برزت في الأيام الخيرة وعبر كافة أسواق مدن وسط البلاد، مؤشرات المضاربة والاحتكار تحسبا لشهر رمضان الكريم الذي لم تعد تفصلنا عنه سوى أيام قلائل حيث شرع العشرات من التجار و"سماسرة الأسواق "في شراء كميات كبيرة من المواد ذات الطلب العالي خلال شهر الصيام مثل التمور ومنتجات البحر وبعض انواع الخضر والفواكه بأسعار موسمية لإعادة بيعها عن طريق شبكة من الوسطاء بأضعاف أسعارها خلال الأسبوع الأول والثاني من رمضان، يحدث هذا في ضل تقاعس مصالح وزارة التجارة في أداء دورها الرقابي على مستوى أسواق الجملة الأمر الذي قوى شوكة المضاربين وشبكات الربح السريع للعمل أكثر على حساب المستضعفين من المواطنين . وقد كشفت لنا الجولة الاستطلاعية التي قمنا بها مطلع الأسبوع الجاري إلى سوق الخصر والفواكه ببلدية الكاليتوس بالعاصمة مدى تحكم هذه الشبكات في السوق وقد امتد نشاطها أيضا إلى الحقول حيث عمدت منذ أواخر الشهر المنصرم على شراء كميات كبيرة من مختلف أنواع الخضر مثلا "الجزر" و"القرعة" و"البصل" وكميات كبيرة أخرى من البطاطا بهدف التخزين . وقد كشفت لنا زيارتنا الاستطلاعية إلى السوق مدى تواطؤ بعض تجار الجملة في السوق وعدد من فلاحي منطقة "المتيجة "مع هؤلاء المضاربين لقاء هوامش ربح تقدر بالملايين . والغريب أن فرق المراقبة التي تحدث عنها وزير التجارة مصطفى بن بادة لا أثر لها في السوق وأيضا تصريحات زميله في الحكومة وزير الفلاحة والتنمية الريفية رشيد بن عيسى الذي تحدث عن استحداث أسواق جملة مؤطرة ومراقبة قبل نهاية السداسي الأول من العام الجاري والتي لا وجود لها إلا على الورق ليبقى المواطن أسير هذه الشبكات ويدفع ثمن تهاون مصالح كان من المفترض أن تحميه وترافقه خصوصا في شهر رمضان الكريم .
مسمكة العاصمة ودلس .. المضاربون يفرضون قانونهم
ولا يختلف ما يحدث في سوق الجملة الخصر والفواكه ببلدية الكاليتوس بالعاصمة عما هو حاصل في مسمكة العاصمة وميناء الصيد البحري بلدية دلس بولاية بومرداس حيث عمد الكثير من" بزناسية البحر" كما تطلق عليهم التسمية إلى شراء كميات كبيرة من منتجات البحر ونذكر سمك "السردين "و" السلمون" و"المحار" و"البوجا " بأسعار معقولة على البحارة والصيادين وذلك بهدف تخزينها وحفظها وقد اكتشفنا أن هذه الشبكات أصبحت تتمتع ب "ترسانة لوجستيكية " كبيرة ومعتبرة مثل غرف التبريد والتخزين والهدف دائما صرف السلع في بدايات رمضان بأسعار خيالية . والغريب أن سيناريو المضاربة يتكرر سنويا عشية الشهر الفضيل بمثل ما يتكرر خطاب السلطات العمومية التي تتحدث عن تشديد المراقبة والردع والشطب من السجل التجاري إلى غيرها من القوانين الردعية والعقابية لكن في الواقع لا تعدو هذه التصريحات أن تكون سوى خطاب لا يترجم في الميدان .
السماسرة .. الحلقة القوية بين المضاربين وتجار الجملة
استنتجنا خلال زيارتنا الميدانية إلى أسواق الجملة لمنتجات البحر والخضر والفواكه في العاصمة وبومرداس أن السماسرة هم الحلقة القوية في العمليات التجارية التي تتم بين المضاربين الذين لا يظهرون للعيان وتجار الجملة وعدد من الفلاحين على مستوى الحقول وتطلق عليهم أيضا "اليد الثانية "حيث يبرمون الصفقات في الخفاء نظير هوامش ربح تتراوح ما بين 60 إلى 100 الف دج للصفقة الواحدة بمعنى أن السمسار يتجه مباشرة إلى تاجر الجملة لشحن على سبيل المثال لا الحصر 3 شاحنات معبئة بحوالي 200 صندوق من" الجزر" إلى وجهة مجهولة مقابل عربون مالي يتراوح ما بين 15 و 20 ألف دينار وبعد أن يتسلم من التاجر المضارب السلعة يستلم أيضا ثمنها الإجمالي وهامش ربحه لدفع الحصة إلى للفلاح أو تاجر الجملة وهكذا دواليك بمعنى أن السماسرة أضحوا أحصنة المعارك في الأسواق وتتم هذه العمليات دون فوتره .
أسعار التمور مرشحة لبلوغ 500 دج في الأسبوع الأول من رمضان
رشحت مصادرنا على مستوى سوق الخضر والفواكه بالكاليتوس وأيضا بعض أسواق الجملة ببلدية الأربعاء بولاية البليدة أن يصل سعر اللكيلوغرام الواحد من التمور حدود 500 دج خلال الأيام الأولى من شهر رمضان بالنظر إلى المؤشرات العامة المرصودة في السوق حيث يتراوح سعره حاليا ما بين 300 و350 دج وتتحدث أخبار محلية واردة من ولاية الوادي وورقلة ومهما الولايتان الرائدتان في إنتاج هذه المادة على المستوى الوطني أن شبكات المضاربة قامت خلال النصف الثاني من شهر جوان المنصرم بشراء كميات كبيرة من مختلف أنواع التمور بما فيها نوع "دقلة نور" التي يتم تصدير 90 بالمائة من إنتاجها السنوي إلى الأسواق الخارجية وذلك بهدف المضاربة في رمضان. ويتساءل المواطن والحال هذه عن جدية السلطات في تعاطيها مع الملف التجاري في البلاد ولسان حاله يقول " نفس السيناريو ونفس الخطاب يتكرر عشية كل شهر رمضان والمواطن الزوالي هو الضحية أولا وأخيرا ".