إنه رامول لول RAMAUN LULL الإسباني أحد أساطين التنصير في العالم العربي والذي تمكن من إجادة اللغة العربية قصد إعداد حملته التبشيرية الصليبية الدينية. لقد كان رامول لول أحد النصرانيين الحاقدين على الإسلام والمسلمين وكان حقده هذا ماثلاً في مؤامراته العديدة والمتنوعة، فمرة يضع الخطط الكاملة لإحتلال بلاد الشام، وتنصير أهلها، ومرة يكتب ويؤلف المضفات في الطعن على الإسلام، حيث قدم رامول لول ك تابين إلى الباب سلستين الخامس فيهما يشرح خطته ذات شقين: أولهما: أن تتخذ الكنيسة العلم والمدارس. وثانيهما: أن ينصر المسلمون بالقوة إذا لم تجد فيهم الجهود السلمية. كلية "ميرامار" الاسبانية.. أول نهج أكاديمي للتبشير في العالم لقد بدأ رامول لول حملته الصليبية هذه من كلية "ميرامار" أين كان يعلم الرهبان اللغة العربية حتى يسهل عليهم تنصر أهلها. ولم يكتف بهذا فحسب، فبعد أن وهب معظم أملاكه في سبيل الدعوة النصرانية التبشيرية، إتجه هو بنفسه بعدها للمساهمة الفعالة في حركة التبشير فتنقل إلى الأمصار العربية ساعياً إلى الفتنة، فكانت رحلته إلى الجزائر، ثم الثانية إلى تونس ثم الأخيرة إلى الجزائر عام: 1316م. الحلقة القادمة: لافيجري وتجديد الحملة قتل بالنعال في بجاية لأنه تهكم على الرسول بعد عودة رامول لول الى الجزائر في نية الاستقرار لمواصلة دعوته، لم يكن يعلم بأنه سيلقى حتفه في مدينة بجاية التي كان يتصور بانه سينتصر فيها بحكم انتمائها إلى منطقة القبائل. لقد قتل رامول لول رميا بالحجارة والنعال في بجاية بعد تهكمه على الرسول صلى الله عليه وسلم، في حلقه الدعوية، بعدما وزع كمية معتبرة من المواد الغذائية. لقد بلغ به الحمق والتعصب درجة الطعن في الإسلام، وفي نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم من فوق منبر مسجد بجاية، فثارت ثائرة الناس، فقاموا برجمه بالحجارة والنعال فارتد قتيلاً. لقد فعل ذلك عمداً كي يقتل فيكون دمه بذلك رمزاً لمن يأتي بعده. لقد أراد أن يموت شهيداً في سبيل حركة التنصير. فكان له ماأراد من موت، ولم يكن له ما أراد من هدف وغاية. 5 بعثات كاملة الى شمال افريقيا والجزائر الأهم وفي سنة: 1219، أرسل الراهب فرانسيس خمس بعثات تنصيرية إلى إفريقيا، واحدة منها إلى المغرب، حيث قامت هذه الأخيرة بالطعن في دين الإسلام مما دفع بالخليفة الموحدي بالمغرب الأقصى آنذاك إلي إعدامهم جميعاً سنة: 1220م. وفي سنة: 1227، خرجت بعثة أخرى من بريطانيا تنصيرية إلى المغرب، وبمجرد وصولهما وصولهم أخذوا يدعون إلى المسيحية، فألقي عليهم القبض، وأعدموا في مراكش سنة وصولهم فكانت بذلك ضربة موجعة للصليبييين. مما دفع بأصحاب التبشير إلي التفكير أكثر بشأن الإرساليات. الارساليات لم تجد فتوقفت إلى حين وبالفعل، توقفت هذه الإرساليات إلى حين اختيار الوقت المناسب، وبعد مرور أكثر من عشر سنوات، فكّّر المبشرون في إرسالية خاصة ذات طابع ديني علمي إستطلاعي، وذلك بقيادة العالم المتجر: أنسيلمو توريميدا ANSELMO TORMIDA حيث وبمجرد وصوله شرح الله صدره للإسلام بتونس عام: 1388م، فكانت بذلك الضربة القاضية لدعاة التبشير. قلت: رغم هذا كله، لم تنقطع المحاولات الفاشلة والإرساليات التبشيرية الخائبة عن كف نشاطها. وبدأت تدخل عليها الأساليب الجديدة كالتعليم، والتطبيب... إلا أن الشعب الجزائري كان لهم دائماً بالمرصاد. فلجأوا في الأمر إلى القوة، فكان بذلك الإستعمار، ولن نخوض في الحديث عن التبشير أثناء هذه الحقبة كثيراً لعدم المزج بين هاذين العدوانيين لنتناول التبشير بصفة إنفرادية مع حذف هذه الحقبة وتناولها في باب الإستعمار. وعلى أن تنقل مباشرة إلي حملة أوغسطين دوفيلار. أوغسطين.. وروح فرسان العصور الوسطى إنه: أوغسطين دوفيلار، الذي وصفه جورج غوايو قائلاً: "إن لدوفيلار الشرف، لأنه كان أول معمر بالجزائر، وإنه له روح فرسان العصور الوسطى التي هبّت لتفهيم فرنسا المسيحية في صورة خيرية إلى الإسلام"، لقد تفطن هذا المنصر إلى أهمية الأعمال الخيرية فاستغلها في تنصير المسلمين، فقام بشراء إقطاعات من الأراضي في كل من القبة وبراقي وبن عكنون وبوفاريك. اعتماد سياسة التطبيب والصدقات وأنشأ مركزاً طبياً في مارس 1835، ثم سافر إلى فرنسا من جديد لتحريض الناس هناك للتربع لصالح مشاريعه الخيرية المزعومة، مستغلاً في ذلك الحوافز الدينية وحاول إقناعهم بأن هذه الأعمال ستؤدي في النهاية إلى تنصير الجزائريين، وقد جمع بذلك التبرعات الضخمة لمشاريعه، وكان أول من آمن بأفكاره. هو الملك: لويس فيليب وزوجته إميلي اللذان تبرعا له بمبلغ: 1500 فرنك. أخته إميلي كادت تفعلها وفي عودته إلى الجزائر سنة 1835، أحضر معه أخته إميلي دوفيدار للعمل معه في التنصير مع مجموعة من الراهبات، وهكذا بدأ ينشر النصرانية من خلال بناء المراكز والمعاهد وتقوم أخته بنشر التعاليم الإنجيلية في هذه المراكز ووسيلتها التطبيب والأعمال الخيرية. كما قامت أخته أيضا إميلي بفتح مدرسة للبنات الجزائريات في سنة: 1836. بعدها وصل إلى الجزائر الأب: بورغاد BOURGADE سنة: 1838 فاختارته إميلي دوفيلار مرشداً دينياً لفرقتها، فتم فتح المركز الخيري بمدينة: بوفاريك في تاريخ الثامن من أوت سنة: 1838 تأسست أول أسقفية بالجزائر بعد الإتفاق الذي عقده كل من البابا: غريغوار والملك: لويس فيليب نفسه، حيث تم تنصيب: أنطوان ديبيش أول أسقف بها. وقد عرف هذا الرجل بتحمسه لإحياء الكنيسة بإفريقيا. وقد رسم لذلك خطة تعتمد على بندين: العمل الخيري من جهة، وإثارة العنصرية والثغرات من جهة أخرى، وقد عبر عن ذلك بقوله: "يجب أن تكون رسالتنا بين الأهالي، وينبغي علينا أن نعرفهم بدين أجدادهم الأولين بالخدمات الخيرية". واستغل كما هو عادة المنصرين حالة الفقر التي يعيشها جلّ الشعب الجزائري، فأعلن أنه سيمنح: 20 فرنك أسبوعياً لكل من جاء ليسمع التلاوة الدينية في الكنيسة، ويمنح: 50 فرنك لمن يقبل التعهيد، فيتنصر. كما خصص يومي الاثنين والخميس ليتصدق فيهما بالخبز للأطفال المشردين، وقد شجعه في ذلك البابا غريغوار السادس عشر، ودعم صفوفه بالقسيس: سوشي فكلفه بتنصير أهل قسنطينة. هذا الأخير حوّل مسجد أحمد باي إلى كنيسة. طائفة القديس فانسادو بولس اختصت في تنصير الأطفال والمرضى وبدورها، أخذت حركة التنصير في التوسع والتغلغل داخل الجزائر بشتى الطرق والوسائل حتى عام: 1843 بوصول طائفة القديس فانسادو بولس المختصة في تنصير الأطفال والمرضى، حيث تقوم هذه الطائفة بإقامة الصلوات أمام المرضى وتكليفهم بأدائها وتوزيع الصلبان على بعض العجزة، بل وحتى إرغامهم أثناء الاحتضار. ولنا أن نتصور كيف تكون حال المريض المتألم بجراحه، ينتظر الدواء، ويبكي الداء، تستغل هذه الطائفة ضعفه وقعوده وحرصه لتعرض عليه الصليب، أو لتعلقه في الجدار أمامه، وهو لا يملك حولاً ولا قوة.