الثورات العربية الجديدة التي يقودها مراهقون وشباب، عمر بعضهم أقل من عمر الحكام العرب في الحكم، لم تكن وليدة تفكير سياسي لأحزاب محنّطة أو لهيئات سياسية ليست في واقع الحال سوى لواحق لوزارات الداخلية في البلاد العربية، ولكنها وليدة الرفض الكامل لهذه الأنظمة دون تنازلات أو نقاش، وبالتالي الرفض أيضا لهذه الأحزاب التي أطالت شقاء الشعوب العربية ردحا من الزمن، واليوم فقد ثبت أن هذه الشعوب العربية صارت عابرة للأحزاب وليست في حاجة لمن يمثلها، لأنها أخذت زمام المبادرة بيدها واستطاعت أن تخترع شعاراتها من تلقاء الوجع الذي شاركت في صنعه هذه التشكيلات السياسية عن قصد أو من دونه. ليست وحدها الأنظمة التي فشلت، بل حتى الأحزاب السياسية أثبتت فشلها الذريع. لذا على هذه الأحزاب اليوم، سواء أكانت في مصر أو في تونس أو الجزائر أو غيرها من بلدان العرب، أن ترفع يدها عن الشعب وادعاء تمثيله، لأن الشباب يمثلون اليوم الشعب وتطلعاته وطموحاته، فزمن "البوكيمون" السياسي الذي تمثله مثلا عندنا حركة مجتمع السلم والأرسيدي والجبهات المختلفة التي صارت المصالح فيها هي الجبهة الوحيدة، والأحزاب الوطنية التي صار الوطن بالنسبة لها "شكارة وعمولات"، وأحزاب مثل حركة الإخوان في مصر والوفود وغيره الذين يحاولون اليوم اللحاق بالقطار في نصف مسافته التي قطعها انتهى عهدها، فالشعوب العربية اليوم صارت عابرة للأحزاب وليست بحاجة لأحزاب تعبر بها.