وجود أكثر من 1000 ورشة متخصصة في مجال الصناعة البلاستيكية التي تشمل تجميع وتحويل وإعادة تصنيع مختلف أنواع البلاستيك، لكن نصف هذا العدد ينشط خارج المعايير والشروط المنصوص عليها دوليا، خصوصا في مجال تحويل البلاستيك إلى مواد للتعبئة الغذائية. ويقدر الاستهلاك السنوي للجزائر من البلاستيك ب 1مليون طن، فيما لا يتجاوز حجم الإنتاج كمادة أولية ومنتوج نهائي 100 ألف طن سنويا، مما يستدعي التوجه نحو الاستيراد لتلبية احتياجات البلاد من هذه المادة الأساسية، في الوقت الذي تسيطر فيه السوق الموازية على نسبة هامة من حجم هذا النشاط.