احتفل، أمس، العمال الجزائريون بيومهم العالمي المصادف للفاتح من ماي من كل عام على غرار عمال العالم، إلا أن وضع العامل الجزائري رغم كل الجهود المبذولة ما يزال دون المستوى، خاصة على مستوى العمال لدى القطاع الخاص، حيث صار وضع هؤلاء أشبه بالعبيد منه إلى عمال. احتفل، أمس، العمال الجزائريون بيومهم العالمي المصادف للفاتح من ماي من كل عام على غرار عمال العالم، إلا أن وضع العامل الجزائري رغم كل الجهود المبذولة ما يزال دون المستوى، خاصة على مستوى العمال لدى القطاع الخاص، حيث صار وضع هؤلاء أشبه بالعبيد منه إلى عمال. بسبب لقمة الخبز.. عمال في منزلة العبيد لا توحي أشكال وهندام الكثير من العمال إلى ما ترسمه التقارير الرسمية عن وضعية العمال في الجزائر، ففي هذا اليوم الذي كان من المفروض أن يكون عطلة مدفوعة الأجر يوجد عمال لدى القطاع الخاص يعلمون فيه دون تعويض، وحتى دون تأمين. والأكثر من هذا، فإن ساعات العمل العادية التي يوضحها القانون تفرض على مستخدمي هؤلاء العمال أن تستخدم العمال 40 ساعة في الاسبوع، الا ان الكثير من العمال في القطاع الخاص يعلمون ساعات إضافية دون حتى أن ينالوا أجرا على ذلك مع نصف يوم عطلة في كل اسبوع، في مخالفة صريحة للقوانين المعمول بها. وإن كانت القوانين الجزائرية تكفل حقوق العمال وتضبط العلاقة مع مستخديمهم، فإن الجهل بالقوانين وطريقة استعادة الحقوق تقع حائلا دون تطوير مستوى العمال وتفرض عليهم في الكثير من الأحيان وضعا يشبه وضع العبيد مع أجر اقل من الأجر الوطني الذي اعتمدته الحكومة، ولا يتوانى اصحاب المؤسسات الخاصة في استغلال الشباب وحتى المتقاعدين في أعمال لا تناسب مؤهلاتهم ولا حتى تحترم الكرامة الإنسانية، ويكفي إطلالة مفاجئة لأي هيئة رقابية لمصانعنا التي يسيرها الخواص وحتى بعض مصانع القطاع العام، لنقف على حقيقة مذهلة ومأساوية أيضا لما وصل إليه حال عمالنا اليوم، فقد صار الجشع وحب التملك والسيطرة هو المعيار الذي تسير به المؤسسات الخاصة، بعيدا عن الرقابة وبعيدا عن اي محاسبة أو ملاحقة بعدما دخلت الإدارة كطرف آخر في معادلة المال والتحالف مع الإدارة من أجل ترك الأمر الواقع على حاله وعدم تحرك إيجابي يمكن من توفير شروط اقل ما يقال عنها عادية من أجل حماية العمال من الاستغلال البشع الذي يتعرضون له عبر مختلف المناطق في البلاد. بسبب قلة فرص العمل والبطالة والجهل بالقوانين.. عمال يرضون بكل شيء من أجل الحفاظ على مناصبهم ولعل الاستغلال المجحف للعمال في البلاد من طرف الخواص، يرجع بالأساس من قلة فرص العمل التي صارت هاجسا حقيقيا يؤرق العمال ويجعلهم في خشية دائمة من فقدان مناصب عملهم، ولعل تجربة البطالة التي مر بها الكثيرون والتي دامت لبعضهم سنوات، تجعلهم يخشون المغامرة في المطالبة بالحقوق أو إبداء الشكوى والتذمر من كل ما يتعرضون له من إهانات وسلب للحقوق، هذا بالإضافة إلى الأمية والجهل بالقوانين.. هذه القوانين التي لا توجد آلية يمكن من خلالها إيصالها للعمال، وحتى وسائل الإعلام لا تهتم كثيرا بمثل هذه الشؤون، إلا في حالات نادرة. ومما لا شك فيه، أن القوانين الجزائرية المنظمة لعلاقة العمال بمستخدميهم واضحة وتصب في صالح العمال في غالب الأحيان عند أي إخلال بالعقد، إلا أن التعسف الممارس ضد العمال يظل بلا عقاب من طرف العدالة، وهذا لعدم معرفة اغلب العمال لدى القطاع الخاص بحقوقهم، فالكثير منهم طردوا تعسفيا، ومنهم من أصيب إصابات خطيرة أثناء تأدية مهامه، إلا أنهم وجدوا أنفسهم في مواجهة المجهول بسبب عدم تأمينهم أو رفض الشركات التي تستخدمهم إعادة إدماجهم وتعويضهم، وهو ما يطرح التساؤل عن دور مفتشيات العمل وهل تعمل على التواصل مع العمال من أجل تعريفهم بحقوقهم وواجباتهم؟ ولأن الكثير من العمال هم أرباب أسر، فإن قبولهم بالشروط الدنيا للعمل يجعلهم في منأى عن الطرد، بالإضافة إلى تحمّلهم لكل أشكال التعسف والاستغلال في مقابل بقائهم في مناصب عملهم. وفي الوقت الذي كان من المفروض أن يكون الفاتح من ماي يوم عطلة للكثير من فئات العمال، باستثناء الفئة التي تحافظ على دوام العمل وهي فئة قليلة مثل الشرطة والقطاع الطبي والجمارك وغيرهم، إلا أننا وقفنا على أمر أقل ما يقال عنه إنه استغلال بشع في حق العمال، حيث وجدنا عدة مصانع للقطاع الخاص مفتوحة وتعمل بصفة عادية، حيث كان أول ورشة زرناها، ورشة خاصة بمستورد نوع من الثلاجات بمنطقة رويبة ببن شوبان، أين وجدنا العمال منهمكين في العمل، حيث أسر لنا بعضهم أنهم يعلمون من الثامنة صباحا إلى غاية الثامنة مساء، وأحيانا إلى التاسعة ليلا، مع حرمانهم من حقوق كثيرة ومع يوم واحد عطلة في الأسبوع، مع عدم تعويض ساعات العمل الاضافية. في ظل غياب مفتشية العمل.. نقص وسائل التحرك تجعلهم بعيدين عن المراقبة تضطلع مفتشيات العمل عبر الوطن بمهام كبيرة، أبرزها استقبال شكاوى العمال والموظفين من مختلف القطاعات، مع محاولة لإعادة الاعتبار للعمال. وفي حال عدم تسوية الوضعية، ترفع الأمور إلى العدالة، إلا أن ما يلاحظ على هذه المفتشيات هو نقص الوسائل المادية وحتى البشرية من أجل مراقبة ما يحدث في المصانع، وعدم وجود دوريات مفاجئة للوقوف على حقيقة ما يعانيه العمال، هذا بالاضافة إلى تواطؤ بعض مكاتبها مع بعض المؤسسات في طي ملفات الشكاوى، ولم نستطع الحصول على عدد معين للشكاوى المرفوعة ضد المؤسسات من طرف بعض العمال، إلا أن ما أبلغنا به أن عدد الملفات على المستوى الوطني يعد بالآلاف. أما الحالات التي لم يبلغ بها، فقد تفوق المبلغ عليها بأضعاف مضاعفة. وعن نوعية هذه الشكاوى، فتتعلق بالطرد التعسفي، عدم وجود تأمين، استغلال بعض العمال في وظائف لم ينتدبوا لها، وفي بعض الأحيان هناك اعتداءات جسدية والقذف ممثلا في السب والشتم، وفي بعض الأحيان حسب مصدر من مفتشية العمل بالعاصمة فإن العمال يفضلون التنازل عن قضيتهم ويهملونها بسبب بطء الإجراءات وطول مدة التقاضي التي تفوق في بعض الأحيان سنتين، هذا بالاضافة إلى الأتعاب القضائية ممثلة في مصاريف المحامين الواجب دفعها. الاحتجاجات العمالية.. حضور القطاع العام وغياب القطاع الخاص ما يلاحظ خلال مختلف الاحتجاجات العمالية، وخاصة في الشهور الأخيرة، هو أنها ممثلة من عمال القطاع العام، بينما يلاحظ غياب شبه كامل للعمال لدى القطاع الخاص، وهذا لا يعني أن الأوضاع في القطاع الخاص هي أفضل منها في القطاع العام، وإنما الخوف من عواقب هذه الإضرابات التي نتيجتها الطرد المباشر، على عكس ما هو موجود في القطاع العام الذي يحتمي العمال فيه بالقوانين، هذا بالإضافة إلى وجود نقابات قوية مستقلة وغير ذلك يمكنها التفاوض والتحدث باسم العمال واستعادة حقوقهم، الأمر الذي يطرح سؤالا آخر عن دور النقابة في القطاع العام، والجواب أنها غائبة في أغلب المصانع التابعة للقطاع الخاص بسبب القبضة الحديدية التي يمارسها الملاك ضد عمالهم، هذا فضلا عن محاولتهم تجهيل العمال بحقوقهم وعدم ترك أي فرصة لتأسيس نقابة يمكنها أن تعطي للعمال في القطاع الخاص حقوقهم وتحميهم من تسلط أرباب العمل، رغم وجود قوانين تحمي العمال في كل القطاعات.