لم تستطع التنسيقية الوطنية للتغيير والديموقراطية، الخروج بمسيرتها نحو ساحة الشهداء للمرة الثانية بعد مسيرة السبت 12 في هذا الشهر، حيث استطاعت قوات الأمن تطويق المسيرة في ساحة أول ماي، مع استعمالها لخطة جديدة، وهي اعتمادها على تفريق المتظاهرين الى مجموعات وتطويقهم ومحاصرتهم في ساحة أول ماي وفي الطريق المؤدي إلى رويسو. ولم تسلم المسيرة هذه المرة من المناوئين من أبناء العاصمة الذين فرضوا منطقهم على المتظاهرين، رافضين بذلك المسيرة التي دعت اليها التنسيقية. وقد سجلت قوات الأمن حضورها المكثف، مع تنظيم محكم، استطاعت من خلاله تطويق المحتجين الذين لم يستطيعوا الخروج الى الاهداف التي سطروها في المسيرة. وقد بدأ المحتجون في رفع يافطات الاحتجاج قبل الموعد المحدد للمسيرة، الذي كان من المفترض ان يتم على الساعة الحادية عشر، كما أكدته قيادة التنسيقية. وفي السياق ذاته، لوحظ غياب وجوه بارزة في التنسيقية، مثل رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور وزعيم حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي يوجد في فرنسا. وحسب ما أفادت به بعض المصادر التي لم تؤكد الخبر، فإن سعدي كان من المفروض أن يصل الى العاصمة صباح أمس السبت للمشاركة في المسيرة، إلا أنه وحسب المصدر الذي لم يؤكد المعلومة يكون قد تم حجز جواز سفره على مستوى المطار. وقد رفع المتظاهرون شعاراتهم المعتادة المطالبة بالتغيير ورحيل الحكومة، ولم يستطيعوا فك الطوق الامني رغم الاحتكاك العنيف بينهم وبين قوات الأمن التي فرقتهم الى مجموعات، حيث اعتقل في إحدى هذه المجموعات عبريكة أحد أعضاء حركة العروش. وفي تمام الساعة الحادية عشرة، دخلت على الخط مسيرة أخرى مؤيدة لبوتفليقة مكونة من بعض شباب العاصمة، حيث تم الاشتباك على أحد الأرصفة بين الفريقين، سرعان ما تدخلت قوات الامن وحالت بين الطرفين. ورغم محاولة المحتجين غلق الطريق المؤدي الى رويسو، إلا أن قوات الأمن كانت تتدخل في كل مرة لفتح الطريق لسيارات المواطنين، وهو ما أدخل المتظاهرين وقوات الأمن في لعبة الكر والفر في مساحة ضيقة ساحتها شوارع ساحة ماي والطريق الرئيسي، اين انتشرت قوات الأمن بكثافة ضاربة طوقا أمنيا حول المسيرة والمجموعات التي فرقتها، بينما ظلت طائرة هيلكبوتر تابعة للأمن الوطني تحوم حول الموقع، ولم تسجل إصابات كثيرة مقارنة بالأسبوع الماضي سوى بعض الرضوض والجرحى جراء التدافع أو السقوط، كما لم يتم اعتقال كبير للمتظاهرين مثلما كان الحال عليه في الأسبوع الماضي. "المسيرات ستستمر كل سبت حتى تتحقق مطالبنا" نفى القيادي في حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، محسن بلعباس، أن تكون مسيرة أمس السبت محصورة في جهة معينة فقط، في إشارة إلى سكان القبائل، معتبرا ان أغلب المشاركين هم شباب من العاصمة جاءوا للتعبير السلمي عن مطالب قال إنها شرعية. وفي سؤال إن كانت هذه المسيرة مفتعلة من أطراف معينة من أجل أجهاض مسيرات حقيقية للشارع الجزائري، أوضح بلعباس أن هذا الكلام تحاول أن تنشره السلطة ووسائل الإعلام التابعة لها من أجل إفراغ المسيرة من محتواها وفض الشباب عنها، وقال بلعباس إن الهدف من هذه المسيرة هو السعي لبناء دولة القانون ومحاولة إبراز مطالب الشعب الجزائري الذي قال في شأنه إنه يعاني من "الظلم الثقافي والظلم الديني وحتى الاجتماعي"، معتبرا أن مشروع التنسيقية هو بناء دولة لا تزول بزوال الرجال، مؤكدا على إصرار التنسيقية مواصلة الاعتصام كل يوم سبت حتى تنفيذ مطالبه. وعن غياب سعيد سعدي عن المسيرة، أوضح نفس المتحدث أن غيابه جاء بحكم تواجده بالخارج وسيصل صباحا لالتحاق بالمسيرة، إلا أن زعيم الأرسيدي لم يشارك في المسيرة لأسباب قيل إنها تتعلق بحجز جواز سفره، رغم أن المعلومة ليست مؤكدة. واستغرب محسن بلعباس الإنزال المكثف لقوات الأمن، رغم أن المسيرة سلمية، على حد تعبيره. من جانبه، اعتبر رئيس الرابطة لحقوق الانسان مصطفى بوشاشي أن التنسيقية ستواصل ما اعتبره نضالا من أجل تحقيق المطالب المشروعة، مشيرا إلى أن أحد المطالب التي حققتها التنسيقية هو رفع حالة الطوارئ التي أقرها رئيس الجمهورية مؤخرا، وجدد الوزير الأول التزامه برفعها في قبل نهاية هذا الشهر. وفي السياق ذاته، أكد رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الانسان عزم التنسيقية مواصلة هذه الاحتجاجات دوريا كل سبت إلى غاية تحقيق المطالب التي رفعها شباب التنسيقية.