فنان ارتبط اسمه بفرقته وأصبح يدعى ب"عبدو جماوي أفريكا"، عازف على آلة الڤيتار، هذه الأخيرة التي تعتبر روح الفرقة المحبوبة في أوساط الشباب خاصة، وهواة الڤناوي العصري سواء داخل الوطن أو خارجه.. في هذا الحوار يكشف عبدو قصته مع الفن والموسيقى ومع الفرقة، كما سنتعرف على جانب من حياته ونوعية الموسيقى التي يتناولها. عبدو جماوي ل "الأمة العربية" * سؤال روتيني، هل درس عبدو الموسيقى؟ ** أمضيت عامين بالكونسرفاتوار، الذي التحقت به في 2001، لم تكن تستهويني الدراسة خاصة وأنني حينها كنت طالبا بالمعهد الوطني للتجارة، فاخترت الموسيقى لأنني أستطع التوفيق بينهما بسبب ضيق الوقت. حبي للموسيقى كان هوسا، فقد تعلمت العزف على البيانو وعمري 12 سنة، وفي الثانوية تعلمت العزف على الڤيتارة التي كانت الآلة الموسقية التي أعشقها لأنني كنت مولعا بموسيقى الروك.. المهم في الجامعة كنت عضوا بفرقة فنية، وكنا نقدم حفلات داخل الحرم الجامعي، ومع نهاية السنة التحقت بفرقة جماوي أفريكا وكان ذلك في 2004. * كيف تم الالتحاق بالفرقة؟ ** كما ذكرت لكم سابقا، كنت عضوا بفرقة موسيقية بالمعهد، وكنا نقيم حفلات في مختلف المناسبات، وفي إحدى المرات قدّمنا حفلا تضامنيا، وحضر الحفل "جميل" مغني فرقة جماوي أفريكا وطلبنا منه أن يقدم أغنية معنا وفعل ذلك بكل سرور، فعرض "جميل" على صديقي، عضو فرقة ستارت الالتحاق بالفرقة، وأنا كنت دائما متأثرا ومعجبا بأسلوب وأداء "جميل" وبالفرقة عموما، ولقد أسعدني ذلك الطلب ومن هنا بدأنا العمل الفني الحقيقي بإشراك موسيقيين آخرين معنا، وتقديم الحفلات وتحضير الألبومات. * كيف ترى الفرقة اليوم بعد تجربة أربع سنوات؟ ** أشعر براحة ولا أرى نفسي خارج هذه الفرقة. * هل يمكن أن تقدم لشاب جزائري يجهل فرقة جماوي أفريكا بطاقة فنية عنها؟ ** فرقة شابة تحاول خلق أسلوبها الفني والإبداعي، وتهدف إلى وضع لمسة جديدة ومختلفة في جدول الموسيقى الجزائرية. * ما هو سر نجاحها؟ ** أشياء ضرورية لا غنى عنها في أي مجال، وهي الالتزام والعمل والتدرب المستمر، فنحن نتدرب ثلاث مرات في الأسبوع بانتظام، وفي كل مرة نتدرب لمدة ثلاث ساعات، وبطبيعة الحال لكل عضو أهميته ومهمته، أمر آخر أريد الحديث عنه وهو الاتصال فيما بيننا من خلال الحوار والنقاش واحترام رأي الآخر، فلا يمكن أن نكون مجموعة متماسكة دون الالتزام بهذه المبادئ حتى ولو كنا أكبر الفنانين في العالم. * حسبما سمعنا إن العفيفي استطاع أن يحدث توازنا كبيرا في الفرقة، كيف كان اللقاء به؟ ** لعفيفي مناجير الفرقة منذ ثلاث سنوات وحتى الآن، وقد حضر لنا حفلا أقمناه في نهاية عام 2005 بمناسبة رأس السنة، وهو فنان يعمل في السينما لكن إعجابه بنا وحبّه لإنجاز مشروع عمل موسيقي دفعه إلى عرض فكرة أن يدير أعمال الفرقة وبالطبع نحن وافقنا على ذلك، ولعلمك نحن كعائلة حقيقية، ومهدي له فضل كبير، فهو يملك حرفية عالية ولمسة فنية خاصة ومتميزة. فقد اندمجنا معه ومع طريقة عمله، وهو لقاء جميل وفيه توازن وثبات، وأعتقد أننا نسير على طريق مهني، لم نخترق الحواجز أو المراحل بل سرنا بانضباط وبعمل مستمر حتى أننا لم نقدم ألبومنا الأول حتى بعد تقديم حفلات كثيرة، وفي هذا الإطار، نحن اليوم لدينا مهندس صوت ومسؤول إضاءة ومراقب وموسيقيين وأعتقد أن هذه أمور مهمة. * ما الذي تمثّله لك الموسيقى هل هي تميّز أم هواية أم حبّ تجهل دوافعه؟ ** الموسيقى أولا هي فن فطرت على حبه واخترت أن أدخله، ثم إن الموسيقى تدفع عني القلق والروتين اليومي ومتاعب العمل والحياة، والموسيقى أيضا هي قناة أو وسيلة أعبّر بها عمّا يشغلني وما يختلج في صدري، ضف إلى ذلك أن الموسيقى لا نختارها بل هي من تختارنا وهي لها علاقة بالروح والقلب. * الفرق الفنية في النوع الغربي بالجزائر وحتى الجزائري كانت تغني كثيرا في الحفلات الخاصة والصغيرة، لكن "جماوي أفريكا" تبحث دائما عن الجمهور الكبير والعريض سواء هنا بالجزائر أو خارجها؟ ** الفرقة ترفض تماما الغناء في الحفلات الخاصة مثل أعياد الميلاد والزفاف، وهي قضية مبدأ، ثم إننا قدمنا حفلتين فقط في ملهى ليلي بفندق ضخم لكننا اليوم ابتعدنا عن هذا العالم، أولا لأننا لا يهمنا الجانب التجاري، بالرغم من أن الوسط الفني مربح جدا للذين يبحثون عن الكسب المادي، وفرقتنا وأنا شخصيا نعيش ونكسب من عمل آخر، ثم إننا لا نريد أن نحوّل فرقتنا إلى مصنع يدر الأموال بل نبحث عن الإبداع مثل من لديه مخبر علمي للبحث والاختراع، وصدّقوني، الفن له شروط وضوابط ويتطلب وقتا. * "الراي" ظاهرة لم تضاهيها أي ظاهرة أو طابع غنائي آخر، فما رأيك به؟ ** "الراي" طابع غنائي ظهر قويا ولكنه تراجع اليوم وأصبح تجاريا محضا بسب انعدام الثقافة الموسيقية والجهل التام بها. * أنت موسيقي على آلة الڤيتارة ولكنك لم تجرب الكتابة، لماذا؟ ** أخاف من كتابة الكلمات، ربما لأنني لم أحاول، أو لأنني أجيد الفرنسية أكثر من العربية أو العامية، وأكيد أن الخوف متعلق أيضا بقدسية الكلمات في اعتقادي الشخصي، لكنني أعوض ذلك بميلي وتدخلي في الموسيقى والتلحين. * من أين تستمد طاقتك وأنت على الخشبة؟ ** أولا أنا سعيد بعالمي وأركز كثيرا على عملي وأقدم فيه ما عندي من قدرة فنية دون شح أو بخل، وعلاقتي مع الطاقة هي الجمهور فهو من يمدّني بها في الحفل لأحوّلها بعدها إليه عزفا وروحا وهي علاقة طردية واستلزام، ولا أخفي عليك أنني لا أعرف كيف تتحول؟ * هل تعتقد أن فرقتك لاقت نجاحا بسبب خلو الساحة من فرق مماثلة مثل ڤناوة ديفيزيون؟ ** الطبيعة تمقت الفراغ، تقول الحكمة الشهيرة، ولكن وصدقا أنا لا أرى أننا أخذنا مكان أحد، ففرقتنا فرضت نفسها بعملها، وأعتقد وكما يعلم الجميع أن المكان شاسع للجميع ويمكنه احتواء الكل. * هل تعتبر نفسك موسيقيا تمثل الجزائر أم تمثل من؟ ** يرفض الجزائريون أن يكونوا أفارقة أو عرب، فنحن من؟ لا ندري، عائلتنا جزائرية ومحافظة، وكل منطقته ووجهته، ونحن الأبناء، بتأثير العولمة والقنوات الأجنبية نشعر بنوع من الاختلاف وكأننا أوروبيون، ولكن عبدو مواطن جزائري مغاربي إفريقي، ولا حدود له في هذا العالم ولا يمكن أن يفصل نفسه عما يحدث فيه. * هل تشعر في داخلك بأنك موسيقي جيد؟ أعني هل أنت راض عن أدائك؟ * أنا عصامي التكوين، لم أتعلم العزف في معهد الموسيقى، فقد بدأت التدريب لوحدي، ولا أقول أنني موسيقي بارع بل أقدم عملا موسيقيا بحسب مستواي التقني وأرى أنني أعزف "نلعب". * هل تحضر حفلات فنية أم أن وقتك مقسم فقط بين التمارين والعمل؟ ** لا، أحاول قدر الإمكان حضور الحفلات المنظمة في العاصمة، ولا أكتفي بنوع واحد أو فنان ما بل بكل أنواع الطبوع، وفي سفرياتي إلى الخارج أنتقل كثيرا إلى قاعات العروض، وذلك لأهداف كثيرة منها التعارف واللقاء والاكتشاف والتبادل الفني وحب المعرفة والتطلع، إنها روح الفنان الفضولي والباحث عن أفاق للتواصل والتعلم. * متى تبدع أكثر، وهل تحتاج إلى طقوس معينة عند صعود الخشبة؟ ** أحيانا كثيرة في الصباح الباكر أبدع مقطعا موسيقيا أو لحنا، أحيانا مع العزف والتموين تأتيني فكرة لحن، ومع فرقة "جماوي أفريكا" بدأت أفهم الموسيقى، أسمع للآخرين تهيكلت معهم في نسق العمل. أما طقوسي قبل صعود الخشبة فهي لا تزيد عن تدفئة الآلة والصوت، ينتابني القلق لكنه سرعان ما يختفي مع صعودي الخشبة. * إلى أي مدى يأخذ منك مظهرك الخارجي وقتا؟ ** المظهر له علاقة بالخطاب، وله علاقة مع المهنة، أنا شاب يحاول أن يكون منظما في كل شيء واهتمامي بصورتي الخارجية مهم سواء في العمل أو الفن، لدي محل خاص أقتني منه ثيابي. * ماذا يقول عنك أصدقاؤك في الفرقة؟ ** يقولون "سامط" لأنني منضبط وأحب الجدية والعمل المتقن، وأحاول أن أكون مناجير الفرقة هنا في العاصمة كما فعلت دائما قبل مجيء مهدي لعفيفي، كما أحاول اتباع مناهج عصرية وجديدة في التعامل الفني. * جمهور "جماوي" من المراهقين والشباب الذين يقلّ عمرهم عن الثلاثين ألا يزعجك ذلك؟ ** الأعمار مختلفة وتختلف بحسب المنطقة، في تلمسان مثلا الجمهور يكون متنوعا، وفي الخارج أيضا، لكن معظم عشاق أغانينا من الشباب وهذا أمر يسعدني. * كلمة أخيرة توجهها لجمهورك.. ** انتظرونا هذه الصائفة بمفاجآت جميلة جدا.