تحولت معظم ساحات وشوارع قلب العاصمة كما في الأحياء الشعبية إلى ما يشبه الأسواق المفتوحة يحج إليها الأولياء من كل حدب وصوب لاقتناء ما يلزم أبناءهم التلاميذ من أدوات مدرسية بعد أيام قلائل فقط من انطلاق الموسم الدراسي الجديد 2010-2011 .وتلقى هذه الأسواق التي بدأت في النشاط في غضون العشر الأواخر من شهر رمضان وأخذت خطا تصاعديا بعد عيد الفطر إقبالا كبيرا من طرف المواطنين بالنظر إلى الأسعار المتدنية مقارنة بغيرها من الأسواق النظامية والمحلات التجارية. وقد طافت "الأمة العربية"بداية من الإثنين الماضي بمختلف إرجاء هذه الأسواق في العاصمة وعددا أخر في البلدية الاستطلاع الوضع واستبيان آراء المواطنين حيث اكتشفنا حقائق لم نكن نتوقع قبل الشروع في هذا العمل الإعلامي الميداني أول ما اكتشفناه أن ما يربوعن 70 بالمائة من المعروض منشأ الأصلي من الصين وباكسنتان وال 30 بالمائة المتبقية تتقاسمها الشركات العمومية والخاصة الناشطة في مجال الصناعات الورقية والقرطاسية وتعرض بأسعار اقل ب 20 إلى 40 بالمائة عن أسعار نفس المنتجات في المحلات والفضاءات التجارية النظامية ومحلات الوراقة، كما اكتشفنا حالات من المضاربة في ذات الأسواق حيث لا مجال فيها للمنافسة حيث أن المنتوج الذي كان قبل نهاية رمضان يباع ب 60 دج على سبيل المثال قفز سعره إلى 80 دج لدى كل الباعة وذلك بسبب الطلب المتزايد والذي تفاقم أكثر وبلغ الذروة في اليومين الأخيرين كما وقفنا على سلوكيات عديدة أبطالها الوسطاء الذين يعيدون البيع بعد شراءه جملة لدى تجار الجملة والتجزئة على حد سواء . الوسطاء يلهبون السوق أفادنا العديد من المواطنين الذين تحدثنا إليهم في الأسواق الفوضوية للأدوات المدرسية أن الأسعار قفزت مرة واحدة بعد عيد الفطر مباشرة أي في بحر الأسبوع الجاري والسبب كما أسلفنا ارتفاع الطلب ب 50 بالمائة مقارنة بالأسبوع الأخير من شهر رمضان وقد اغتنم بعض الطفيليين ممن تصطلح عليهم في لغة الاقتصاديين ب " الوسطاء" الفرصة حيث قاموا بشراء كميات كبيرة من المعروض سواء لدى كبار المستوردين وحتى تجار الجملة والتجزئة ليعاد بيعها لاحقا بهوامش ربح تتراوح ما بين 100 و500 دج وفي هذا الصدد حدثنا "علي. ب "وهوموظف ورب عائلة من 6 أفراد، 3 منهم من يدرسون في الطور المتوسط قال " أرى أن الأسعار هذه الأيام مرتفعة نسبيا مقارنة بالأيام القليلة الماضية فمثلا كراس من 192 صفحة كان بسعر 85 دج قفز سعره اليوم إلى 110 دج والمحافظ التي كانت بسعر 300 دج استقر سعرها عند حدود 400 دج السبب واضح هناك فئة من الوسطاء ابتاعوا حصص كبيرة من المعروض قبل عيد الفطر واخرجوا سلعهم بداية من هذا الأسبوع بهوامش ربح إضافية وأنا أتساءل عن المراقبة التي من المفترض أن تتعزز أكثر هذه الأيام ". من جانبه قال لنا "محمد .ع" وهومكون في شركة عمومية " في الواقع ورغم هذه الزيادات التي طالت العديد من المنتجات بمختلف ماركاتها وهي صينية أوباكستانية في الغالب أرى أنها في متناول الشرائح متوسطة ومحدودة الدخل لأن المنتوج الذي يباع في هذه السوق مثلا ب 50 دج تجد سعره مضاعف في المحلات التجارية الكبرى وأنا برأيي هي أسواق" للمواطن الڤليل" وضد كل مساعي استئصالها التي تشنها هذه الأيام قوات الأمن وأشجب الغرامات التي تقر بحق هؤلاء التجار الفوضويين. ". مداهمات بوليسية، حجز وغرامات لكن السوق ما تزال "واقفة " وحسب شهود عيان ممن عاشوا عن كثب سيناريوهات المداهمة وحملات الحجز التي تشنها مصالح الآمن ضد هؤلاء الباعة فإنه وكما يقول المثل الشعبي " لا تلبث ريمة أن تعود إلى عادتها القديمة "في إشارة إلى سرعة هؤلاء الباعة لاحتلال نفس الأماكن وتنصيب نفس الخيم والطاولاتمباشرة بعد مغادرة آخر دورية للأمن المكان وقد كشف لنا العديد من المواطنين في أسواق الرغاية وباب الزوار والحراش وحتى في بئر توتة وبوفاريك بولاية البليدة فان المداهمات البولسية تكون دوما مصحوبة بشاحنات كبيرة مسخرة من طرف مصالح الجماعات المحلية "البلديات والدوائر " لشحن المحجوزات من السلع على اختلاف أصنافها وقيل لنا أن وجهتها هي الروضات ومدارس الصم البكم والطفولة المسعفة وقد أجبر العديد من الباعة الذين تم توقيفهم واقتيادهم إلى مراكز الشرطة والدرك على التوقيع على محاضر المخالفات والغرامات المالية والتي تتراوح ما بين 5 آلاف دج و20 ألف دج. سوق موسمية تدر المليارات على أصحاب "الكونتونير" سمح الرواج الكبير والربحية المنقطعة التنظير التي حققتها سوق اللوازم والأدوات المدرسية بتحفيز التجارة الخارجية والرفع من حجم الاستيراد أكثر من طرف شركات الاستيراد التي تنشط في البلاد حيث استقبل ميناء الجزائر مند بجاية الأسبوع الثاني من شهر أوت الماضي مئات الحاويات القادمة من الصين معبأة بمختلف الأنواع من اللوازم والأدوات المدرسية والملفت أن عدد هذه الحاويات يتزايد من سنة لأخرى، موازاة وارتفاع الطلب أكثر ولأن المواطن أيضا يبحث دوما على السلع الرخيصة مهما كان مصدرها المهم أن تكون مقبولة من حيث السعر وليس من حيث النوعية لذلك ومن هذا المنطلق استطاع أصحاب "الكونتينيرات" من جني المليارات من الدينارات من خلال هذه السوق الموسمية. لوازم طفل واحد ب 4000 دج ..المواطن الموظف محتار بعملية حسابية وبعد اطلاعنا على قائمة الأدوات المدرسية الخاصة بالتلاميذ الذين يدرسون في الطور المتوسط على سبيل المثال تمكننا من التوصل إلى رقم 4000 دج وهي تكاليف الأدوات والكتب والضمان الاجتماعي والمآزر وإذا كان الحال على هذا النحو فكيف لرب أسرة يتقاضى 16 ألف دج في الشهر أن يضمن لوازم 4 من أبنائه الدارسين، السؤال حملناه إلى المعنيين بالأمر فكانت إجاباتهم متفقة على أن الاستدانة هي الحل والمخرج خصوصا وأن الدخول المدرسي لهذا العام تزامن مع شهر رمضان وعيد الفطر المبارك حيث استنزفت المناسبتين أخر دنانير الشهرية .وفي هدا الصدد جدثنا" بلقاسم.ك"وهوموظف في شركة خاصة يتقاضى 19 ألف دج ولديه 5 أبناء كلهم في الطورين المتوسط والثانوي قال " ميزانية الأطفال أبدأ في التحضير لها مع نهاية الموسم المنصرم حيث أقوم كل شهر بتوفير قسط من الأجر الشهري ورغم ذلك أجد نفسي مضطرا للاستدانة لأكمل نفقات البيت .ومهما قيل عن هذه الأسواق إلا أنها تبقى متنفس المواطن البسيط الذي وجد فيها ضالته.