يعيش الجزائريون، هذه الأيام، حالة من "السوسبانس" والخوف والقلق جراء ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة بشكل عبر اعتيادي، حيث بلغت 28 درجة على الشريط الساحلي وقد فاقت 30 درجة في بعض ولايات وسط وغرب البلاد، خصوصا وأن هذه "الطفرة الحرارية" تحدث في أواخر الخريف وبداية فصل الشتاء الذي لا تتجاوز فيه درجات الحرارة في الغالب 14 درجة مئوية ويربط الجزائريون في العادة التقلبات المناخية بحالات الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والانزلاقات الأرضية والعواصف العاتية لكن الخبراء الفلكيون والمختصون في علوم الأرصاد الجوي يؤكدون أن هذه الظاهرة "طبيعية" وتتكرر عند مرحلة الانتقال من فصل لآخر. وقد قامت "الأمة العربية"، أمس، باستطلاع في أوساط المواطنين لمعرفة سيكولوجية الجزائري وتعامله وتعاطيه مع التقلبات المناخية، وقد اكتشفنا من خلال العينة التي تحدثنا إليها أمس في قصر المعارض أن الخوف والشك هو المسيطر، إلى درجة أن ربط الكثير منهم النشاط الزلزالي بارتفاع درجة حرارة الأرض، وهو الربط الذي ينفيه خبراء الأرصاد الجوي من الأساس.
زلزال الأصنام وفيضانات باب الواد وقعت بعد موجات حر شديدة
لكن منطلقات المواطن الجزائري تأتي من "تجارب سابقة"، حيث قال لنا "محمد.ل" وهو موظف سام في القطاع السياحي التقيناه في قصر المعارض "أنا شخصيا مرتاب من حالة الطقس هذه الأيام تصور أن العديد من المواطنين تخلوا على ارتداء الصوف والجلود وعادوا إلى القمصان الصيفية في عز الشتاء ولونعد إلى الوراء نجد أن فيضانات باب الوادي حدثت مباشرة بعد أيام من الحر الشديد إلى درجة أن دعت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف كافة أئمة المساجد إلى إقامة صلاة الاستسقاء يوم الجمعة 9 نوفمبر 2001 والفيضانات وقعت فجر يوم 10 نوفمبر 2001، وأيضا زلزال الأصنام في أكتوبر 1980 حدث أيضا بعد موجة حر شديدة، حيث عاشت الجزائر قبله بعدة سنوات أسوء موجات الجفاف، وكذلك زلزال ماي 2003 الذي وقع أيضا في أيام بلغت فيه درجات الحرارة مستويات غير اعتيادية كل هذه الحقائق التي عشناها تدفعنا إلى ربط الكوارث الطبيعية بارتفاع درجات الحرارة". من جهتها، قالت "فريدة.ن" وهي مدرسة في الطور الابتدائي قالت "في الحقيقة أنا جد متخوفة، الطبيعي في شهر ديسمبر أن لا تتعدى درجات الحرارة 12 مائوية وتصل الى 3 أو4 درجات بالليل في الولايات الساحلية وتتراوح ما بين 1 و3 ليلا في الولايات الداخلية ليلا، والواقع أننا ومنذ الثلاثاء الماضي نعيش حالة من الحرارة شبيهة يتلك التي عشناها في شهر أوت، حيث تعدت ال 28 درحة وبلغت ال 30 في بعض ولايات وسط وغرب البلاد. هذا أمر غير طبيعي، وبرأيي فإن تطمينات الخبراء هي في نظري مجرد مهدئات ليس إلا، لأن الواقع والتاريخ يكشف أن النشاط الزلزالي مرتبط دوما بالحرارة الشديدة". من جهته، قال "طارق.ع" وهو موظف في القطاع العمومي، إنه مرتاب من حالة الطقس هذه الأيام، لأنه غير طبيعي ويدعوفعلا إلى القلق. والواقع أن الجزائر تعيش منذ حوالي أسبوع وضعا مناخيا غير طبيعي، يفسره خبراء الأرصاد الجوي والأخصائيون في التغيرات المناخية بأنه "حالة طبيعية جدا" وليست استثنائية، وتحدث في الغالب عند الانتقال من فصل لآخر. الأرصاد الجوية تؤكد: درجات الحرارة ستعود إلى طبيعتها بداية من الخميس المقبل
ويؤكد هؤلاء الخبراء أن الانتقال من فصل الصيف إلى الخريف الجاري، أي ما بين 20 أوت و20 سبتمبر الماضي، حدثت فيضانات أودت بحياة العشرات من المواطنين في 8 ولايات عبر الوطن، وكذلك الحال عند الانتقال من فصل الخريف الجاري إلى فصل الشتاء الذي ينطلق في 21 ديسمبر والسبب ارتفاع الضغط الجوي الحراري المرتفع المقرون دوما بحالة تعاقب الفصول وهذه الحالة ليست حكرا على الجزائر فقط، بل هي حركة مناخية تشهدها كل قارات العالم. أما مصالح الأرصاد الجوية، فقد فسرت الوضع خلال النشرات الجوية ليومي الخميس والجمعة الماضيين إلى مفعول تيارات الهواء الحارة التي انطلقت من أوروبا الشرقية وعبرت الحوض المتوسطي. وتتوقع مصالح الأرصاد الجوي نشرة أمس السبت أن تستمر موجة الحرّ إلى غاية الأربعاء، المقبل وتبدأ درجات الحرارة في الانخفاض تدريجيا بمعدل 3 درجات يوميا بداية من حلول فصل الشتاء في 21 ديسمبر الجاري.