هي ظاهرة عادت بقوة في المجتمع الجزائري تمثلت فى الاعتداءات الجنسية على القصّر ولعل الأرقام الرهيبة التى قدمتها مصالح الأمن خلال اليوم الدراسي الذي نظمته بولاية سطيف دليل على خطورة الظاهرة التى لا تمت بصلة لتقاليد وأعراف المجتمع الجزائري. "الأمة العربية" حاولت تشريح الظاهرة علميا ونفسيا من خلال التحقيق فيها ومعرفة أسبابها ودواعيها، حيث قدمت مصالح الأمن أرقاما مرعبة عن الظاهرة وطنيا وولائيا، إذ عرفت ولاية سطيف السنة الماضية هتك عرض 8 قصر، كما عرفت القضايا التي تصب في نفس المجال 168 قضية مختلفة، تمت معالجة 109 قضايا منها وتورط فيها 122 شخص وتم إيداع 63 منهم السجن. أما سنة 2007 فقد شهدت هتك عرض 10 قصّر، وفي القضايا الأخرى المتعلقة بالفعل المخل بالحياء ضد نفس الفئة فبلغت 112 قضية تورط فيها 179 شخص وأودع الحبس 99 منهم. وحسب أساتذة علم النفس وعلم الاجتماع الذين التقتهم "الأمة العربية"، فإن أسباب تفشي الظاهرة يعود بالدرجة الأولى إلى غياب التربية الجنسية التي تعتبر من طابوهات المجتمع، كما ساعدت وسائل التكنولوجيا على غرار الهاتف النقال والأنترنت وغيرها على تطور وتفشي الظاهرة في مجتمعنا بشكل رهيب. وحسب الدراسة التى قام بها الأستاذ نصير بقسم علم الاجتماع بالمركز الجامعي برج بوعريرج، فإن الضحايا من الأطفال يتراوح سنهم ما بين الرابعة والعاشرة غالبا، وقد تكون الممارسة بالمواقعة أو التقبيل أو التحسيس، وتتباين أعمار المعتدين وثقافاتهم وظروفهم الاجتماعية، ومعظمهم من المتزوجين أو كانوا متزوجين، وكثير منهم لهم أولاد، وأغلب الراغبين فى الأطفال البنات فوق الخمسين، وأغلب الراغبين فى البنات المراهقات بين سن 12 و15 سنة دون الأربعين، ومجال نشاطاتهم أطفال الجيران والمعارف وأحيانا الأهل الأقربين كأطفال الأخت أو الأخ أو الزوجة أو الأحفاد، وقد يعتدي المتعشق على أولاده القصّر إذا كان سكران، وعادة ما يبدأ ممارسته على فترات طوال حياته وتكسبه خبرة ومهارة في التعامل مع الأولاد وغوايتهم ووسائل التهديد المثلى التى يمكن اتباعها معهم حتى لا تفضحه ضحيته منهم، وقد لا ينفضح أمره قبل سنوات طويلة يظل يعيث فيها فساداً لا يدري به أحد، ويبلغ عمر المتعشق الأربعين فى المتوسط، وكثيراً ما يلجأ للعنف وهو يمارس انحرافه. والعنف قد يكون باللفظ، وقد يتخذ شكل الإيذاء البدني. وتقدّر نسبة الحالات التي يلحق الضحية فيها أذى بدني نحو خُمس الحالات المبلغ عنها، ويكون عدد البنات اللواتي يتعرضن للفعل الجنسي ضعف عدد الأولاد، وهناك فارق بين الاغتصاب وبين التعدي الجنسي على الصغار، والمغتصب بخلاف المتعشق للصغار ولو أن الإثنين يصدران عن شعور حاد بالنقص الجنسي وعدم الكفاءة لمباشرة النساء، خاصة أن ضحاياه من القصّر والأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة. والاعتداء على الطفل جنسياً من جانب البالغ تجربة انفعالية مدمرة بالنسبة للطفل، وتترك لديه مشاعر عنيفة بالذنب وقلقاً هائلاً، ويشعره بعدها بمزيج من الرعب والغضب، وإذا كان الطفل بنتاً قد تعجب بالمتعدي عليها وتتولّد لديها أخلاط من المشاعر تجاه الرجال والجنس، وينمو عندها الاستعداد للإصابة باستجابات القلق والفوبيا والاضطرابات الوسواسية، وينبغي على الآباء أن يكونوا على وعي بآثار هذه التجربة الصادمة في نفسية الصغير وأن يعملوا على حمايته من خوضها. ويبدو أن تجارب العلاج السلوكي قليلة جداً، والمنشور منها قليل أيضا، ومعظمه علاج غير مباشر يتوجه إلى تأكيد ثقة المريض في نفسه وتعليمه استجابات اجتماعية جديدة، غير أن الطرق المتبعة لم تنشر تفاصيلها بعد.